أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه “مستمر في رئاسة الحكومة”، موضحًا أن “الحكومة لا تعمل حاليًا كمجلس وزراء، ولكن تعمل كحكومة تنفيذية تقوم بالاجراءات التنفيذية كاملة، كما أقوم شخصيا بالتنسيق الكامل مع كل الوزراء من أجل سلامة العمل”، مؤكدًا “أن مجلس الوزراء سيجتمع قريبا”.
وأكد في مقابلة مع وكالة “أنباء الشرق الأوسط” المصرية، أنه وافق “على تشكيل الحكومة في هذا التوقيت الصعب، نظرًا للظروف الصعبة التي كانت تعيشها البلاد في ظل حكومة مستقيلة ومحاولتين لم تكتملا لتشكيل الحكومة، إحداهما قام بها رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري – وذلك بالتزامن مع مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة”.
وتابع: “في النهاية هذا الوطن يهمنا جميعا، ويوجد شخص عليه أن يحمل كتلة النار، فعندما رشحني زملائي في نادي رؤساء الحكومة السابقين، ترددت جدا في البداية لأنني أعرف أنها مهمة صعبة، إن لم تكن مستحيلة، ولكن قبلت لأننا لا يمكننا أن نلقي بالبلد إلى هذا الشلل لأننا لا نجازي إلا أنفسنا، وأن نعمل شيئا أفضل من ألا نعمل”.
وأوضح أن “الحكومة لم تأت لتعويم شخص، ولكن لتعويم البلد واستقراره أمنيا اجتماعيا”، معلنًا أنه “يعي حجم المسئولية وضخامتها ومخاطرها ولكن في النهاية، يوجد شخص يجب ان يقول سأخوض هذه المرحلة الصعبة”، معتبرًا أنه “لا يملك العصا السحرية لحل التحديات التي تواجه لبنان، ولن يستطيع أن يقوم بالمستحيل، ولكنه سيقوم بأقصى جهد لوقف الإنهيار التام ولإنجاز الاصلاحات خلال فترة زمنية معنية”، موضحًا “أن الحكومة حاولت منذ يومها الأول تأمين الأشياء الأساسية فقضت على طوابير الذل، وهدفي الأول وقف الإنهيار التام”.
وحدد ميقاتي أولويات حكومته بثلاثة أمور، “أولها إنجاز المباحثات مع صندوق النقد الدولي، والتوصل لاتفاق مع الصندوق ليس خيارًا، لأنه تأشيرة لفتح الأبواب لكل الصناديق الدولية، لإعادة النظر والتعاون مع لبنان”، مضيفًا: “الموضوع الثاني هو انتاج الكهرباء، والحكومة أمامها تحديا كبيرا بزيادة التغذية الكهربائية بشكل عاجل وإيجاد حل طويل المدى لهذه الأزمة”. وتابع: “الأولوية الثالثة تتمثل في إجراء الانتخابات النيابية، والانتخابات موضوع أساسي ومفصلي، بالنسبة للبنان واستحقاق دستوري، والاستعداد لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة، وفي وقتها من دون أي ثغرة”.
وأعلن ميقاتي عن “حرصه على التعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وفقا للدستور”، لافتًا إلى أن “السلطة التنفيذية لكي تنفذ عملها عليها أن تكون على تنسيق مستمر مع رئيس الدولة حتى تنجح المهمة”، مؤكدًا أن “السلطة التشريعية هي من اختارتني لرئاسة مجلس الوزراء ومنحت حكومتي الثقة ومن دونها لا نستطيع النجاح، وخصوصا أنها تساعد في إصدار القوانين الأساسية والضرورية في هذه المرحلة”، مشددا على أنني “لا أبحث عن خلافات أو الحساسيات أو العصبيات وتركيزي فقط على إنجاح المهمة في هذه المرحلة الصعبة”.
وعن علاقته بالوزراء، لفت إلى أنه “يتعاون مع كل الوزراء من دون استثناء، والوزراء كل في حقيبته يسعى ويقوم بما يجب القيام به على أكمل وجه لانجاح مهمته ومهمة الحكومة، واصفا التعاون بالممتاز وانهم على تفاهم كامل ولا هدف لهم سوى الإنقاذ في هذه المرحلة”.
وردًا على سؤال عن رضاه عن أداء حكومته منذ إعلان تشكيلها في العاشر من أيلول الماضي وحتى اليوم، أجاب: “راض عن تشكيلة الحكومة، ولكنه ليس راضيا عن أدائها، إذا تم مقارنة طموح اللبنانيين وطموحه بما أنجزناه، مستطردًا “آسف لست راضيًا”.
وقال: “بعد حوالي 20 يوما من تشكيل الحكومة تعطلت بسبب ما حدث في أحداث الطيونة، وإصرار الثنائي الشيعي على الفصل بين التحقيق القضائي بانفجار ميناء بيروت، والتحقيق مع الرؤساء والوزراء، حيث لدينا في الدستور المجلس الأعلى وهي محكمة كاملة متكاملة مؤلفة من 8 قضاة من أعلى رتب قضائية إضافة إلى 7 نواب “، مشيرًا الى أن “ما يقوم به القضاء من دمج محاكمة الرؤساء والوزراء مع التحقيق القضائي أثار تباينات”، مؤكدًا أن “الفصل بين التحقيقين ضروري حيث إن للعسكريين محكمة عسكرية وللقضاء هناك تفتيش قضائي وأيضا أوجد الدستور هذه المنظومة لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ولذلك هناك فريق يصر على الفصل قبل عودة مجلس الوزراء”.
وعن خياراته الحالية للخروج من الوضع الراهن وتعطيل اجتماعات مجلس الوزراء لقرابة 50 يوما، صرح ميقاتي أن “أمامي خياران، أولهما دعوة مجلس الوزراء للاجتماع واستئناف العمل، ولكن لسنا في مرحلة استفزاز لأحد في لبنان كما أنها ليست طريقتي أن استفز أحدا في هذا الظرف بالذات، فطريقتي لم الشمل وإيجاد المخارج اللازمة، أما خياري الثاني “ربما” استقالة الحكومة ولكن أختار أهون الخيارين، الأول الإبقاء على هذه الحكومة برئاستي ضمن هذا الإطار هو أفضل بكثير من استقالتها والعودة إلى الفراغ مجددا “.
أضاف: “اللبنانيين لديهم أمل اليوم بما تسعى إليه الحكومة من مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومع إجراء الانتخابات النيابية ومع وجود حلول اجتماعية يومية للبنانيين، والحكومة إذا استقالت فلن تستطيع التفاوض مع صندوق النقد الدولي وربما يقول البعض كيف يمكن إجراء انتخابات في حكومة تصريف أعمال وأيضا الأمور الأساسية لسير اعمال الدولة ستقف”، معتبرا “أن الأفضل الابقاء على هذه الحكومة والسعي مجددا لتجاوز هذه المرحلة وتفعيل عمل الحكومة، وانعقاد مجلس الوزراء والقيام بالعمل اللازم”.
وردا على سؤال عن مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لعودة العمل الحكومي لطبيعته، رأى ميقاتي أنها “محاولة طيبة وجيدة والأهم أنها مبنية على الدستور، ولا حل إلا ضمن هذه المبادرة”، مجددًا تأكيد “إيمانه بفصل السلطات”، موضحًا “أن القضاء عليه أن يقوم بتنقية نفسه وإصلاح نفسه بنفسه، وذلك عبر مجلس القضاء الأعلى”، متابعًا أنهم الآن بصدد إتمام هذا المجلس، معبرًا عن الثقة به “أن يكون على قدر المسؤولية وإعادة تنقية القضاء”.
وقال: “الدستور أعلى من القانون، فعليه أن ينظر للمواد الدستورية التي تؤكد على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وأخذها في الاعتبار وفصل الموضوع عن التحقيق العدلي العادي”، مشددا على “أن مجلس القضاء الأعلى عليه مسؤولية تصحيح المسار”، وعن الحديث عن مقايضات لتطيير التحقيق مقابل عودة اجتماعات المجلس، شدد ميقاتي على أنه “لا صحة لهذا الأمر”، ورد: “غير وارد إطلاقا المقايضات”.
وعن ضعف التغذية الكهربائية في لبنان، اعتبر ميقاتي “أننا بحاجه إلى الوقود لتوليد الكهرباء لأنه ليس لدينا الأموال اللازمة لشراء وقود، خاصة أن التعرفة الكهربائية بموجب أسعار النقد الحاصلة ليست مجدية، وبعد مفاوضات، وافق البنك الدولي على إعطائنا قرض بقيمة 250 مليون دولار لتغطية ثمن الوقود للعام القادم من مصدرين، الأول هو الغاز المصري، والمصدر الثاني هو استيراد الكهرباء من الأردن، حيث انتهينا ووقعنا وبدأ العمل بالاجراءات اللازمة ولكن تفاجئنا بأن أنبوب الغاز الذي يربط الحدود السورية بلبنان بحاجه إلى إصلاحات يعني بحاجه إلى أموال وبحاجه إلى وقت قرابة 6 أسابيع لإصلاحه”.
وتابع: “تم تحويل مبلغ للشركة المسؤولة عن إصلاح الخط”، متمنيًا “أن تنجز المهمة في أسرع وقت لتوصيل الغاز الذي تعتمد عليه لبنان في إنتاج الطاقة الكهربائية ويؤدي إلى انتاج حوالي 450 ميغاوات بما يكفي لإعطاء من 4 إلى 5 ساعات إضافية عما تعطيه الحكومة اليوم اعتمادا على الوقود القادم من العراق”.
وأعرب ميقاتي عن تمنياته بـ”أن يتم زيادة ساعات التغذية الكهربائية قبل رأس السنة ولكن الأعطال التي حدثت في الأنبوب هي السبب في التأخير”، مشددا على أن “لا علاقة لتأخير تحسين التغذية الكهربائية بعدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء”، وعن رفع الدعم عن الوقود، أجاب ميقاتي، “أننا ليس لدينا أي احتياطي من النقد الأجنبي بتاتا لدعم أي سلعة حتى الأدوية الخاصة بالأمراض المستعصية والأمراض المزمنة، نحن اليوم بدأنا التقنين بالدعم لهذه الأدوية الضرورية للمواطن اللبناني ولكن لم يبق لدينا دولارا واحدا لدعم أي سلعة كانت”.
وحول الارتفاع الكبير والعشوائي في سعر صرف الدولار أمام الليرة بالسوق غير الرسمية، شدد ميقاتي على أن “هناك بعض المستفيدين من سعر الصرف عبر المنصات غير الرسمية”، معبرًا عن اعتقاده بأن “تتم معالجة نقدية أولا وعلى المواطن أن يعي أن هذه الأسعار تكون فقط من أجل الاستفادة في هذه المرحلة”، مشيرًا إلى أن “مصرف لبنان أوجد منصة رسمية تسمى “صيرفة” وهي تقوم بأعمال التحويل من اللبناني للدولار يوميا ويوجد حوالي 5 آلاف ليرة لبنانية فرق بين سعر المنصة والسعر في السوق السوداء”.
وفيما يتعلق بالانتخابات، أشار ميقاتي الى أن “الحكومة ليست معنية بالخلاف حول تعديلات القانون”، مشددًا على “أن السلطة التنفيذية تنفذ القوانين وستقوم بإجراء الانتخابات قبل 21 أيار المقبل وهو موعد انتهاء ولاية المجلس الحالي، أيا كان تاريخ إجرائها”، وعما تردد عن مساع لتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، تمنى “ألا يحدث ذلك”، موضحًا “أن رد الفعل دوليا ومحليا سيكون سلبيا”، داعيًا إلى “عدم الانجرار لهذا الأمر وأن تقوم الانتخابات في وقتها من دون أي تردد”، وردا على سؤال حول نية الترشح للانتخابات، أكد أنه “لم يحسم أمره في ذلك لأنه منكب في الوقت الحاضر على عمله الحكومي وسيعلن عن ذلك في الوقت المناسب”.
وحول العلاقات اللبنانية الخليجية، أفاد أن “لبنان على استعداد لإزالة أي شوائب في العلاقات، ونجدد رغبة لبنان في إقامة أفضل علاقات مع دول الخليج لأن لبنان يشعر بالأمان حينما يكون الأخ الكبير بجانبه”، مضيفًا: “لبنان كان وسيبقى عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها، ويتطلع الى افضل العلاقات مع الاشقاء العرب وأمتنها بروح الروابط التاريخية التي تجمع بين دولنا وشعوبنا”.
قم بكتابة اول تعليق