بايدن استهلّ عهده الرئاسي في محاربة دولة الصين المنافسة الأولى للولايات المتحدة الأميركية على الصعيد الاقتصادي و العسكري العالمي . فمنذ توليه سدّة الرئاسة و دخوله البيت الأبيض بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن، بتحديد وجهة المواجهة الأميركية مع الصين و التي بدت متسارعة بشكل ملحوظ. فبعد استعراض القوة العسكرية في بحر الصين الجنوبي و التي تلتها الزيارة اللافتة لوزيرَي الخارجية والدفاع إلى الحلفاء في آسيا، بدأ مسلسل العقوبات بحجّة حقوق الإنسان والديموقراطية، بالتعاون مع الحلفاء التقليديين في أوروبا , فقد عبّرت الولايات المتحدة الأميركية و كندا و استراليا و بريطانيا و نيوزلندا عن قلقهم العميق بشأن انتهاكات الصين لحقوق الانسان في تركستان الشرقية في بيان مشترك لهم.
التجييش و الحشد من على طرفَي الأطلسي , من أوروبا و أميركا, ضد بكين، يأتي خطوة أولى في عهد بايدن للحد من النفوذ الصيني، ومنعه من التوسع أكثر على الساحة الدولية؛ وهو أمر بات إحدى أبرز الأولويات، ليس فقط للإدارة الأميركية الجديدة، وإنما لمؤسسة الحكم برمّتها، التي باتت ترى في الصين، منذ عدة سنوات، التهديد الأكبر لها، ولموقعها القيادي في العالم.
هذه الاستراتيجية التي تعتمدها الولايات المتحدة الأميركية المعتادة و التي تلجأ اليها كبوابة للتدخل في شؤون الدول, بدأت تتجلّى، بشكل فعلي واضح خلال هذا الأسبوع ، إذ فرضت إدارة بايدن، قبل أيام، عقوبات على 24 مسؤولاً صينياً، بتهمة «تقليص» الحكم الذاتي في إقليم هونغ كونغ. واليوم، عاقبت الإدارة اثنين من المسؤولين الحكوميين الصينيين الحاليين، بتهمة ارتكاب «انتهاكات خطيرة» لحقوق الإنسان، بحق أقلية «الإيغور» في إقليم شينجيانغ، ذاتي الحكم. ووفق بيان وزارة الخزانة، المسؤولان الصينيان، هما: سكرتير لجنة الحزب الحاكم لـ«فيلق شينجيانغ للإنتاج والبناء» الذى يدعى دوانغ جون تشنغ، ، و مدير مكتب الأمن العام في شينجيانغ الذي يدعى تشان مينغاو،
و قد انضمّت العاصمة البلجيكية, بروكسل , أيضا إلى بايدن، إذ وافق الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق، اليوم، على فرض حظر سفر على أربعة صينيين وكيان واحد وتجميد أموالهم، على خلفية قضية «الإيغور». وفي السياق ذاته، فرضت بريطانيا، اليوم، عقوبات على 4 مسؤولين صينيين ومكتب الأمن العام لوحدات الإنتاج والبناء في إقليم شينجيانغ. وقد وصف وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في كلمة أمام مجلس العموم، «القمع والانتهاكات» التي تمارسها الصين بحق «الإيغور» بأنها «إحدى أكبر أزمات حقوق الإنسان» منذ الحرب العالمية الثانية.
وكان اجتماع مباشر، عقد في ألاسكا الأميركية , هو الأول بين مسؤولين حكوميين من الولايات المتحدة والصين،، وقد شهد تراشق اتهامات بين الطرفين، في مشهد غير مسبوق، أمام وسائل الإعلام.
وقبل العقوبات الأوروبية والأميركية، كانت ساحة المواجهة الأولى بحر الصين الجنوبي، حيث يمر أحد أهم شرايين التجارة العالمية، وهو مساحة متنازع عليها بين حلفاء الولايات المتحدة فيه، والصين، التي تعتبر غالبيتها، حقاً وملكاً لها. وبناء على مواصلة الجيش الصيني تعزيز قدراته العسكرية، في هذه المنطقة، تتخوف الولايات المتحدة من أن ما يفصل الصين عن المبادرة إلى التمدد في هذه المساحة البحرية، ذات الأهمية الجيوسياسية لها، لفرض الأمر الواقع، بالقوة، مسألة وقت، لا أكثر.
ولذلك، سعى بايدن، منذ أيامه الأولى، إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، لاستعراض القوة الأميركية، في وجه التحركات الصينية. وقبل أيام، أرسل بايدن وزيرَي الخارجية والدفاع في إدارته، بلينكن وأوستن، في جولة على اليابان وكوريا الجنوبية والهند، الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة، في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، لمناقشة سبل تعزيز التعاون العسكري في المنطقة، وإرساء «ردع موثوق به» في مواجهة الصين.
موقف الصين و روسيا
و في دورها، ردت الصين، على العقوبات الأوروبية بفرض عقوبات على 10 مسؤولين أوروبيين، بينهم برلمانيون. وقد وصفت وزارة الخارجية الصينية، في بيان، الخطوة الأوروبية بأنها «تقوم فقط على الأكاذيب والتضليل والاستخفاف والحقائق المشوهة»، معتبرةً أنها «تدخّل سافر في الشؤون الداخلية» للصين.
وفي السياق نفسه ، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الصين، والتقى نظيره الصيني وانغ يي. وقبيل سفره إلى العاصمة الصينية، اتهم لافروف، في تصريح لوسائل إعلام صينية، الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها، بالسعي إلى «فرض إرادتها في كل مكان وعرقلة تشكل عالم ديموقراطي متعدد الأقطاب»، مندداً بالعقوبات الأميركية ضد روسيا. وقلّل لافروف من شأن سياسة محاسبة الدول عن طريق العقوبات، عبر وصفها بـ«غير مجدية».
اقرأ أيضا
الصّين تحذّر الولايات المتّحدة الأميركيّة و تفتح أفقا جديدة لحلّ الخلافات بشروط
وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نظيره الهندي تعزيز وتقوية العلاقات العسكرية بين البلدين
قم بكتابة اول تعليق