كتبت صحيفة البناء مقالاً حمل عنوان ” واشنطن تسارع إلى موسكو و طهران و صنعاء ؟” ، أوضحت فيه كيف انعطف المسار السياسي الذي كانت تخطط للسعي إليه إدارة جو بايدن تجاه كلّ من الصين و روسيا و إيران ، و العوائق التي اصتدمت بها، خاصةً في ظل إعادة تعويم القضية الفلسطينية، و هي جوهر القضايا في المنطقة، و المنحنى العالمي الذي اتخذته في التصعيد الأخير.
و في ما يلي نص المقال:
بعدما كانت الحركة الأميركيّة منذ تولي الرئيس جو بايدن للرئاسة تركز سياساتها على محاولة الفصل بين الملفات، وتتطلع الى رسم استراتيجية تقوم على السعي لتعويم الاتفاق النووي الإيراني مع بعض التعديلات والمكاسب، تحت عنوان الاستعداد للتفرغ لمواجهة روسيا والصين وخسروا الرهان، فوجئ الأميركيون بالقضية الفلسطينية تقفز الى واجهة الأحداث من خلال تزاوج الانتفاضة والمقاومة مع مدّ شعبي كبير في العالمين العربي والغربي، لم يكن الشارع الأميركي بعيداً عنه، فسقط رهان ثانٍ لإدارة بايدن بتفادي الدخول على خط الصراع الرئيسيّ في المنطقة الذي تشكل القضية الفلسطينية عنوانه.
ثبت لإدارة الرئيس بايدن استحالة السير بالتفاوض مع إيران وروسيا والصين بمنهج الاستفراد الهادف لفك الحلف الثلاثي الصاعد في آسيا، فلا إيران جاهزة لفك حلفها بروسيا والصين كثمن للتراجع الأميركي عن العقوبات، ولا روسيا جاهزة للتفاوض على إخراج إيران من سورية لقاء تفويضها بإدارة الحل في سورية، ولا الصين مستعدة لوقف برامجها العسكرية مع روسيا واتفاقياتها الاقتصادية مع إيران كثمن للوصول لاتفاق تجاري مع الأميركيين، والآن يثبت للأميركيين أنه مستحيل البحث بالاستقرار في الشرق الأوسط من دون الدخول بقوة على خط القضية الفلسطينية.
خلال الساعات الماضية تقاطعت المعلومات عند مؤشرات متسارعة على سعي أميركي بالتوصل الى تفاهمات مع موسكو وطهران ومحاولة جديدة لتحريك فرص التسوية في اليمن، فمستشارا الأمن القومي الأميركي والروسي توصلا لترتيبات عقد قمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن كانت موسكو تشترط لقبولها وضع جدول أعمال يطال تطبيع العلاقات وإنهاء العقوبات، وبالتوازي صدرت تصريحات من مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تحمل إعلاناً عن جهوزية المناخ للتوصل الى إحياء الاتفاق النوويّ، ودعوته لواشنطن للتسريع في حسم الأمور نحو رفع العقوبات، وبحكم العلاقة الأميركية الأوروبية يُستبعَد أن يصدر هذا الكلام عن بوريل الا بصفته تمهيداً للاتفاق، وليست الحركة الأميركية الجديدة في اليمن إلا تعبيراً عن مسعى أميركي مشابه لإقفال بؤر التصعيد في المنطقة.
يكتشف الأميركيون أن المنطقة على برميل بارود، وأن ما كشفته الأيام الفلسطينية الأخيرة يفرض على واشنطن التحرّك بسرعة، وأن الانسحاب الأميركي من المنطقة كضرورة مسلم بها، مشروط بترتيبات كانت واشنطن تسعى لتفاديها، ومنها التورّط بمقاربات لتسوية القضية الفلسطينية، خصوصاً بعدما ظهر أن العامل الفلسطيني يزداد حضوراً وقوة، وقيادة كيان الاحتلال مأزومة ومرتبكة وتزداد توحشاً، لذلك يسعى الأميركيون لحماية ظهرهم بتفاهمات تتيح لهم جعل أي مقاربة للقضية الفلسطينية محصّنة لتفاهمات يرغبون بشراكة أصحابها في مشاريع التسويات حول فلسطين بعدما كانت السياسات الأميركيّة تقوم على اعتبار هذه المشاريع اختصاصاً أميركياً حصرياً.
قم بكتابة اول تعليق