يظهر وفق ما تشير إليه جهات سياسية قريبة من الرئيس المكلف وعلى بيّنة تامة بما يجري على خط تشكيل الحكومة، أن مسألة التأليف تتخطى بكثير الخلاف على بعض الحقائب، وإن كان ذلك أمراً واقعياً وصحيحاً، إنما ما يحدث اليوم يدخل فيه أكثر من معطى محلي وخارجي، وكُشف في هذا السياق، بأنه طُلِب من بعض المعنيين بالتأليف التمهّل نظراً لمستجدات المنطقة وتحوّلاتها وتغيّراتها، كذلك ربطاً بالصراع الدائر حول بواخر النفط الإيرانية، وانتظار بعض التطوّرات التي من الممكن أن تغيّر مجريات التشكيل، وصولاً الى ما هو أبعد من هذه المسألة بفعل ما يجري في الإقليم، وعدم التجانس والتوافق بين رئيس الجمهورية ميشال عون والبيئة السنّية التي بدأت ترى بأن رئيس الجمهورية يحرق شخصيات سنّية لها دورها وحضورها وجمهورها بحسب المصادر نفسها، وهذا ليس من باب المنحى الطائفي، إنما جراء الصراع السياسي القديم ـ الجديد مع الرئيس عون والبيئة السياسية السنّية.
هذا أيضاً له شأنه على صعيد التأليف بعدما قُطعت الطريق على السفير مصطفى أديب، الذي كان حاملاً تشكيلة وزارية لرئيس الجمهورية، وعندما رُفضت اعتذر، والأمر عينه حصل مع الرئيس سعد الحريري، الذي بدوره قدّم توليفة وزارية من الأخصائيين للرئيس عون، وأيضاً تم رفضها، والآن قد يتكرّر المشهد مع الرئيس المكلّف الحالي نجيب ميقاتي، وفي حال شُكّلت حكومته فإنها قد لا تحظى بالدعم المطلوب لجملة اعتبارات داخلية وخارجية، وفي خضم ما يشبه المقاطعة من المجتمع الدولي للسلطة السياسية الحالية، وذلك ما سيؤدي خلال الشهرين المقبلين إلى انفجار إجتماعي غير مسبوق.
وعلم في هذا السياق، أن بعض المرجعيات السياسية البارزة تم وضعها من قبل فريق استشاري إقتصادي ومالي في صورة قاتمة لما قد يصل إليه لبنان بداية الخريف من انهيار تام في حال لم تكن هناك حكومة وتواصل مع صندوق النقد الدولي، ومدّ البلد بالمساعدات العاجلة طبياً ومعيشياً واجتماعياً من خلال مساعدات لشريحة كبيرة من اللبنانيين على أبواب الشتاء، وأقلّه دعم مادة المازوت للتدفئة وللمصانع قبل أن تقفل بشكل تام، ما قد يسبّب من أزمات إنسانية واجتماعية في ظل هذا الواقع المهزوز أصلاً جراء الإنهيار الإقتصادي المستمر.
وفي الإطار عينه، تتحدّث بعض الجهات عن غياب لأي مبادرات عربية أو دولية في المدى المنظور قبل معرفة ما ستقدم عليه المنظومة السياسية من خطوات عليها الإلتزام بها كي يحظى لبنان بالدعم المطلوب، وذلك من خلال إجراء الإستحقاقات الدستورية في موعدها، ولا سيما الإنتخابات النيابية، وهذا ما سمعه أحد الزعماء السياسيين الذي التقى بالسفير الفرنسي السابق في لبنان إيمانويل بون، وهو في الوقت عينه مستشار رئيسي للرئيس إيمانويل ماكرون، وهذا اللقاء جاء على هامش زيارة الزعيم المذكور الى العاصمة الفرنسية تناول المستجدات اللبنانية ليستشفّ مدى الإصرار الفرنسي على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية مهما كانت الظروف في لبنان، وإلا ستكون هناك إجراءات وخطوات من قبل الفرنسيين والأوروبيين بشكل عام تحمل الكثير من الحزم والعقوبات وعدم إقامة أي تواصل أو علاقة مع المنظومة الحالية التي باتت تشكل للغالبية من اللبنانيين عائقاً أمام طموحاتهم.
قم بكتابة اول تعليق