كتب النائب السابق ناصر قنديل في جريدة الالبناء مقالا بعنوان : “يوم لبناني حاسم … ترقّب لموقف نصر الله ” :
تبدو المواجهة الممتدّة منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين وقد بلغت ذروتها الحاسمة، فقد اجتمعت استقالة الرئيس سعد الحريري، رئيس الحكومة يومها مع محاصرة الحكومة التي ترأسها الدكتور حسان دياب، الى سياق انحداريّ اقتصادياً ومالياً واجتماعياً فاقمه تفجير مرفأ بيروت وتفشي وباء كورونا. وفي كل هذا حركة سياسية خارجية تواكبها جماعات إعلاميّة ومنظمات مدنيّة ومواقع في الدولة وخارجها، تحت عنوان توظيف الأزمات لخلق واقع سياسيّ جديد قادر على محاصرة المقاومة، تستثمر على ارتفاع جنونيّ في سعر الصرف لا تفسّره الاعتبارات الماليّة وحدها، وعلى مشهد حشود 17 تشرين، للطعن بشرعيّة المؤسسات الدستوريّة، والتشوّف على كل ما هو سياسيّ بداعي سقوط شرعيّته، وصولاً لطرح شعار أقرب للتحدّي الأخلاقي والسياسي عنوانه الانتخابات النيابيّة المبكرة، لا زالت القوى السياسيّة الفاعلة تسعى لتفاديه، وهي تدفع فواتير هذا التهرّب ضعفاً وإذلالاً في الداخل والخارج، ومن الداخل والخارج، وما حكومة الاختصاصيين الا بعض هذه الفواتير، وتغطرس الرئيس الفرنسيّ، وتعالي بعض النشطاء والإعلام بلغة الأستذة حيناً والشتائم أحياناً، إلا ترجمة لهذا الهروب من هذا التحدي الأخلاقي، الذي لا يبدو أن أصحابه جاهزون له إذا قبله السياسيّون الفاعلون الخائفون منه، والذين يخوضون صراعاتهم تحت أسباب عديدة داخلية وخارجية، بينها وفي قلبها، سعي كل منهم للترسمل عبر لغة الصراع، والتجاذب الحكومي، لانتخابات العام المقبل، التي يستعدّ لها عملياً دعاة الانتخابات المبكّرة لتكون فرصتهم لتغيير موازين القوى السياسية عشية الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهم يتحدّون بالانتخابات النيابية المبكرة ويخشون قبول التحدّي لأنهم يحتاجون إلى سنة على الأقل ليجهزوا للمنازلة بعدما أظهرت الشوارع خلوها من الحشود التي راهنوا عليها بعد انتفاضة 17 تشرين.
– اللغة التي تخاطب عبرها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، تعكس عملياً في النصف الثاني من المعادلة التي وضعها كل منهما، مشروعه الفعليّ، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يقول للرئيس المكلف سعد الحريري، شكل حكومة بالتوافق معي أو اعتذر، ليقول إن اعتذار الحريري هو الهدف الرئاسيّ، وقد كان واضحاً في خلفيات استئخار رئيس الجمهورية لاستشارات التكليف، والرئيس المكلف يردّ على رئيس الجمهورية بأنه سيحاول مرة جديدة، لكنه يدعوه إذا عجز عن توقيع التشكيلة للحكوميّة لقبول انتخابات رئاسيّة مبكرة، لم يعد خافياً أنها تشكل محور حركة سياسيّة، تسعى لتشكيل جبهة سياسية نيابية للضغط باتجاه إجبار رئيس الجمهورية على قبول انتخابات رئاسية مبكرة، يضعها البعض في سلة واحدة مع اعتذار الحريري، والفريقان لا يقولان للبنانيين كيف سيجلب اعتذار الرئيس المكلف مدخلاً لحلحلة مالية اقتصادية، أو كيف سيجلب قبول رئيس الجمهورية بانتخابات رئاسية مبكرة طريقاً لمنع الانهيار، إلا إذا كان هذا اعترافاً ضمنياً بأن جزءاً كبيراً من الأزمة مفتعل سياسياً، في سياق الضغوط لفرض الخيارات، ولو كان اللبنانيون هم الضحايا.
– اليوم سيزور الرئيس المكلف رئيس الجمهورية، وكل شيء يقول إن النتيجة ستكون سلبية، والفريقان يعلمان أن لا آلية لتحقيق هدف أي منهما بفرضه على الآخر، فمجلس النواب المؤسسة الدستورية الأم، رغم كل ما يقال عن اجتهادات دستورية، لا يملك آلية لسحب تكليف الرئيس المكلف ولا لانتخابات رئاسية مبكرة، من دون تعديل الدستور لفرض نصوص تتيح أحد الخيارين، وهذا التعديل يحتاج نصاباً هو ثلثي قوام المجلس النيابي الذي لا يمكن تأمينه لأي من الخيارين، ولذلك ستكون زيارة الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية، مدخلاً لمزيد من التصعيد المالي والسياسي، وسينتقل التصعيد الى الشارع، ما لم تحدث مفاجأة ليست لها مقدّمات تقول بحدوثها، فيما يبقى الأمل منعقداً على ما قد يخرج به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في إطلالته المسائية، التي ينتظرها من في الداخل والخارج، أملاً بأن تفتح نافذة ضوء في النفق المظلم.
اقرأ أيضا
جريدة الأخبار اللبنانية : فضيحة صحافة واستخبارات في «إسرائيل»: أهوَ عقل «أمان» أم عقل نصر الله؟
قم بكتابة اول تعليق