يمكن أن نصف ما جرى اليوم داخل إسرائيل بأنه “هزة سياسية من العيار الثقيل”، قد تتسبب ارتداداتها القريبة والبعيدة في إسقاط حكومة نفتالي بينيت، وتضع المشهد السياسي الذي أصبح أكثر تعقيدًا داخل دول الاحتلال أمام أخطر السيناريوهات المطروحة.
فبدون أي سابق إنذار وبشكل فاجئ الجميع، أعلنت رئيسة الائتلاف عضو الكنيست عن حزب “يمينا”، عيديت سيلمان، اليوم الأربعاء، الانسحاب من الائتلاف الحكومي برئاسة بينيت، ما يعني عدم وجود أغلبية للائتلاف في الكنيست، بحسب ما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وقررت سيلمان الانسحاب من الائتلاف، بسبب خلافات وصفتها بـ”الأيديولوجية” مع شركاء بالحكومة من أحزاب “اليسار الصهيوني”، حيث ستقدم استقالتها رسمياً في وقت لاحق اليوم، إلا أنه لا يتوقع أن تستقيل من عضوية الكنيست.
ويرجح أن ما سرع قرارها الاستقالة من الائتلاف، هو توجه وزير الصحة الإسرائيلي، نيتسان هوروفيتس، نحو السماح بإدخال المأكولات الـ”حاميتس” (ليست حلال بموجب الشريعة اليهودية) إلى المستشفيات في البلاد خلال عيد “الفصح العبري”.
وضعت عضو الكنيست عيديت سيلمان حكومة بينت في أزمة كبيرة تنذر بتفككها وانهيارها، حيث أصبحت فاقدة للأغلبية التي تضمن نجاح عملها، فاستقالتها تعني أن الائتلاف الحكومي في إسرائيل لديه 60 صوتًا فقط وليس 61- وسيجد صعوبة في حشد الأغلبية وتعزيز التشريعات في الكنيست.
إضافة إلى ذلك فإنه بأغلبية 60 عضوًا فقط من أعضاء الكنيست، لن تكون الحكومة قادرة على تمرير قوانين أساسية ولن تكون قادرة على الموافقة على ميزانية الدولة المقبلة.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن سيلمان قولها “حاولت تحقيق الوحدة وعملت من أجل الائتلاف الحالي، لكني أرفض المشاركة في إلحاق أضرار بالهوية اليهودية لإسرائيل وشعب إسرائيل”، مضيفة أن “الهوية اليهودية لدول إسرائيل، هي جوهر وجودنا هنا، والمساس بذلك دون أي اعتبار للجمهور الذي أمثله، والقيم التي أؤمن بها، بمثابة خط أحمر بالنسبة لي”.
وتابعت “أنتم لا تعرفون كل شي، كوني حاولت العمل بهدوء. سأجمد عضويتي في الائتلاف وسأواصل محاولة إقناع أصدقائي بالعودة إلى معسكر اليمين وتشكيل حكومة يمينية. أعرف أنني لست الوحيدة في هذا السياق. يمكن تشكيل حكومة أخرى خلال ولاية الكنيست الحالية
ولعل أكثر المصدومين من هذه الخطوة هو بينيت، فحكومته التي شكلها بشق الأنفس والتي طالما كانت ضعيفة ومترنحة أمام الضغوطات والانتقادات الداخلية، قد قربتها سيلمان كثيرًا إلى حافية الانهيار، في وقت جاءت هذه الفرصة على طبق من ذهب للرئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو.
فسارع أعضاء كنيست من اليمين ومن أحزاب المعارضة بالترحيب بقرار سيلمان، وتوجهوا للمزيد من أعضاء الكنيست من الجناح اليميني في الائتلاف، وخاصة في حزب “يمينا”، للانسحاب من الائتلاف وإسقاط حكومة بينيت.
ورحب زعيم الليكود ورئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، بإعلان سيلمان، قائلا “أهلا بك في البيت، في المعسكر الوطني. وأدعو كل من تم انتخابه بأصوات المعسكر الوطني للانضمام إلى عيديت والعودة إلى بيتنا، سيتم استقبالكم بكل الاحترام وبذراعين مفتوحين”.
وقال مصدر رفيع في الائتلاف إن سيلمان اتفقت مبدئياً مع مقربي نتنياهو على ضمان مكان لها في قائمة مرشحي الليكود في الانتخابات المقبلة للكنيست، وفقا لموقع صحيفة “هآرتس” الإلكتروني، وبموجب هذا الاتفاق، فإنه في حال شكّل الليكود حكومة، ستُعيّن سيلمان وزيرة للصحة. وهي تتولى حاليا رئاسة لجنة الصحة في الكنيست.
وأضاف المصدر نفسه أنه حذر بينيت، خلال الأسبوع الأخير، من أن سيلمان تجري اتصالات مع مكتب نتنياهو. والتقت سيلمان وزوجها عدة مرات في الأيام الأخيرة مع عضو الكنيست من الليكود، ياريف ليفين.
وأشارت مصادر أن الاتفاق بين سيلمان ونتنياهو شبيه بالاتفاق الذي أبرمه نتنياهو في حينه مع عضو الكنيست السابقة أورلي ليفي أبيكاسيس، التي انسحبت من الشراكة بين حزبي العمل وميرتس، خلال ولاية الكنيست السابقة.
ووضعت القناة ١٢ العبرية ثلاثة سيناريوهات لانهيار الحكومة، الأول انشقاق عضو كنيست آخر من الائتلاف، والثاني الموافقة على عضو كنيست آخر لتشكيل حكومة جديدة، وتلعب القائمة المشتركة دورًا مفصليًا في هذا السياق.
أما السيناريو الثالث؛ فيتمثل في تقديم مشروع قانون حل الكنيست الـ24، وعلى ضوء صعوبة الحصول على حجب ثقة واسع النطاق؛ سيتحول وزير الخارجية الحالي يائير لبيد إلى رئيس حكومة مؤقت في فترة حكومة انتقالية؛ قبيل الحصول على أغلبية لحكومة بديلة قد يتزعمها نتنياهو.
بدوره رحب نتنياهو بانشقاق “سيلمان” صباح اليوم، وقال في تغريده على “تويتر” إنه يرحب بانضمامها إلى المعارضة.
قم بكتابة اول تعليق