جولة على آخر التطورات الإقليمية والدولية مع الدكتور طارق عبود

جولة على آخر التطورات الإقليمية والدولية مع الدكتور طارق عبود ، في حوار أجرته الصحافية في وكالة نيوز ليبانون آية أبو الحسن :

في صعيد تأجّج الصراعات و تبدّل الإصطفافات الدولية ،أكد المختص بالعلاقات الدولية الدكتور طارق عبود ،في حديث خاص لوكالة نيوز ليبانون، أن واشنطن لا تزال تمسك بخيوط المنطقة على الرغم من تعاظم التأثير الروسي و الصيني و الإيراني في العالم على عدة مستويات، إلا أن الحلول لصراعات المحاور في المنطقة لا تزال في ملعب أميركا سيما في التسوية التركية السورية، أو الاتفاق الإيراني السعودي خصوصا في ملفي اليمن و سوريا، وصولا إلى الحرب الروسية الأوكرانية.

فحول مستقبل العلاقات التركية السورية في ضوء استمرار دعم تركيا للحكومة السورية المؤقتة ،بالرغم من سلسلة اللقاءات الرفيعة المستوى التي جمعت مسؤولين من الجانبين برعاية روسية ،و حول مدى علاقة الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة بالتقارب السوري التركي الذي جرى ، أشار الدكتور عبود أنه و “بعد كل القطيعة التي حصلت في أعقاب ما سُمّي بثورات الربيع العربي،وهو كان المدخل للحرب على سوريا،وبعد التوترات الكبيرة بين الدولة السورية وتركيا،فرضت مصلحة الطرفين أن تنتقل العلاقة الى مرحلة جديدة،لوجود تقاطعات بين الجانبين والجارين التاريخيين.

و بحسب عبود فإنه “لدى سوريا مصلحة في تحييد الجماعات الراديكالية المدعومة من تركيا، التي تسيطر على إدلب، وتقطع الطرق على دمشق،وتنفيذ تفاهمات أستانا،ومن ثم التوجه نحو استعادة الأراضي المحتلة من الإرهابيين. ولدى تركيا مصلحة اليوم في إعادة الزخم الى العلاقة مع سوريا بعد ما حصل في العقد الماضي،ولأنّ موضوع اللاجئين السوريين يؤرق الدولة التركية وبدأ يشكَل عبئًا على تركيا. ويريد الرئيس اتركي إردوغان استثمار ما يحص في الانتخابات الرئاسية المقبلة.”

مشيرا إلى أنه” من الممكن أن تشكّل هذه الأسباب مدخلًا لحل مشكلة اللاجئيني السوريين في تركيا، لأن الدولة التركية تملك مفاتيح كثيرة لحل هذه الأزمة. وقد يكون المخرج أن تقام مناطق على الحدود السورية التركية تضم لاجئي تركيا،ويتم تمويل وجودهم من عدد من الجهات.”

أما في ما يخص المحور السعودي الإيراني، فبعد عدة تصريحات اعلامية من كلا الطرفين تؤكد استعداد كل منهما لإعادة افتتاح السفارات و احياء العلاقات الدبلوماسية…شرح الدكتور عبود الشروط الأساسية لكلا الطرفين للاقدام على هذه الخطوة خاصة على صعيد ملفي اليمن و سوريا ، مؤكّدا أنه “هناك مصلحة لكل من إيران والسعودية في التوصل إلى حلول للمشكلات العالقة في المنطقة، وعلى مستوى العلاقات الثنائية المتوترة من العام 2019، فقد كاد الطرفان يتوصلان إلى اتفاق يعيد فتح السفارتين في البلدين، واستعادة العلاقات الديبلوماسية الكاملة بعد خمس جولات حوار برعاية عراقية في بغداد، ولكن بعض الأحداث حالت دون اكتمال مشوار استعادة العلاقات، منها الانتخابات العراقية والأزمة السياسية في العراق، والحرب الأوكرانية الروسية، إضافة إلى المظاهرات التي حصلت في إيران، وأعادت توتير الأجواء بين الطرفين. ولكن لوجود مصلحة مشتركة في إعادة العلاقات الديبلوماسية وتفعيل لغة الحوار؛ فإنّ الأمل كبير في الوصول إلى حلول مرضية للطرفين. وبالتأكيد فإنّ المشكلتين اليمنية والسورية هما في صلب المحادثات، مع وجود ڤيتو أميركي الى اليوم،يمنع أي حل سياسي في سوريا يريح الشعب السوري ويرفع عنه الحصار الأميركي الظالم.”

أما في ما يخص المحور السعودي الأميركي المشتعل سيما بعد قرار السعودية بخفض إنتاج النفط و توعد الأميركي بإعادة النظر في الصادرات العسكرية إلى السعودية… أشار الدكتور عبود إلى السر العالق بين بايدن و بن سلمان ، كما شرح كيفية تأثير هذه التطورات في تراجع حظوظ بايدن في الإنتخابات الرئاسية القادمة لصالح ترامب ، قائلا : ” العلاقة بين الإدارة الديمقراطية بقيادة الرئيس جو بايدن مع السعودية شابها التوتر منذ ما قبل فوز بايدن بالرئاسة. وطبعًا انتقاد الديمقراطيين لحقوق الإنسان في السعودية وما شاكل، أججت هذا الخلاف أو الجفاء،إضافةً إلى انتظار ولي العهد السعودي فترة طويلة تواصلًا هاتفيًا من الرئيس جو بايدن،ولكن ذلك لم يحصل.”

