آية أبو الحسن _ نيوز ليبانون :
كمين الطيّونة : المحتجون على تسييس القضاء قرابينٌ على مذبح السلم الأهلي
رصاصة أخرى و كمين غادرٌ آخر تربّص بخيرة شباب هذا الوطن ، وطنٌ تتذرّع فيه الميليشيات بالإحتكام إلى الدولة و السيادة في وقتٍ يسرح فيه زعرانها في الأزقّة لجرّ الشرفاء إلى دنوّ مستنقعهم ، إلّا أنّ الشرفاء يأبون إلا أن يرتفعوا بالوطن الغادر إلى مستوى أخلاقهم و إيمانهم حتى لو دفعوا في هذا الهدف دماءهم الغالية ثمناً.
في عودة سريعة إلى التاريخ القريب لهذا الوطن الغادر، تتكبّد فئةٌ واحدةٌ كل تداعيات الأزمات المتعاقبة، فهي التي قدّمت خيرة خيرة شبابها في وجه الإحتلال الإسرائيلي ثمّ في وجه خطر التكفيريين ، أمهاتٌ و أخوة و أطفالٌ عانوا ألم الفقد على مذابح هذا الوطن الغادر، و بالأمس القريب قُتل شابٌ في عرس أمام عائلته ثم كمن لهم مجرمون خلال تشييعه و أردوا من استطاعوا من المشاركين بين قتيل و جريح فما كان منها إلا العضّ على الجرح و وأد فتيل الفتنة، ليستمرّ هذا التطاول إلى صباح اليوم حيث انضمّ إلى قافلة شهدائها ٦ من شباب الوطن الغادر. تلقّت هذه الفئة الرصاص من جيش “الوطن الغادر” من الاعتداء بالرصاص الحي على المواطنين في حي السلّم في التسعينيات إلى اليوم حين انكفأت القوى الأمنية عن مداهمة الأبنية التي يعتليها المسلحون ، ثمّ ختمت قيادة الجيش النهار الدموي ببيانٍ مؤلمٌ أكثر من الرصاص التي تلقّته حين انقلب “الكمين” في البيان الأوليّ إلى “اشتباك و تبادل إطلاق نار” في المساء . كما كمنت لهذه الفئة كلّ سهام التخوين و الشتائم و كل أساليب العهر السياسي منذ عام ٢٠٠٥ حتى انفجار مرفأ بيروت و ظلّت في سموّها ما انجرّت يوماً إلى الزواريب القذرة تحت شعار “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها”، هي الفئة الوحيدة دون سواها التي تنتصر بدمها فتهدي النصر إلى جميع اللبنانيين، هي الفئة الوحيدة التي تكسب الانتخابات فتمدّ يدها لجميع الأفرقاء لمشاركتهم في حكم البلاد، لكن من لا يفقه سموّ الجبال يبقى أبد الدهر بين الحفر.
حين دعا الثنائي الشيعي و معهم تيار المردة إلى وقفة إحتجاجٍ على مسار التحقيق في قضية وطنية حساسة و جامعة و هي تفجير مرفأ بيروت ، و هو ليس بالأمر الجديد فقد شهدت بوابات قصر العدل و ساحات لبنان هذه المشاهد مرارًا و تكرارًا على مدى عام و نيّف ، كما أنّ الثنائي أصرّ على هذه الوقفة لرفضه تكريس فكرة انه ممنوع عليه التعبير عن الرأي أو أنه يخشى القيام بالوقفات الإحتجاجية كغيره من الأفرقاء في الوطن ، غير أنه لم يشهد امرؤٌ وحشيّةً كالتي مارستها ميليشيات متعطشة للدم منذ سنوات، فانقضّ القناصة على رؤوس شباب عزّلٍ مارسوا أبسط حقوقهم، التعبير عن الرأي !
علت أصواتٌ بعد ساعاتٍ من الحادثة اليوم ملقيةً اللوم على الثنائي الشيعي باعتبار أنه من المتوقّع أن يحصل اصطدامٌ في الشارع اليوم خلال الوقفة الاحتجاجية، نعم هو خطأٌ كبيرٌ أن تظلّ هذه الفئة تظنّ بأبناء وطنها من المقلب الآخر خيراً، لكن المتوقع كان اصطدام كلامي أو رشق حجارة أو في أسوأ الأحوال إشكالات فردية و تضارب، لكن أيّاً منهم لم يتوقع أن يكون الإجرام على شاكلة قياداتٍ تجهزت من قبل ٢٤ ساعة و زارت متاريس القناصة و خطّطت و تربّصت ثمّ أطلقت الرصاص مباشرة على رؤوس شبابٍ دون أن يرفّ لها جفنٌ، و من يراقب أداء الثنائي الشيعي و خاصة حزب الله منذ بداية الانهيار الإقتصادي حتى اليوم يتأكد من أنه الفئة الوحيدة التي تسعى بكلّ ما استطاعت لمنع الانجرار إلى الانهيار الأمني فلو كان لديه أدنى شك بأن يحصل ما حصل لكان استبق الكمين و غيّر المسار أو ألغى الوقفة الإحتجاجية.
في وطنٍ غادرٍ هناك فئةٌ هي الأقوى عدداً و عتاداً و عقيدةً و منطقاً و جهوزيةً و تنظيماً ، هي فئةٌ كسرت أقوى جيوش العالم، و فكّكت أخطر التنظيمات و أشرسها ، هي التي بيدها أن تُرضخ هذا الوطن الغادر خلال ساعات، بَيْدَ أنها تريده وطناً و يريدونه متاريس حرب.
قم بكتابة اول تعليق