لا حكومة في المدى المنظور.. هناك من بات مأسورًا بـ”لعنة محمد بن سلمان”.

تأليف الحكومة اللبنانية

كتب عبدالله قمح في ليبانون ديبايت مقالًا جاء فيه :”يمضي رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في ممارسة هوايته المفضلة: الركوب في الطائرة. يطير من أبو ظبي إلى أنقرة زاعماً أنه “يصلح” بين الأتراك والخليجيين، فيما “يستخسر” الجلوس في السيارة لربع ساعة لتأدية “مشوار” إلى قصر بعبدا على نية “تصفير” الخلاف مع الرئيس ميشال عون! عملياً، بات القاصي والداني يعلم غياب القدرة لدى الحريري على لم شمله مع السعوديين فكيف له أن يبتّ “صلحة” بين دول؟

في النتيجة: لا حكومة! أضحى ذلك من الثوابت راهناً، فيما تقديرات “كتل المعنيين” تحيل الحلول إلى مربع الإشراف على تواريخ الإستحقاقات. البديل الآن هو الشارع، أو اعتذار على شكل إتفاق ناجز يأتي بـ”راكب أمواج” متفاهم عليه إلى بيت الوسط!

في الشارع، هناك “قبّة باط” للناس ومصدرها بعض المكوّنات، أو “تساهل” بعدما بلغ كبت المشاعر حدّ الإنفجار، لذا لا ضير من بعض التنفيس وسط إقرار واضح بأن المعالجات بالإبَر والمسكّنات لن تدوم، وسرعان ما ستتحوّل التراكمات إلى قنبلة من النترات، على أن يبلغ قطر انفجارها ما هو أبعد من الطبقة وبنسبة تفوق قوة إنفجار 4 آب الذي يخط ّطريقه بهدوء نحو التدويل بمعية “ثوار الصدفة”.

في المجالس، سُفّرت رحلات البياضة إلى العدم. على الأعمّ الأغلب، ثمة قرار بطي صفحة هذه اللقاءات إلى أجل غير مسمى في ظلّ ما برز وما قد يبرز، وإذا كان ولا بدّ منها، فلتحصل بمقرّ آخر، حارة حريك أو الطيونة أو “x” لا فرق!

في مكانٍ آخر، هناك من بات مأسوراً بـ”لعنة محمد بن سلمان”! القضية لا تتصل فقط بخشية رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري منه. بات للأمر أقداماً وأرجلاً، وها هو “الهلع” يتمدّد في المختارة التي لا يوفّر سيدها مناسبة “داخلية” إلاّ ويسدي نصيحة إلى “فوق وتحت” لـ”عدم إغضاب بن سلمان”. وإغضاب ولي العهد السعودي يأتي في المقام الأول من رفض خيار المملكة الراهن، التصويت للسفير السابق نواف سلام للحلول مكان الحريري، وهذا إنما يكشف أحد نواحي الخلاف الناشئ بين بيت الوسط والمختارة.

لا حكومة إذاً في المدى المنظور، وهي عبارة تعجّ بها الصروح السياسية، ولا يجد “وليد بك” حرجاً في الإفصاح عنها. سبق له أن قال: “لا حلّ قريباً، والأيّام المقبلة صعبة جدّاً”، وقد أرفق الصعوبة بالشروع باستنهاض حلول داخلية على قياس الطائفة، إستباقاً لصيف حار نسبياً.

عملياً، بات يُدرك الحريري كل هذه الأجواء، وأن لا أفقاً لتأليفه الحكومة وقد أُبلغ سابقاً من الجانب الإماراتي تفضيل أن لا يؤلف حكومةً خشية من غضب بن سلمان. مع ذلك، طلب الحريري مهلةً لتلبية الأمر الملكي، وعلى الأرجح يبحث رئيس تيار “المستقبل” عن الظرف المناسب والملائم للإنسحاب ولعلّه اقترب من تحديد الموعد. وفي اعتقاد البعض، ومنهم “حزب الله”، بأنه لن يبلغ أقصى الخريف المقبل، وإلى حينه سيبقي على احتجازه لورقة التكليف إلى حين تتأمن ظروف الإعتذار، أو الخروج الآمن.

ومسعى “حزب الله” الحالي، تقع إحدى غاياته في “تصفير” مخاوف الحريري وتعزيز حضوره، فيما تتراوح مساعي الآخرين بين تأمين الأجواء تسهيلاً لـ”توسيع الكوع” أمام انعطافة حادة على شكل اعتذار ونتائج اعتذار، و”ترييح الحريري” وتعزيز الأجواء الإيجابية من حوله وتوفير “حماية” سياسية وطائفية له، هو ما يفعله الرئيس نبيه برّي الآن.

ليس سراً أن الحريري كان سبق له وأن خطا خطوةً تجاه تقديم اعتذاره. ثمة من محيط الحريري من ينصحه بالإعتذار الآن وعدم تأجيل المسألة إلى موعد لاحقاً على تماس مع اقتراب موعد الإنتخابات خشيةً من تفسير الخطوة بغير مكانها كالإيحاء أنها تهدف لإفشال الإستحقاق أو تأمين ظروف تمديده المتنامية المشاعر، وهناك جانب آخر يراهن على عدم ممارسة المزيد من شراء الوقت مع بن سلمان.

وللحقيقة، فإن ما بلغ للحزب أقلّه خلال الأسبوعين الأخيرين، أن الحريري كان عزم على الإستقالة خلال المرحلة التي سلفت، وللأمانة لم تكن خطوته الأخيرة مناورة، أقلّه في تلك المرة، وقد أبلغ الحزب من قبل موفد رسمي إلى الحريري بالخطوة، وهو ما دفع بالحزب إلى جانب الرئيس نبيه برّي لممارسة ضغط على الحريري لكبحه عن الإعتذار، وقد خلص ذلك إلى تأمين تفاهم مبدئي مداه شهرين كفرصة للتأليف، وبالتالي، تجميد الإعتذار لمدة شهرين. تأسيساً على ذلك شرع الحزب في توسيع نطاق تدخّله في الملف الحكومي مسانداً للرئيس نبيه بري ومبادرته.

في الداخل، هناك من يعتقد أن النائب جبران باسيل يُدرك أمر الحريري جيداً، وتُلازمه فكرة أن رئيس تيار “المستقبل”، وما دام أنه غير مقبول لدى “مرجعيته المفترضة”، فإنه لن يبلغ مدار التأليف الجدي حتى “ترد” الرياض. على هذا الأساس يبني باسيل فرضياته، فهو يزيد من ضخ الإيجابيات وتبنّيها وإشاعتها من طرفه بقصد “زَرك” الحريري وإظهار حقيقة التعطيل ومكمنه، وهو بالتالي، يُراهن على هذه النقطة وانفضاض الجميع من حول الحريري للبناء على استفادة لاحقة.

عملياً، التقدير الواسع الآن سنداً على الوقائع، أن الحريري يؤسّس لأن يتلازم اعتذاره المفترض مع وضع خطة سياسية متكاملة، إحدى أهم أهدافها قلب الطاولة على الجميع، أو أقله المتهمين بإعاقته في الداخل، لكن ذلك سيكون أمره مفصولاً عن الشخص المفترض خلافته الحريري. إذاً بات الحديث يتعاظم حول حكومة انتخابات، حكومة لـ6 أشهر تتكفّل بإدارة الإستحقاق والشروع بـ”ربط الأحزمة” تمهيداً لتقليعة صعبة إجتماعياً. وعند هذه القاعدة، عادت الألسنة تلهج بأسماء البدلاء، هنا، لا مجال لاستغراب إمكانية عودة السفير مصطفى أديب، متى أن الفرنسيين أعادوا استنهاض مبادرتهم بزخم أميركي مستجدّ. الواقعية السياسية تدفع لعودة الحديث إلى خيار مصطفى أديب… أو آخر على وزنه، وللبحث صلة.

تابعنا على فيسبوك 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن