تعيش السعودية حالة من التناقض الواضح والتوتر في علاقتها الخارجية سواء على المستوى الاقليمي والدولي، حيث تستمر في الزعم بدعمها للهدنة مع اليمن، بينما تستغل زيارة الرئيس الامريكي المرتقبة لتبييض صفحتها امام العالم.
ما ان اعلن عن تمديد الهدنة الانسانية بين اليمن وتحالف العداون بقيادة السعودية لشهرين اضافيين رحبت العديد به الدول والمنظمات الانسانية، فيما دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان إلى تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار وإيقاف الحرب المستمرة منذ نحو ثمانية أعوام.
تلك الهدنة يسعي تحالف العدوان بقيادة السعودية لاستغلاها حيث تريد السعودية ان تقي نفسها الضربات اليمنية الموجعة التي كبدتها خسائر عديدة، كما تسعى من وراءها الى تبيض صورتها امام العالم على اساس انها داعمة للسلام في المنطقة. لكن الحقيقة ان للسعودية اهداف خفية وراء هذه تمديد هذه الهدنة.
اذ تستمر السعودية في اجراء المناروات العسكرية البرية والجوية بهدف تعزيز الجاهزية القتالية واكتساب المزيد من الخبرة الميدانية ،حيث بدأ التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات بين وحدات عمليات فردية من السعودية والقوات البرية الفرنسية في منطقة “سانتول الشمالية 2” و فرنسا. بالاضافة الى التدريب المشترك بين القوات الجوية السعودية – المصرية المشتركة (فيصل – 12) وتنفيذ عدد من الطلعات الجوية الهجومية والدفاعية بمشاركة تشكيلات من أحدث المقاتلات متعددة المهام لكلا الجانبين.
هذا الامر كان واضح للجانب اليمني وعبر عنه وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر العاطفي الذي اكد أن تحالف العدوان يقوم خلال الهدنة بإعادة ترتيب أوضاع أدواتها، متوعدا المعتدين وأذنابهم بأن مخططاتهم سيكون مصيرها الفشل، مشيرا إلى قدرات القوات المسلحة اليمنية في مجال تصنيع أسلحة الردع الاستراتيجية الجوية والبحرية والبرية.
كما حذر عضو المجلس السياسي الاعلى في اليمن محمد علي الحوثي من ترتيبات يجريها التحالف لإثارة القضايا القبلية خلال الهدنة، وشدد الحوثي في تغريدة على ” تويتر” على رئيس وأعضاء اللجان التنسيقية، والمسؤولين، والمشائخ، والشخصيات الاجتماعية بمتابعة الحلول وتقديم مقترحات حلول ودية للقضايا بين الاطراف ونبه المواطنين الى ضرورة التسلح بالوعي.
الى ذلك يستمر تحالف العدوان السعودي في خرقه المتواصل لبنود الهدنة الانسانية الامر الذي ادانته اليمن، وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء مهدي المشاط ، أن الإلغاء المتكرر للرحلات الجوية المقررة في بنود الهدنة الإنسانية عبر مطار صنعاء الدولي يشكل تنصلاً واضحاً من تحالف العدوان عن مقررات الهدنة. بالاضافة الى استمرار مسلسل جرائم التقطعات التي يرتكبها تحالف العدوان ومرتزقته في المحافظات اليمنية.
العدوان على اليمن كان احد الجرائم السعودية التي عبر الرئيس الامريكي الحالي جو بايدن خلال حملته الرئاسية عن رفضها وشدد على ضرورة محاسبة السعودية وعدم دعمها في الجرائم ضد الانسانية والحريات. لكن يبدو ان هذه التصريحات ستذهب في مهب الريح مع الاعلان عن زيارته المرتقبة للسعودية.
حيث تعد زيارة بايىن المرتقبة للسعودية بمثابة تحول دراماتيكي في سياسة بايدن تجاه السعودية فقد تعهد بجعل المملكة العربية السعودية”منبوذة” بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في تركيا. وهو ما عبر عنه مسؤول في البيت الأبيض قائلا إن الولايات المتحدة لن تتغاضى عن السلوك الذي حدث قبل رئاسة بايدن، لكن “من المهم أيضا إعادة توجيه (مسار) العلاقات مع السعودية وليس قطعها”.
تغير اللحن الامريكي تجاه السعودية يعود في حقيقته لان الهدف المرجو من تلك الزيارة هو التحضير للاعلان الرسمي عن التطبيع مع كيان الاحتلال، فالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي سيكون ثمن لقاء الرئيس بايدن بولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وهو الامر الذي تركة السعودية حيث تستخدم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي كورقة مساومة لاستعادة وضعها المميز في واشنطن، كما يستخدم ابن سلمان النفط كسلاح للضغط على إدارة بايدن من أجل تحسين صورته والتمهيد لاعتلائه العرش، خاصة ومع الحرب في أوكرانيا والارتفاع العالمي في أسعار الطاقة، يخوض ولي العهد محمد بن سلمان مفاوضات من موقع قوي من الناحية الاقتصادية، ولكنه ضعيف من الناحيتين السياسية والعسكرية، الامر الذي يواجه الرئيس الامريكي بالضغط المماثل للحصول على مراده وهو الاسراع باعلان التطبيع الرسمي ليكون اخر تصريحاته انه لم يتخذ قرارا نهائيا حتى الآن بشأن زيارته المحتملة للسعودية ليترك المجال مفتوحا يتبع كلاهمها سياسة الضغط المتبادل.
المؤكد ان قيام بايدن بهذه الزيارة وتصرفاته الأخيرة وقراراته فيما يخص السعودية و بن سلمان، ستضرب مصداقيته بشأن ادعائه أيام السباق الرئاسي أنه سيحاسب قتلة الصحافي السعودي المغدور خاشقجي كما ستثبت أن ولي العهد كان على حق، بانه يمكنك فعل أي شيء والإفلات منه إذا كان لديك شيء تحتاجه واشنطن.
قم بكتابة اول تعليق