هل اكتشف التضخم الكوني الذي سيهزّ الكون؟

يعود اكتشاف ضم الكون لأجسام أخرى غير الأجسام المكوَّن منها إلى عالم الفيزياء النظرية ألبرت أينشتاين، الذي يعتقد أن الكون قائم على بنية أساسية وهي الزمكان الديناميكي والبلاستيكي في نفس الوقت.

وقال تريستان فاي في تقرير نشرته صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية إنه في محاولة لتفسير ماهية الكون يستخدم غير المتخصصين تشبيها ثنائي الأبعاد، يتمثل في وضع أشياء ثقيلة يختلف حجمها على وشاح مشدود، بحيث تعيد تشكيل ذلك الوشاح على شكل مساحات ثلاثية الأبعاد تشبه الأشياء التي وُضِعت على الوشاح.
ووفق الكاتب، تساعد مثل هذه التقنية على إدراك سبب انحراف الكرة الرخامية التي تلقى على الوشاح بشكل طبيعي عن مسارها بواسطة جسم ضخم، فوفق نظرية أينشتاين، يسير الجسم في خط مستقيم، غير أن الفضاء الذي يتطور فيه يحرفه عن مساره ويغير اتجاهه الظاهري.
اهتزاز الزمكان
ويرى الكاتب أن نتيجة النظرية النسبية العامة تتعدى حدود هذا، حيث توجد نتيجتان أخريان على الأقل، تتمثل الأولى في تطور الزمكان الذي يحدث أثناء الانتشار السريع، ويجعل الأجسام تبتعد عن بعضها البعض، بينما تثبت الثانية إمكانية تسبب بعض الأحداث المتطرفة في حدوث اهتزاز.
ويشير الكاتب إلى أن العلماء اكتشفوا عام 2015 قدرة موجات الجاذبية على عبور الزمكان بعد تصادم ثقبين أسودين صغيرين من بعض الكتل شمسية، ونتيجة لذلك، اهتز زمكان الأرض لجزء من ثانية، ثم تمدد وتقلص بشكل متكرر بما يعادل حجم نواة الذرة.

ومنذ ذلك الحين، سجلت أجهزة الكشف عن الأمواج الثقالية -وهي تموجات في انحناء الزمكان تنتشر على شكل أمواج- مثل “ليغو” (LIGO) الأميركي و”فيرغو” (Virgo) الأوروبي القادرة على اكتشاف هذه الاضطرابات الصغيرة- عشرات الهزات الزمانية المكانية الطفيفة للغاية.

ويبين الكاتب أن الأحداث المتطرفة -مثل تصادم الثقوب السوداء فائقة الكتلة- تؤدي إلى حدوث ما يُعرف بالتضخم الكوني الكبير، حيث يضاهي حجم هذه الثقوب -التي تقع في قلب أكثر المجرات ضخامة- حجم كتلة الشمس ملايين أو مليارات المرات.
مجموعات تعثر على نفس التوقيع
وينقل الكاتب عن مارتا فولونتيري، مديرة البحوث في “المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي” (CNRS) في معهد باريس للفيزياء الفلكية، قولها “يشكل تداخل النجوم النابضة ما يسمى بالخلفية العشوائية لموجات الجاذبية”.

وربما اكتشف علماء الفلك الراديوي آثار النجوم النابضة للمرة الأولى في إطار التعاون الدولي الذي يعرف باسم “المصفوفة الدولية لتوقيت النجم النابض” (IPTA)، وذلك عقب تجميع بيانات مسجلة من طرف أكبر هوائيات علم الفلك الراديوي (“غرين بانك” (Greenbank) في الولايات المتحدة و”باركس” (Parkes) في أستراليا و”نانسي” (Nancay) في فرنسا و”إيفلسبيرغ” (Effelsberg) الألماني و”سردينيا” (Sardinia) في إيطاليا و”فستربورك” (Westerbork) في هولندا)”.

ويوضح الكاتب أنه -وفق فولونتيري- فقد نُشرت نتائج الدراسة في الإصدار الأخير لدورية “مانثلي نوتيسز أوف رويال أسترونوميكال سوسيتي” (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society) في مارس/آذار العام الجاري.

يقول أحد المشاركين في الدراسة -وهو جيل ثورو، عالم فلك في مختبر الفيزياء والكيمياء للبيئة والفضاء في محطة نانسي لعلم الفلك الفلك الراديوي- “تاريخيا يجمع تعاون “المصفوفة الدولية لتوقيت النجم النابض” بين 3 مجموعات، أسترالية وأميركية وأوروبية، حيث عثرت كل مجموعة من المجموعات الثلاث على هذه الإشارة في مجموعة البيانات الخاصة بعام 2020، وقد بادر الأميركيون بنشر نتائج ما توصلوا إليه عام 2020، وسار على خطاهم الأستراليون والأوروبيون، ومن خلال تجميع جزء صغير من البيانات عثرنا مرة أخرى على نفس التوقيع”.

ويلفت الكاتب إلى أن الكون يحتوي على ما يسمى بـ”النجوم النابضة”، التي تُعرف بكثافتها، حيث يحتوي كل سنتيمتر مكعب على مليار طن منها، وتدور النجوم النابضة حول نفسها بسرعة عالية تصل إلى دورة كلّ 0.3 إلى 3 ثوانٍ، وتعتبر نتيجة لانهيار النجوم الضخمة، ورغم أن هذه النجوم غير لامعة غير أنها تصدر لأسباب فيزيائية معقدة نوعا ما شعاعا من الإشعاع الراديوي الذي يدور بنفس معدل دوران النجم.
تحريك النجوم النابضة
ويتابع الكاتب قائلا إنه من خلال تحريك النجوم النابضة، يُحدِث التضخم الكوني تحولات زمنية صغيرة على مستوى الساعات الفلكية وعلى نطاقات زمنية طويلة إلى حد ما، وذلك لأن موجات الجاذبية المنبعثة خلال المرحلة النهائية التي تسبق التصادم لها فترات تتراوح مدتها بين بضعة أسابيع وبضع سنوات.
بخصوص هذا يقول أوريليان شالوميو، الباحث الشاب في مختبر فيزياء وكيمياء البيئة والفضاء “ما نبحث عنه هو ضوضاء خلفية مختلطة بضوضاء خلفية أخرى، فمن الضروري معرفة موقع الأرض في النظام الشمسي، لأن تحول بمقدار 100 نانوثانية يبلغ 30 مترا فقط عند سرعة الضوء. إلى جانب ذلك، يمكن للغبار والغاز الذي يفصلنا عن النجوم النابضة تشتيت موجات الراديو ويتسبب في إحداث ضوضاء غريبة”.

ونسب الكاتب إلى إسماعيل كوغنارد -وهو مدير أبحاث المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي التي تعنى بمحطة نانسي للفلك الراديوي- “يمكن استخدام فقط نباض الملي ثانية فقط على وجه الخصوص الأسرع والأكثر استقرارا. ومن بين 3 آلاف نجم نابض معروف، يمكن الاستعانة فقط بـ200 نباض الملي ثانية، وفي المقابل، في أوروبا يُقاس 80 نجما نابضا في الوقت الراهن بين 4 و5 مرات في الأسبوع”.

ووفقا لمعلومات كوغنارد، تم تثبيت عشرات الآلاف من ساعات المراقبة بمساعدة أكبر هوائيات في العالم على غرار تلسكوب “أريسيبو” (Arecibo Observatory) الراديوي في بورتوريكو الذي انهار عام 2020. وفي المقابل، لا يزال تلسكوب نانسي الراديوي في الخدمة، ويوفر وحده أكثر من ثلثي البيانات الأوروبية و20% من البيانات العالمية المتاحة.
مركبة إطلاق أميركية
ويضيف الكاتب أن وكالة الفضاء الأميركية كشفت مؤخرا عن مركبة إطلاق أميركية مخصصة للرفع الثقيل تحمل اسم “إس إل إس SLS”، تزن حوالي 2600 طن بطول 100 متر، وفي حال نجاحها، سوف تصبح أقوى مركبة إطلاق في التاريخ متقدمة بذلك على مركبة أبولو.

وفي نهاية التقرير، نوه الكاتب إلى أن مركبة “إس إل إس” صممت بهدف تنفيذ مهام استكشاف بعيدة مأهولة إلى القمر أو المريخ، وتُعد جزءا من برنامج وكالة “ناسا” (NASA) المسمى حديثا “أرتيمس”، الذي يهدف إلى الهبوط بـ”أول امرأة ورجل تاليين” على منطقة القطب الجنوبي للقمر بحلول عام 2024.

المصدر : لوفيغارو

تابعنا على فيسبوك 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن