قامت مدرسة ليسيه عبد القادر (التي تشرف عليها مؤسسة رفيق الحريري بالتعاون مع الخارجية الفرنسية والبعثة العلمانية الفرنسية وفق اتفاق خاص) بطرد معلمة اللغة العربية ليال عبد النبي بسبب ارتدائها الحجاب.
بهذه الكلمات بدأت ليال عبد النبي شرح تفاصيل ما حصل معها: “وفي طرح ترويضي لا يقبل التأويل، طُلب منّي خلع الحجاب في كل مرّة أظهر فيها على الشاشة مع تلامذتي أو أدخل صفّي، إسوةً بغيري من المعلّمات المحجّبات الممنوعات من ممارسة حقهنّ في ارتداء الحجاب ضمن الصرح الأكاديمي للمدرسة، على أنّه فضاء خاص، يحتكم لعُرفٍ غير موجود على أوراق العقد المنصوص بيننا يمنع “الدلالة على الدين”، ذلك بالرغم من أن شجرة الميلاد تتوسط الصرح التعليمي كل كانون من كل سنة، ومن أنّني لا أدرّس مادة دينيّة ولا “أبشّر” بالإسلام ديناً”.
وأكملت:” قرّرت أنني سأضع الحجاب، وبما أن هناك العديد من الزميلات المحجبات الممنوعات شفهياً من ارتداء حجابهنّ في المدرسة، ويعانين من تنمّر الإدارة وسوء استخدام سلطتها عليهن تحت طائلة تهديدهن بالفصل إن تكلمن أو اعترضن، قررت أن أخوض معركة الحرّيات هذه ضمن القانون، وأرسلت كتاباً موجهاً إلى الإدارة باتخاذي هذا القرار كما أخبرتهم شفهياً بذلك، فلم أتلق منهم أي رد رافض أو مانع ضمن وقت طويل. وعليه بعدها، وضعتُ الحجاب ودخلت إلى صفوفي جاهرةً حقي بلبس “خمار يغطي شعري”، فقوبلت بأسبوع من العقاب الاجتماعي مصحوب بالنبذ والوصم والإدانة وانهالت عليّ ترسانة قيميّة تنظر إلى جسدي كحامل لرمز سلطويّ يتمثّل بقطعة قماش مرفوضة، حوّلتني من أفضل معلمات المدرسة إلى أكثرها شناعةّ وقباحة!
وصارت المعلمات الفرنسيات الزميلات “يطللن” على صفي من النافذة المقابلة ويتهامسن ويعاملنني كما لو أنني من المريخ. وبعد مرور أسبوع، قابلتني مندوبة “مؤسسة رفيق الحريري” في “الليسيه عبد القادر” وطلبت مني خلع الحجاب ضمن مربّع المدرسة، كما لو أنّ التلاميذ لا يقابلن محجبات في يومياتهم خارج المدرسة أو على التلفاز أو غيره، فرفضت طبعاً، وما كان منهم إلا أن شطبوا اسمي عند توزيع الساعات دون اعطائي أي خبر أو علم مسبق بما ينتظرني من حساب!
ومن ثم تم استدعائي إلى مكتب المديرة سلوى السنيورة بعاصيري، التي أوضحت أنه من المسموح فقط لعاملات النظافة ارتداء الحجاب وأنه محظور عليّ أن أكون قدوة للتلامذة بحجابي فيحذون حذوي، وأن المدرسة “علمانية” ولو كانت تابعة لمؤسسة الشهيد رفيق الحريري وبيئته “السُّنيّة”! وأن للمدرسة “معايير جمالية” معروفة تهيمن على أجساد المعلّمات وهنّ مرغمات على الامتثال لها ولو بعامل الإكراه! وختمت حديثها الإسلاموفوبي بأن طلبت مني “التوقيع على استقالتي” مع وعود بالتكريم إن قمت بهذه الخطوة وتخلّيت عن تعويضي، فرفضت كون عقدي لا ينصّ على أي منع للحجاب وأنني لم أبلّغ رسمياً بأن هناك قانون بذلك، والقانون إن وُجد فهو مخالف للدستور غير أنني أخطرتهم بما سأفعل عبر إيمايل وبشكل مُسبق، لمدة كان يمكنهم فيها الاعتراض خطياً، وإن كان المطلوب طردي تعسّفاً، فليتحمّلوا العواقب وليدفعوا ما عليهم من تعويض محق لي. وقلتُ للمديرة “ماذا لو كنت مصابة بمرض السرطان واخترت تخبئة رأسي؟ فجاوبتني: كنا لأجبرناك ارتداء “الباروكة”!
لم يتوقف الإقصاء المهني عند ذلك فحسب، بل استلمت اليوم، برقية من “ليبان بوست” تتحدث عن أنه وبالرغم من تجديد عقدي تلقائياً في الخامس من الشهر الحالي للسنة الثامنة على التوالي، قررت الإدارة نقلي من مدرسة “الليسيه عبد القادر” ذات الإدارة الفرنسية العلمانية إلى إدارة أخرى بعقد آخر، وقوانين أخرى وأنظمة أخرى وهي “ثانوية الحريري الثانية” بذريعة كاذبة أن السبب هو “ظروف تنظيمية وإعادة هيكلة أسلاك التعليم في مختلف المدارس التابعة للمؤسسة” متحججين بالظروف الراهنة وما أسموه بـ”تناقص عدد التلامذة المستمرّ” وذلك بمرتب شهري مختلف وساعات تعليمية أكثر تصل إلى الضعف وظروف عمل لا تناسبني نهائياً فُرضت عليّ فقط لأنني رفضت خلع الحجاب. كما أنني ان رفضت هذا القرار أكون بذلك قد خسرت عملي تلقائياً، بشكل مناف للقانون” وختاماً سألت عبد النبي “وهل تقبل رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري، أول امرآة وضعت الحجاب في البرلمان اللبناني، أن أُمنع أنا من ممارسة عملي في مؤسسة أخيها المرحوم، وهي جزء من أهم كوادرها وناشطيها، فقط كوني ارتديت الحجاب؟”
قم بكتابة اول تعليق