كتب النائب السابق و المحلل السياسي ناصر قنديل في صحيفة البناء هذا اليوم :
_ هذه أول جولة مواجهة يخوضها محور المقاومة مع كيان الاحتلال عبر فصائل المقاومة في فلسطين بمبادرة منه مع الصواريخ التي نفذت عبرها المقاومة إنذارها الخاص لوقف الانتهاكات والاعتداءات المتمادية بحق المسجد الأقصى وسكان حي الشيخ جراح، تحت عنوان وقف تهويد القدس، وبدا للكثيرين أن الجولة لن تتوقف حتى تسليم الكيان بوقف تهويد القدس، علماً أن هذا التسليم يعني شيئين معاً، الأول هو هزيمة تيار المستوطنين والمتطرفين الذين قتلوا اسحق رابين ويحكمون المشهد السياسي للكيان منذ ذلك التاريخ، ويخوض نتنياهو حربه لكسبهم، والثاني إعادة الحياة للمسار التفاوضي الذي أسقطه رفض الكيان للتفاوض حول القدس، والمقاومة ليست ساذجة لتراهن على انهيار مكانة المستوطنين في الكيان، ولا غبية لتخوض حرب إعادة تعويم خيار التفاوض على حساب خيار المقاومة.
– المقاومة أطلقت صواريخها الأولى رسالة واضحة حول التزامها بالقدس، في سياق مواجهة لن تحسمها جولة، فاستنهضت الضفة والمقدسيّين وأبناء الأراضي المحتلة عام 48 ووحدة الشعب الفلسطيني واستنهضت الشارعين العربي والعالمي، وأثبتت سقوط قدرة الردع لدى جيش الاحتلال، وأجهضت كل حديث عن قيمة قبّته الحديدية وجعلت أمنه مكشوفاً في أي حرب مقبلة، وما يعنيها بعدما أعلن جيش الاحتلال حربه عليها أن تنجح بإجباره على وقف هذه الحرب، من دون المساس بقدرتها، وما يعنيه ذلك من فشل للحرب وعلى أن يرتبط أي إنهاء لهذه الحرب بتثيبت هذه المكاسب المحققة.
– نتنياهو بإعلانه وقف النار يريد الإيحاء أنه دمّر قدرات المقاومة، ويتحدّث عن تدمير الأنفاق والبنية التحتية للصواريخ، وقتل القادة، لكن المقياس يبقى لكل خبير بما يقوله الميدان عن شكل حضور المقاومة في الحرب، وهو ما يسمّونه بشتاء القذائف على خط التماس، وصواريخ الكورنيت على الآليات، والأهم زخات الصواريخ على عمق الكيان، وكل شيء يقول إن كل هذه البنى بألف خير وفاعليتها لم تتأثر.
– مأزق نتنياهو أنه أن قبل بإطار سياسي ترغبه واشنطن ويرتبط بإحياء المسار التفاوضي من بوابة القدس، فسيخسر دعم المستوطنين الذين خاض حربه لكسبهم، وإن واصل الحرب ولا أمل لديه بتحقيق أي إنجاز عسكري فسيزيد ضغط المستوى الاقتصادي والعسكري وتذمرهما من الفشل المؤكد للحرب. والتمادي بالقتل سيزيد من بشاعة صورته في الغرب ويعرّضه للمزيد من الضغوط، مع شارع أميركي وأوروبي مشتعل دعماً للقضية الفلسطينية وتنديداً بجرائم الكيان.
– المقاومة تخرج منتصرة من هذه الجولة، وقد توحّد الشعب الفلسطيني حول خيار المقاومة من القدس الى الضفة والأراضي المحتلة عام 48 والشتات، وحققت التفافاً ونهوضاً شعبياً عربياً وعالمياً يفوقان كل توقع، وهي تحتاج وقتاً لاستيعاب وهضم هذه الإنجازات، والبناء عليها، وهي عند إنذارها الذي حملته الصواريخ الأولى التزاماً بأن قوة المقاومة موجودة لحماية نضال الداخل الفلسطيني، أما وقف الصواريخ التي أعقبت رسالة القدس فجاءت رداً على حرب نتنياهو تقف بوقف نتنياهو لحربه، وسيعود لها تقدير طبيعة الرد على أية عودة للاستفزازات في القدس وخارجها، بالصواريخ أو بغيرها.
– هذه أول جولة من حرب استقلال فلسطين وقد نجحت المقاومة بمنع تحوّل النصر فيها الى مدخل لتعويم الخيار التفاوضي وتفكيك وحدة الشعب الفلسطيني، بينما سيزداد مأزق الكيان عمقاً، مع خياراته المسدودة سياسياً وعسكرياً، وما سيشهده من انقسامات تلي هذا الفشل الذريع.
قم بكتابة اول تعليق