خفايا الانسحاب الأميركي من أفغانستان.. “مواجهة إيران بالأدوات لا بالمباشر”.

Whatsapp

نور الهدى جابر –  نيوز ليبانون

عادت في الآونة الأخيرة قضية أفغانستان الى الواجهة مرة اخرى، فبعد عشرين عاما من الوجود الاميركي هناك ، قرر الجيش الاميركي الانسحاب زاعمًا بأن مهمته انتهت .. المهمة التي بدأت إبان أحداث ١١ سبتمبر واتهام الرئيس الأميركي السابق ،جورج بوش، آنذاك تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق بما حصل.. والتي شاركت بريطانيا بدورها في غزو البلدين، رغم معارضة الملايين من شعبها للقرار، وندمت لاحقًا زاعمةً بأنها لم تحقق شيئًا وانها استعجلت المشاركة في الغزو.

اليوم وبعد قرار الانسحاب بدأ النزاع يتفاقم بين الحكومة الأفغانية من جهة وحركة طالبان من جهة أخرى ، طالبان التي سيطرت بين ليلة وضحاها على ٥ ولايات تلاها السيطرة على العاصمة كابل، الأمر الذي عجل بالانسحاب الاميركي وبمغادرة الرئيس الأفغاني وعائلته البلاد.

علامات الاستفهام كثيرة هنا، فلماذا قررت أميركا الانسحاب الآن وكيف سيطرت طالبان على أفغانستان بهذه السهولة وما علاقة روسيا ؟ ولماذا تقف أميركا مكتوفة الأيدي في الوقت الذي كانت المحارب الأول لطالبان؟ والسؤال الأهم لما اطلقت القوى الاميركية النيران على المنظمات المدنية والجمعيات العابرة للحدود ،عندما أرادوا اللحاق بالاميركان ومغادرة أفغانستان، بغية تفريقهم ؟

لا يُخفى على أحد أن طالبان والقاعدة هما صنيعتا الإدارة الأميركية وشركائها باعتراف هيلاري كلينتون ،وزيرة الخارجية الأميركية، اذًا محاربتهما كانت حجة لتبرير الغزو الأميركي ، واكبر مثال على ذلك تزايد أعداد الحركة واكتسابها خبرات قتالية جديدة وأسلحة متطورة وسيطرتها على قواعد الاشتباك بسرعة قياسيّة ، فمن كانت تحارب اميركا إذًا طوال هذه السنين!

اليوم وبالعودة إلى عقدين من الزمن تكمن فرضية أن أحداث سبتمبر كانت مسرحيّة هزليّة لاعطاء أميركا وحلفائها تبريرًا لغزو العراق وأفغانستان والسبب أنه ليس من صالح الدول الخارجية أن تنعم آسيا الوسطى بالاستقرار ، وأن تتطور وتستفيد من خيراتها الطبيعية وأهمها النفط.

ناهيك عن الحصار غير المباشر لايران، الخصم اللدود لأميركا، حيث تقع الدولتين العراقية والافغانية على حدودها.

اذًا قرار الانسحاب اليوم ينبئ بأن مصلحة أميركا تكمن بالمغادرة وعدم الوجود المباشر لها ، خاصة بعد إطلاق النيران على مديري وأفراد الجمعيات المدنية (NGO) والمنظمات العابرة للحدود إبان وصولهم الى مطار كابول بغية مغادرة البلاد مع الاميركان والواضح ان لا حاجة للدول الممولة لهم بعد الآن، رغم انفاق ملايين الدولارات عليهم ( ٢٠ مليار دولار خلال ١٠ سنوات).

هذا وإن دلّ على شيء يدلّ على أن أميركا تسعى عبر هذا الانسحاب وتسليم مقاليد الحكم بشكل سلمي لحركة طالبان الى إلغاء حجة القتال ضد الاحتلال الأمريكي وهذا ما تمثل في سحب رئيس البلاد ودفعه الى المغادرة دون القتال وبهذا تكون الاستخبارات الامريكية قد تركت خلفها أداة تعطيل وعداء لايران وروسيا لتقف في وجه خط الحرير الذي تعمل عليه الصين منذ سنوات والذي يربط السوق الايرانية بأوروبا وشرق آسيا وتشكل أفغانستان لاعبًا أساسيًّا فيه خصوصا بعد خسارة الخيار السوري بعد ١٠ سنوات من الحرب الدامية.

أما فيما يخص الموقف الروسي فهو مثير للجدل اذ صرحت الخارجية الروسية أن الاعتراف بـ “طالبان” سيعتمد على سلوكها ومن غير المعروف غاية الروس من هذه القرارات الساعيّة منذ التدخل في سوريا إلى الحصول على منصة في آسيا الوسطى وهل ستعترف حقا بطالبان ام انها تمهّد لغزو أفغانستان هي الأخرى؟

هذه التصريحات تبيّن بأن صورة طالبان بدأت تتحسن لدى بعض الدول خاصة بعد زعم الأخيرة تغييرها بعضًا من سياستها واعتمادها شيئًا من الدبلوماسية في تعاطيها مع الشعب ودول الجوار لاضفاء الشرعية على حكمها للبلاد في الايام القادمة.

ختامًا التعليمات واضحة اذًا لعدم سفك الدماء، والدور هو فقط الوقوف في وجه ايران دون مواجهة مباشرة مع امريكا، ومواقف طالبان، منذ السيطرة على القصر الرئاسي ،خير دليل على ذلك، المواقف التي تكفل حرية الشعائر والعيش المشترك وأن الحكومة ستكون ديمقراطية مع الالتزام بعض الشيء بالشريعة الدينية وهو ما يُعارض تمامًا ميثاق طالبان الشبيه بالقاعدة وداعش والنصرة منذ تأسيس الحركة، وتبقى الأمور رهن الأيام القليلة القادمة لينكشف بعد تشكيل الحكومة الانتقالية للحركة كلام الحق هذا أي باطل يراد له للدول الاسلامية.

حتى الآن معالم الصورة النهائية غير واضحة والمشهدية الاخيرة قيد الانشاء ولكن هناك أمر واحد مؤكد، بأن خيرات البلدين (العراق وأفغانستان ) قد نُهبت.

والسؤال هنا هل ستستنزف أمريكا ما تبقى من أفغانستان عبر طالبان وتكون الاخيرة أداة لها خاصة بعد رغبة طالبان تحسين العلاقة مع ايران ولماذا يعمد البعض إلى تصوير طالبان على أنها انتصرت على الجيش الأميركي في معركة الحصار بعد ان كانت الحركة قد تلاشت الى حد الاندحار في السنوات الاخيرة ؟

تابعنا على فيسبوك 

Whatsapp

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن