توجه رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب إلى أهالي شهداء اانفجار مرفأ بيروت، قائلا : “أنتم أصحاب الجروح العميقة الذين خسروا أحباءهم، وكل تعاطف الدنيا لا يوازي خسارتكم ولا يعيد لكم أحباءكم”، مضيفا أن “غضبكم مفهوم ومشروع، لأن الذي حصل هو أحد نتائج الفساد في البلد”.
واعتبر الرئيس دياب خلال لقائه وفدا من الأهالي في السراي الحكومي أن “قضية شهداء المرفأ هي قضية وطن وليست قضية شخصية تخصكم وحدكم، لذلك فإن الدولة بكل مؤسساتها والقوى السياسية، بكل تلاوينها، معنية بهذه القضية سواء بتداعياتها، أو بحيثياتها”، مشيرا إلى أن “هناك محاولات حصلت لتضييع القضية عبر التركيز على هوامشها وليس على أساسها، لكن القضية الأساس هي في الإجابة على أسئلة تحتاج إلى أجوبة”.
وعدد الأسئلة المقصودة بالقول: “كيف دخلت هذه المواد إلى لبنان؟ ومن سمح بإدخالها، علما أن دخولها كان يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء؟ وما هو هدف دخولها؟ ولماذا بقيت 7 سنوات؟ ومن استفاد منها؟ وكيف حصل الإنفجار؟ هل هو بفعل فاعل؟ أم بسبب خطأ تقني؟ هل انفجار بهذا الحجم عفوي أو مفتعل؟ ولماذا لم يشكل وجود هذه المواد أي خطر على مدى 7 سنوات؟”، وتابع : “كل هذه الأسئلة تحتاج إلى أجوبة حتى نعرف الحقيقة”.
ورأى الرئيس دياب أن “الفساد المستشري الذي يتحكم بالدولة، هو المسؤول الأول عن انفجار المرفأ”، مشددا على أن “الشهداء لن يرتاحوا في عليائهم، إلا بكشف الحقيقة.. ومن حق الجرحى، والذين تضررت منازلهم ومؤسساتهم وأملاكهم، أن يعرفوا هذه الحقيقة”.
وقال إن “يوم 4 آب سيبقى محطة أليمة في تاريخ لبنان، وسيكون هذا التاريخ محفورا بذاكرتنا، وبمستقبل لبنان”، معلنا عن توقيعه على مشروع مرسوم يقضي باعتبار 4 آب هو يوم حداد وطني، حتى يتذكر اللبنانيون حجم الألم الذي أصابكم وأصاب البلد”.
الرئيس دياب ذكر أن “هذا لا بينصف شهداءنا ولا جرحانا ولا المتضررين، لكنه وقفة وجدانية حتى نستذكر أن الفساد انفجر في مرفأ بيروت، وحتى نعمل كلنا على اقتلاع الفساد من يومياتنا”، وقال: “أعترف أن الفساد هزمني لأنني كنت وحدي تقريبا في هذه المواجهة، لذلك نحن في حاجة لنتكاتف كلنا حتى ننتصر عليه”.
وخلال إطلاقه تقرير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشريّة “ملفّ مدينة بيروت 2021″، ذكر الرئيس دياب أن هذا التقرير يُصوَّر بيروت كعاصمة في حالة أزمة، بدلاً من اعتبارها تواجه أزماتٍ متعدّدة”، مضيفا أن “هذا يُعزى إلى الصدمات الأخيرة وإلى الحواجز الهيكليّة المتجذّرة التي ظهرت على نطاق المدينة وخارج الأحياء المحيطة التي تضرّرت ماديًا من الانفجار”.
وقال “إنني أتطلّع إلى رؤية كيف يمكن السلطات الوطنيّة والمحليّة والمنظمات الدوليّة والمجتمعيّة استخدام التحليل الشامل الذي يقدّمه هذا التقرير بهدف توجيه مسار التعافي على نطاق المدينة، والذي قد ينسحب بعد ذلك على أجزاء أخرى من لبنان”.
واعتبر الرئيس دياب أن “التقرير ينطوي على بعض المؤشّرات التي تدعو إلى القلق لما ستَحمله المرحلة المقبلة، في حال لم يجري التعامل مع هذه الظروف، خصوصاَ زيادة التوتّرات بين الجماعات في بيروت على طول خطوط الصدع الاجتماعيّة والعرقيّة والجنسيّة والدينيّة”.
كما قال الرئيس دياب: “تألفت حكومتي من وزراء تكنوقراط استجابةً لصيحات الشعب اللبناني وبدأنا عمليّة الإصلاح على أساس خطة للتعافي المالي والاقتصادي والاجتماعي والإصلاحات الهيكليّة، غير أنّ انفجار مرفأ بيروت شكّلَ نقطة تحوّلٍ فتقدّمتُ باستقالة الحكومة”.
وأشار إلى أنّ “مَهمّتنا لم تقتصر على الأزمات غير المسبوقة والمتزامنة والمتعاقبة، بل تضمّنت إرثًا مُثقلاً بسوء الإدارة والمشاكل التي طالَ أمدها”، مضيفا أنّ “الخلافات اللبنانية غير عصيّة على الحلّ غير أنه يتمّ استغلالها، مع الأسف، لتحقيق مآرب سياسيّة”.
وختم الرئيس دياب قائلا إنه “في حياتي الأكاديميّة والعامة، اعتمدتُ مبدأين إرشاديّين: الشفافيّة والمساءلة”، مؤكدا أنه “لديّ اعتقادٌ راسخٌ بأنهما الطريق الثابت نحو تعافي لبنان”، ودعا “السياسيين اللبنانيين لوقف الخلافات وتشكيل حكومة جامعة على وجه السرعة ومواصلة الإصلاحات التي بدأتها حكومتي”.
قم بكتابة اول تعليق