رأى وزير الزراعة عباس الحاج حسن أن الأزمة الأوكرانية -الروسية ترخي بثقلها على واقع الأمن الغذائي العالمي التي أصابت العالم جراء ارتفاع أسعار الوقود والمواد الأساسية، ولبنان كباقي دول العالم تأثر بشكل مباشر لأنه يستورد من دولتي روسيا وأوكرانيا كميات كبيرة من القمح تصل الى 60% مما يستهلكه السوق المحلي، وسوف لن نكون أمام أزمة أو ندرة لمادة الطحين، لأننا نعمل كحكومة ووزارات على توافر الكميات المطلوبة من القمح خلال أسبوع أو أسبوعين من الآن، وهو ما أكده وزير الاقتصاد ووضعه من معطيات أمام الحكومة أنه لن تكون هناك أزمة طحين لأن الكمية الموجودة في السوق تكفي لشهر ونصف.
وأعلن الحاج حسن في تصريح لـ«الأنباء» ان هناك شحنات من القمح ستأتي من عدة دول ولقد تواصلنا من خلال وزارة الاقتصاد مع أميركا، وكندا، وأستراليا والهند. والسؤال اليوم لا يتعلق بالتكلفة بل بتأمين القمح الذي هو منتج إستراتيجي وحيوي، ولا شك أننا أمام أسعار مرتفعة ولكن علينا تأمين حاجة السوق المحلي من القمح. وأنا أطمئن أنه لا خطر على الأمن الغذائي في لبنان.
وأشار الحاج حسن الى أن لبنان يستورد القمح من روسيا واوكرانيا بنسبة لا تقل عن 700 ألف طن سنويا، والجهود منصبة اليوم لعدم الوصول الى مرحلة يفقد فيها الخبز الذي هو القوت اليومي للبنانيين مثله مثل باقي دول العالم.
وأكد أن لبنان قادر من الآن ولأربع سنوات قادمة على تأمين ما لا يقل عن 60% من حاجته من القمح الطري وهذا ما أكدته مراكز الدراسات التابعة لوزارة الزراعة من أن الأرض اللبنانية صالحة لزراعة القمح الصلب كما القمح الطري، وبدأنا بالفعل العمل على وضع خطة وطنية للقمح زراعة وإنتاجا ودعما، ولم يبق سوى وضع الآلية التي ستربط المزارع بالدولة من خلال وزارة الزراعة أو الاقتصاد، وعندها نصبح قادرين على إدارة هذا الملف كما كان يدار في السابق.
وأشار الحاج حسن الى أن هناك فلسفة موجودة في السوق تقول بأن الأرض اللبنانية غير صالحة لزراعة القمح الطري وأن هذه الزراعة غير مجدية، هذا طرح عقيم، وعليه أقول أنه بإمكاننا إنتاج القمح الطري من خلال تأصيل البذور بالشراكة مع بعض المنظمات العربية والدولية كمنظمة «أكساد» و«ايكاردا» اذا يمكننا انتاج ما لا يقل عن 60% من حاجة لبنان الاستهلاكية.
وأعلن الحاج حسن أن لجنة الطوارئ الوزارية لمواكبة موضوع الأمن الغذائي بصدد الكشف على المخازن التي سيتم تخزين القمح الذي نحن بصدد استيراده من الخارج وسعة هذه المخازن 400 ألف طن وهو رقم كبير جدا بالنظر الى ما يحتاجه السوق المحلي وهو 50 ألف طن اي يكون لدينا فائض لا يقل عن أربعة أشهر.
وأشار الحاج حسن الى أن ارتفاع أسعار الدواجن والبيض واللحوم مرتبط اولا بالأعلاف وثانيا بمدخلات هذا المنتج لأن هناك المحروقات والمازوت التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني ومرتبط بسعر صرف الدولار على العملة الوطنية، كل ذلك ترك أثره السلبي على المستهلك الذي بات أمام أسعار لا تحتمل.
وسأل الحاج حسن لماذا نرتهن للخارج وللسوق العالمية، الا يمكن لنا أن ننتج الأعلاف والمواد الأولية التي تدخل في أعلاف السمك والدجاج والأبقار، الجواب نعم، ولكن هل يمكن لأي دولة في العالم أن يكون لديها اكتفاء ذاتي من الأعلاف، ففي منطقة الشرق الأوسط لا توجد اي دولة، لأن هناك الصويا والذرة والنخالة وهذه يمكن توفيرها والذرة وحده بنسبة 70% إنما لا يمكن توفير الصويا، وبالتالي علينا الاعتماد على المنتج الخارجي، مع الإشارة الى أن الأعلاف باتت تدخل كبورصة عالمية لأن سعرها عالمي ويتحرك بتحرك الأزمات حول العام ويتأثر بموضوع الاستقرار.
وقال الحاج حسن ان لبنان عانى من أزمات أكبر من الأزمة الحالية وعاد كطائر الفينيق وهي الأزمة الأصعب. وسيخرج منها لأسباب عديدة وقد يكون من المفيد جدا ان تشرح اليوم او في الأيام القادمة. والجميع داخل الحكومة وخارجها يعتبر نفسه مسؤولا عن ملفات السلة الغذائية والأمن الغذائي ويتحدث لغة واحدة وهي كيفية تأمين القمح والاساسيات من المنتجات الغذائية للبنانيين، ولن نصل الى درجة من التعقيد تدفع بنا للقول ان الأمر ميئوس منه ابدا. وعلينا بتضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية بعيدا عن التنافر السياسي للوصول الى بر الأمان الذي ليس ببعيد. واليوم نسير في الاتجاه الصحيح فالانتخابات في موعدها وهي رسالة واضحة للمجتمع الدولي اننا كدولة قادرون على إجراء هذا الاستحقاق الذي يريده الجميع في الداخل والخارج، والتأسيس للشراكة وعودة الثقة بالوطن ومعه تعود الثقة الى كل قطاعاته بدءا بالقطاع المصرفي وصولا الى قطاع التجارة والصناعة والسياحة.
ورأى أن لبنان يعاني من مشكلة أساسية واستراتيجية وهي غياب التخطيط ولو كان هذا موجودا لا نقع في الأزمات، وتوصيفنا للحالة التي نحن فيها بحد ذاته انتصار من خلال معرفتنا مكمن الخلل وباستطاعتنا ذلك كدولة راعية، وأعتقد أن تلافي الخلل منذ الأشهر الستة الأولى للحكومة الى اليوم بات واضحا أن هناك خارطة طريق ويجب أن نصل الى الأهداف.
وأكد أن المجتمع الدولي والهيئات الدولية وكل الهيئات المانحة تريد مساعدة لبنان لأن الأزمة باتت صعبة ونحن أمام خيارين إما مساعدة لبنان أو انفجار اجتماعي، فالبنك الدولي والمجتمع الدولي يريد مساعدتنا وهناك تفاوض مع الحكومة، وكل المنظمات الدولية تقول نحن بصدد مساعدة لبنان لكن نريد منه اشارات حول الاصلاحات المطلوبة، وترميم الثقة، والتهدئة السياسية، وهذه الاشارات الثلاث تم البدء بها فعليا وأول مدماك أساسي فيها هو تأكيد كل القوى اللبنانية على اجراء الانتخابات في موعدها وهذا يدل على أننا تخطينا أصعب مرحلة من مراحل الترهل الاقتصادي والأزمة الاقتصادية الخانقة، لا أقول خرجنا انما تخطينا أعلى درجة من درجات الأزمة وسنجد أنفسنا في الطريق الصحيح وأمام المخارج الكفيلة بعودة الأمور الى ما كانت عليه، والتعافي لن يأتي بعام او عامين، والمهم ان تكون هناك ثقة داخلية وثقة بين الداخل والخارج.
المصدر: جريدة الأنباء الكويتية
قم بكتابة اول تعليق