جاء في صحيفة الأخبار:
غادر السفير السعودي وليد البخاري بيروت، نهاية الأسبوع الماضي، إلى الرياض في زيارة لـ«أخذ قسط من الراحة» بعد انتهاء الانتخابات النيابية، بحسب ما نقلت عنه مصادر مطلعة. لكن معلومات توافرت لـ «الأخبار» أشارت إلى أن «زيارة النقاهة» تأتي بناء على استدعاء من الرياض لـ«التشاور»، وأن السلطات السعودية تدرس احتمال تعيين سفير جديد في العاصمة اللبنانية ربطاً بنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي لم تأت على قدر آمال المملكة
في آذار الماضي، عاد وليد البخاري إلى لبنان بعد أكثر من عام على الغياب إثر الأزمة التي افتعلتها الرياض مع بيروت على خلفية تصريحات لوزير الإعلام السابق جورج قرداحي حول الحرب السعودية على اليمن. بدا جلياً، يومها، أن عودة البخاري مرتبطة بالانتخابات النيابية حصراً، ولا تتعلق بانفراج في العلاقات اللبنانية – السعودية. وهو ما اتضح من نشاطه المكثف لاحقاً. منذ عودته، وحتى الانتخابات، تصرف البخاري كـ «مندوب سام»، خارقاً كل الأعراف والأصول الديبلوماسية.
استدعى إلى دارته رؤساء سابقين وسياسيين وقادة أجهزة أمنية ورجال دين ورؤساء الجامعات اللبنانية وشيوخ عشائر وصحافيين وكتبة تقارير، وقام بجولات انتخابية في المناطق، وتدخل في تركيب لوائح وفي سحب مرشحين من لوائح وإدخال آخرين في أخرى… وغرّد، هو المعروف بهوسه بـ«السوشيال ميديا»، حول كل تفصيل يتعلق بالداخل اللبناني، محرضاً على المقاومة وموجهاً إهانات شخصية لقادة وسياسيين لبنانيين.
المهمة الأساسية التي أخذها البخاري على عاتقه لملمة بقايا 14 آذار حول سمير جعجع والتقريب بين الأخير والنائب السابق وليد جنبلاط ليخوض هذا الفريق الانتخابات موحّداً في وجه حزب الله. وتؤكد مصادر أن دوائر سعودية حذّرت في حينه، بعد دفع الرئيس سعد الحريري إلى تعليق مشاركته في الانتخابات، من مغبّة «مسح» الطائفة السنية لمصلحة رئيس حزب القوات. إلا أن البخاري، على ما يبدو، تمكّن من ترويج رأيه في الرياض بأن جعجع هو الأقدر على مواجهة حزب الله، خصوصاً بعد «معمودية النار» التي قدّمها رئيس القوات في مجزرة الطيونة.
هكذا أغدق المال الانتخابي على القوات، ومارس ضغوطه على مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان لحض الطائفة السنية على المشاركة الكثيفة في الاقتراع، وتبنّى تمرّد فؤاد السنيورة ورفاقه في التيار الأزرق على الحريري.
عشية الانتخابات، في 14 أيار، غرّد البخاري «من ظن أن الباطل سينتصر على الحق، فقد أساء الظن بالخالق سبحانه وتعالى». ولم تكد عمليات الفرز تنتهي حتى أعلن سمير جعجع «النصر» بفوز حزبه بالكتلة الأكبر وبالأكثرية في المجلس، ومثله البخاري الذي تبنّى «الانتصار» وجيّره لنفسه، فغرّد في 16 أيار «النصر لا يأتي بالجرأة على الموت بل بالجرأة على الحياة»، وأتبعها بـ«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم»… قبل أن تظهر أولى جلسات المجلس، أول من أمس، أن القوات اللبنانية التي احتكرت تقريباً التمويل الانتخابي السعودي لم تكن قادرة على إيصال مرشح إلى موقع أمانة السر في مجلس النواب.
معلومات عن احتمال تعيين الرياض سفيراً جديداً في لبنان بعد «النكسة» الانتخابية
وعلمت «الأخبار» أن لبنانيين على علاقة وثيقة بالسعودية أثاروا مع المسؤولين السعوديين، أخيراً، أداء البخاري إبان الانتخابات، وسألوا عن جدوى «وضع كل البيض السعودي في سلة سمير جعجع»، وعمّا حقّقته هذه السياسة «رغم الأموال التي أُنفقت من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، سوى خروج الطائفة السنية ممسوحة من شبعا إلى عكار، ومن عرسال إلى البقاع الغربي».
وبحسب المصادر نفسها، فإن البخاري، لتغطية إخفاق خططه في الانتخابات، كان وراء الحملة المكثفة التي شنتها صحيفة «عكاظ» السعودية أخيراً على الحريري وحمّلت فيها إدارته السياسية مسؤولية تعاظم قوة حزب الله.
قم بكتابة اول تعليق