هل يعقل أن يؤدي «تدوير» سيارة أمام محل إلى جريمة؟ أو أنها قلوب «مليانة»؟

جريمةللأسف ما حصل في بلدة الدوير الجنوبية من جريمة بشعة أودت بحياة حسين رمال فوراً، وأسامة قبيسي الذي أصيب ونقل إلى مستشفى الشيخ راغب حرب ثم فارق الحياة، وإصابة ابنه بلال، يؤسس لمرحلة خطيرة من الأمن الاجتماعي المتفلت الذي يحكمه سلاح الغضب، الغضب الذي دفع بأحمد قانصو لقتل حسين وأسامة وجرح بلال لأسباب تافهة.

هي الجريمة الثالثة التي تقع في بلدة الدوير نتيجة السلاح المتفلت، وفي كل مرة يذهب أحد المواطنين «فرق عملة»، وآخرهم الشاب حسين رمال، وقضى جرّاء إصابته في بطنه بـ7 طلقات من سلاح رشاش وجّهه صوبه أحمد قانصو. مات حسين فقط لأنه ذهب لفضّ إشكال تافه وقع على خلفية «تدوير» د. دينا قبيسي سيارتها أمام محلات أحمد قانصو في الدوير، ما دفع بالأخير إلى التهجم عليها وصفعها، وسرعان ما تطور الإشكال إلى إطلاق نار، أودى بحياة رمال وإصابة والد دينا أسامة قبيسي وشقيقها بلال وكانت حالة أسامة حرجة فلم يستطع الصمود وتوفي لاحقاً متأثراً بإصابته.
لم تستفق الدوير بعد من أول كارثة قبل عام ونصف تقريباً، خلاف وقع بين آل حطيط ذهب ضحيته شاب من العائلة، وذيول الحادثة ماثلة أمام أهالي البلدة الذين لم يستوعبوا بعد ما حصل، ولا كيف لإشكال تافه أن يتحول جريمة هزت، ليست فقط الدوير، بل المنطقة برمتها.
قرابة الواحدة ظهراً تقريباً، سمعت رشقات نارية في بلدة الدوير، كان حسين رمال يجلس في محله لبيع المياه، وهبّ لمعرفة السبب وفضّ الإشكال، فالمتعارف عليه أنّه «حلّال المشاكل»، لكنه لم يكن مدركاً أن حياته ستكون على المحك. وصل حسين بحسب شهود عيان، إلى مكان الإشكال، حيث كان أحمد قانصو يطلق النار على جيرانه من آل قبيسي، حاول وقف الأمر، استطاع أن يسحب آل قبيسي من المشكل غير أن قانصو كان له بالمرصاد، أطلق النار عليه عمداً كما يقول عمه علي رمال الذي كان بصحبته، «رأيته كيف أطلق النار بدم بارد، رغم أن لا خلاف ولا عداء»، يبكي بحرقة ويقول «ذهب حسين لحل الخلاف، اجتاز عدة أمتار ليقطع المسافة ولكن قانصو قتله عمداً، رماه بـ7 طلقات من دون أن يرفّ له جفن».
هو السلاح المتفلّت الذي احتلّ واجهة جريمة الدوير، السلاح الذي يخرج الى العلن عند أول ردة فعل على خلاف وعصبية وما شابه، ويضعه علي بسلة الدولة اللبنانية التي تركت الناس على «حل شعرها»، ولم تضع يوماً قانون جزاء يوقف الفاعل عند حده. ما يحرق قلب العم أن حسين الأب لثلاثة أولاد ما زالوا صغاراً ذهب ضحية هذا السلاح وعصبية الشخص.
يجمع الكل على أن ما حصل في الدوير إشكال فردي، إشكال تحول جريمة بشعة حوّلت البلدة كتلة نار تغلي، ولن يخفض لهيبها سوى توقيف المجرم وإعدامه، وفق ما يؤكد العم.
بين منزل الضحية رمال والجاني قانصو مسافة شارعين تقريباً، في مكان الجريمة تقف عناصر من مخابرات الجيش تجمع الأدلة، بقع الدم تروي حجم المأساة، هنا للحكاية عمق آخر. يروي عماد حطيط ما حصل، يقول إن الخلاف وقع حين كانت ابنة أسامة قبيسي تقوم بـ»تدوير» سيارتها أمام محال أحمد قانصو، ما أغضب الأخير فتلاسن معها ثم صفعها على وجهها، ما دفعها للشكوى لدى زوجها الذي كان يتناول الترويقة مع أسامة قبيسي وعائلته، وفق حطيط فإن الزوج طلب منها تقديم شكوى لدى مخفر الدوير، غير أن الأب خرج لمواجهة قانصو، فوقع الإشكال.
بحسب المعلومات فإنّ شبّاناً من بلدة الشرقية أتوا لمؤازرة قبيسي وأطلقوا النار على منزل قانصو ما دفعه الى إطلاق النار وإصابة أسامة (إصابته حرجة للغاية وتوفي لاحقاً) وابنه بلال وقتل حسين رمال (43 سنة) قبل أن يفرّ الى جهة مجهولة.
يجزم حطيط أن ما حصل خطير، فهي الجريمة الثالثة في الدوير، «وفي كل مرة تكون تافهة ونخسر خيرة شبابنا، بسبب سحب السلاح».
لا أحد ينكر حجم الغضب الذي يسيطر على الدوير، دوريات مؤللة من الجيش اللبناني تجول في البلدة وشوارعها بحثاً عن قانصو، في منزل الضحية حسين رمال وحده الحزن سيد الموقف، الغضب يتكلم، هنا الحديث عن الجريمة وأسبابها، «معقول مشكل تافه يولد جريمة؟ لهون وصلنا»؟ هل الغضب يدفع للقتل «اذا وصلنا الى هنا، وقتها المجتمع بخطر» وحده القانون والضرب بيد من حديد يوقف النزف الجرائمي الذي بات يتهدد القرى، إذ لا يعقل ان يكون السلاح حاضراً في أي مشكل، على الدولة وضع حدّ له.
هنا الكل يرفض ما حصل ويستنكره، لأنه يزيد الشرخ بين عائلات البلدة. تبكي والدة حسين ابنها، «راح فرق عملة»، تصرخ بصوت متأجج « قتل بدم بارد، فقط لأنه ذهب لفضّ المشكل»، ما زالت سيارته متوقفة أمام منزله الملاصق لمحله، حولها يتجمّع الشبان، الكبار، عند شرفة منزله تقف النسوة يبكينه، مستغربات ما حصل، أما شقيقه بلال فما زال مصدوماً، «راح خيي ليوقف مشكل مات»، وأكثر «حسين الادمي اللي بيوقف حد الكل تقوص هيك»، ما يريده بلال «الاقتصاص من المجرم الذي نفذ جريمة ثلاثية وهرب، تاركاً خلفه حالة غضب لن يهدئها هذه المرة إلا حكم الإعدام، إذ يرفض الكل أن يمرّ الأمر مرور الكرام، وأن يتم التساهل في الحكم، وحده الإعدام يبرد الغضب قليلاً، أما توقيت تشييع حسين فيتوقف على ما سيحمله الليل من تطورات خصوصاً بعد وفاة قبيسي الذي زاد المأساة حزناً والوضع تأزماً.
رمال جوني

تابعنا على فيسبوك

Telegram

Whatsapp

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن