رأى وزير الثقافة محمد وسام المرتضى أن “انفجار مرفأ بيروت كان انفجاراً مأسويا دمر البشر والحجر، وترك على جسد الثقافة العمرانية في الأحياء البيروتية المحيطة بالمرفأ، جراحا عميقة طاولت أبنية يعود إنشاء بعضها إلى زمن السلطنة العثمانية، وأخرى إلى زمن الانتداب، وغيرها إلى زمن قريب، بالإضافة إلى صناعات ثقافية إبداعية ونسيج اجتماعي خاص بتلك البيوت العريقة”.
وخلال اللقاء التشاوري الذي انعقد في فندق “الموفامبيك” لإعادة إعمار مساكن بيروت وإنعاش التراث الثقافي والصناعات الإبداعية بهبة من البنك الدولي بقيمة 13مليون دولار أميركي من ضمن برنامج Lebanon financing facilities LFF، قدّم المرتضى شرحا مفصلا لخطة عمل تتناول المحور الفني والتقني والتشريعي، مشيرا الى أن الوزارة، “أعدت ورقة عمل لتنفيذ هذه الخطة الميدانية، بينت فيها أبرز الخطوات العملية التي تسعى الوزارة إلى تنفيذها وتتمنى من جميع الشركاء المساعدة على تحقيقها”.
وأشار إلى أن “الخطة تضمنت محورين أساسيين ينبغي العمل عليهما بالتوازي وصولا إلى تحقيق الغاية المنشودة وهما:
أ- المحور الفني والتقني ويتضمن
– استكمال عملية جرد الأبنية التراثية (التاريخية والحديثة) في مدينة بيروت.
– توسيع نطاق حماية هذه الأبنية لتشمل أيضا العمارة التراثية الحديثة التي تساهم أيضا في رسم الهوية المعمارية للعاصمة بيروت، وتعكس وجهها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي خلال فترة النهوض الاقتصادي، وتجسد الفن المعماري والتقنيات المعتمدة في المدارس المعمارية العالمية الحديثة والمعاصرة. كما يقتضي أن تشمل الحماية التراث الثقافي الطبيعي، عبر الحفاظ على الحدائق، الساحات التاريخية، الشطور الحيوية من الواجهات البحرية، الصروح الثقافية (المتاحف، المسارح،)، الأماكن العامة الحيوية (المقاهي،…)، وذلك لكونها جزءا أساسيا من الديناميكية الثقافية لتاريخ بيروت المعاصر.
– التعاون مع وزارة الأشغال العامة والنقل – المديرية العامة للتنظيم المدني وبلدية بيروت لإعداد دراسات تفصيلية لمدينة بيروت تلحظ الحفاظ على الإرث المعماري والثقافي والطبيعي الموجود وإبرازه وتطوير محيطه العمراني الموجود بما يتلاءم معه، تمهيدا لإصدار المخططات التوجيهية وأنظمة البناء بالشكل الذي يساهم في الحفاظ على الإرث المعماري والثقافي والطبيعي والاجتماعي وإبرازه وتطويره.
ب – المحور على الصعيد التشريعي ويتضمن:
– السعي إلى إقرار مشروع القانون المقترح لحماية المواقع والأبنية التراثية، لكونه يشكل الحل الأنسب للحفاظ على التراث العمراني وللتعويض على مالكي هذه الأبنية، دون أن يرتب هذا الأمر أي أعباء مالية على خزينة الدولة.
– تفعيل القوانين والأنظمة التي تنظم عملية الحفاظ على الإرث الثقافي المادي واللامادي لا سيما قانون حماية الممتلكات الثقافية – 2008، ووضع المراسيم التطبيقية اللازمة.
وفي هذا الإطار، لفت لمرتضى الى أنه “بالرغم من الدمار الهائل الذي أحدثه انفجار مرفأ بيروت، والضرر الذي ألحقه بالآلاف من الوحدات السكنية، والمئات من الأبنية التراثية والتاريخية، فإن أجواء التضامن والتعاون والتنسيق بين مختلف الأجهزة والإدارات الرسمية مع المجتمع المحلي والجمعيات الأهلية أشاعت التفاؤل والأمل بإعادة إعمار بيروت، وفق الخطة الإنقاذية التي ذكرت والتي يتوقف نجاحها على استمرار هذا التعاون والتنسيق بين الأطراف المعنية، لا سيما بين وزارة الثقافة وكل من:وزارة الدفاع الوطني – الجيش اللبناني ،الهيئة العليا للإغاثة، محافظ مدينة بيروت، بلدية بيروت، نقابة المهندسين، المجتمع المحلي، الجمعيات المحلية والعالمية والمنظمات المحلية والدولية العاملة في الشأن الثقافي”.
وأوضح أن “التجاوب الذي أبداه البنك الدولي كان سريعاً، إذ عقد اجتماعا بتاريخ 12 آب 2020 مع وزارة الثقافة لوضع خطة إنقاذيه بدأنا نرى ثمارها اليوم. فنغتنم هذه الفرصة لشكر البنك الدولي وجميع الشركاء المعنيين، ومنظمي هذا اللقاء، الذي نأمل أن تتوج أعماله بالنجاح والتوفيق”.
وأكد على أنه “للحجر ذاكرة لا يعتريها النسيان، ووجه ماض موغل في المستقبل، وهو الناطق الفصيح بلغات الحضارات المتعاقبة، فلنحافظ عليه حيا نحافظ على تراث بيروت”.
قم بكتابة اول تعليق