و أضاف ” التغيّر الدراماتيكي في العلاقة كان بداية الحرب الروسية الأوكرانية،التي جعلت إدارة الديمقراطيين بحاجة إلى السعودية وكل الدول النفطية والغازية لسد الفجوة الكبيرة التي خلّفتها العقوبات على روسيا، ولكن حسابات حقل الديمقراطيين لم تتوافق مع بيدر السعوديين، فبدا التمايز واضحًا في عدم إدانة روسيا لشنها الحرب على أوكرانيا، وبعدم الخضوع للرغبة الأميركية في رفع إنتاج النفط الى الحد الأقصى، بل إنّ السعوديين أمعنوا في إغاظة الديمقراطيين على أبواب الانتخابات النصفية الاميركية واتفقوا عبر منظمة أوبك بلاس على خفض الانتاج، ما رفع اسعار النفط، وجعل التضخم يتفاقم في الولايات المتحدة.

ورغم زيارة بايدن المملكة،والاستقبال الفاتر من قبل القيادة السعودية، فإن الأخيرة لم تلتزم برغبة إدارة بايدن، وزادت الهوة بينهما.

وطبيعي أن تراهن السعودية والإمارات على عودة الرئيس دونالد ترامب لأنّ العلاقة معه اتسمت بالحميمية،بخلاف العلاقة مع الديمقراطيين التي توطّدت مع دولة قطر المنافسة لكل من السعودية والإمارات.

أما بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية الاميركية فالعامل السعودي هو أحد العوامل، ولكنها ليست أساسية في ترجيح كفة أي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الانتخابات.”

أما حول مستقبل الصراع الروسي الأوكراني بعد توسع وتيرة الحرب و دخول الجيش الروسي الأصيل في ميدانها و استخدام روسيا اسلحتها الأكثر تطورا ، و ابداء كل من الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي عزمهما على التصعيد خاصة مع اقتراب انضمام السويد و فنلندا إلى حلف الناتو لتتوسع بذلك رقعة أعداء روسيا… توقف الدكتور عبود عند موقف روسيا من هذه التطورات ، كما أجاب عن إمكانية أن تضحي أميركا بأوكرانيا لمصلحة تسوية دولية حسبما يُقال في الكواليس الدولية، قائلا : “الكل متفق على أنّ الحرب الروسية الأوكرانية هي المدخل والباب للتغيير في إدارة النظام الدولي،أو استمرار هذا النظام، وزيادة توحشه وتفرده بإدارة العالم. ولكن الكل يعلم أنّ هناك خطوطًا حمرًا لا يستطيع أحدٌ تخطيها،لأنّ أي هزيمة للروس ستؤدي الى استخدام كل الأسلحة المتاحة دفاعًا عن أمن روسيا القومي ووحدة أراضيها وجغرافيتها السياسية، والأميركيون يدركون ذلك، لذلك قد تتحول هذه الحرب الى حرب استنزاف لكلا الطرفين، على مستوى الاقتصاد الروسي والكلفة البشرية والسياسية، وعلى مستوى وحدة أراضي الدولة الأوكرانية ونظامها السياسي وبنيتها التحتية، وتحولها إلى دولة مدمرة وفاشلة ومقسمة.”

و أردف :” لن تسمح واشنطن بتسوية كهذه قبل إنهاك روسيا وشيطنتها، وابتزازها، وتقديمها لتنازلات مؤلمة قد لا تصل الى هزيمة شاملة.. .ولكن الأمل معقود على الشعب الأوكراني كي يقف في وجه زيلنسكي وإدارته، لأنّ الأوكرانيين هم من يدفعن الثمن وليس الأميركي والنخبة الأوروبية.”

أما حول الصراع الأهم بين قطبي العالم الصين و الولايات المتحدة الأمريكية  و احتدام المواجهة بينهما، بيّن الدكتور طارق عبود دلالات دخول الصين إلى المنطقة من بوابة السعودية و موقف أميركا من هذا التطور خاصة و انها لا تأمل مشاركة الخليج العربي مع أي طرف آخر ، قائلا : “الكباش الأميركي الصيني هو بيت القصيد في الصراع الدولي الحالي،والصين هي العدو الأبرز في عقلية الإدارات الأميركية المتعاقبة، منذ باراك أوباما وصولًا إلى إدارة جو بايدن التي وصفت إداراته في استراتيجيتها الأخيرة للأمن القومي في تشرين أول الماضي الصين بأنها التحدي الأكبر لواشنطن، وأنها الدولة الوحيدة القادرة على منافسة واشنطن وتغيير النظام الدولي، سياسيًا واقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيًا.”

و أضاف ” أما بالنسبة الى زيارة الرئيس الصيني تشي جينغ بينغ إلى الرياض وحضوره قممًا ثلاثًا فيها، فهي تأتي من ناحية الصين لتوطيد العلاقات مع الدول الوازنة في الشرق الأوسط، ولا سيما الدول النفطية،ولكنها تدرك أيضًا أنّ السعودية قد تستخدم هذه العلاقة للزكزكة للأميركيين،بأنهم يستطيعون تنويع الخيارات على المستويين الاقتصادي والسياسي.ومن الطبيعي أن يكون دخول الصين الى المنطقة بشكل فاعل مستفزًا لواشنطن لأنها تعتبر هذه المنطقة هي ملعبها منذ نحو سبعين عامًا. ولا أغتقد أن السعودية او غيرها تستطيع أن تكمل هذه اللعبة مع واشنطن إلى نهايتها لأسباب كثيرة.”

🌎 للاطلاع على أحدث الأخبار المحلية والعالمية من وكالة *نيوز ليبانون* بإمكانكم متابعتنا على الروابط التالية:

واتساب

تلغرام

فيسبوك

 

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن