قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إنّ “قرار الحرب حتمًا ليس بيد الدولة اللبنانية، إنّما في الجعبة “الإسرائيليّة”، وهذا ما قلناه منذ اليوم الأوّل لاندلاع المعارك. أمّا نحن، فننشد الاستقرار والسّلام، عبر الالتزام بكلّ القرارات الدّوليّة والاتفاقيّات ذات الصّلة، ولا نزال ملتزمين بهذا الموقف”.
وتابع ميقاتي: “في ما خصّ ما قلته بوقف إطلاق النّار في غزة، فالقاصي والدّاني، القريب والبعيد، يطالب بوقف إطلاق النّار، كونه بابًا لكلّ الحلول. قلت إنّ استمرار الأعمال العسكريّة في غزّة سيصبح كرة ثلج كبيرة”.
كما أكد أن موقفه “لا يعني تبنّي شعار وحدة السّاحات، إنّما ينطلق من واقعيّة سياسية تفرض ذاتها ليس على المستوى اللّبناني فحسب، إنّما في البعدَين الإقليمي والدّولي. فالانتخابات الرئاسية الأميركية تتأثّر بما يجري في غزّة، وكذلك تطوّرات البحر الأحمر”.
ثم تساءل، ردًّا على من يعتبر أنّ موقفه يعطي مشروعيّة لـ”حزب الله”، “هل أنا من منح “حزب الله” شرعيّته في الجنوب حين أبرم تفاهم نيسان؟ وردّة فعل الحزب وضبط نفسه بعد هذا العدد من الشّهداء الّذين سقطوا على جبهات الجنوب أو باستهداف سيّاراتهم، وفي مقارنة مع حرب تموز 2006 وما قبلها، نرى أنّ تصرّف الحزب يضبط نفسه، وينطلق من مبدأ الحفاظ على مصلحة لبنان العليا بعدم جرّه إلى حرب مفتوحة؛ ولكن الحقيقة قد لا تناسب كلّ القوى السّياسيّة”.
وأعلن ميقاتي “أنّنا مستعدين لتطبيق القرار 1701 كاملًا، ومستعدّين لتعزيز وجود الجيش. وأنا قلت إنّ مفتاح الحلّ يبدأ بغزة ولا يعني ربطه بلبنان، لنبدأ من بعدها بالبحث بالخطوة التّالية حول كيفيّة تأمين الاستقرار الدّائم”، معتبرًا أنّ “خيار الحرب خسارة لكلّ الجهات، لذا يبقى النّهج الدّبلوماسي والتّفاوضي هو المدخل الحقيقي والضّامن لتحقيق الاستقرار الدّائم، بدءًا من وقف العدوان على غزّة، والشّروع في حلّ عادل ومنصف للقضية الفلسطينية يرتكز بشكل أساسي على إقامة الدّولتَين”.
أضاف: “موقفي بالرّبط لم يكن بالتّنسيق مع “حزب الله”، لأنّ وزراءه تفاجأوا خلال جلسة مجلس الوزراء. هذا الموقف يتماهى مع الموقف العربي، لا سيّما موقف السعودية الّتي ربطت استكمال مسار التّطبيع مع “إسرائيل” بوقف النّار وإقامة الدّولة الفلسطينيّة”.
وشدد على “أنّنا جاهزين لتطبيق القرار 1701، لكنّه يحتاج إلى نشر نحو 10 آلاف جندي لبناني إضافيّين في جنوب نهر الليطاني، كون العدد الحالي لا يتجاوز الـ4 آلاف. وأبلغت الموفدين الغربيّين بأنّنا مستعدّون لتعزيز وجود الجيش ولكن علينا أن نتساعد، لأنّنا بحاجة إلى محروقات وآليّات…”، مبيّنًا أنّ “الإتصالات الدّوليّة في هذا المجال تأخذ مجراها، وبإذن الله ستكون جيّدة”.
وعمّا إذا كان صحيحًا أنّ هناك مهلة محدّدة للبنان، وإلّا فإنّ “إسرائيل” ستعمد إلى التّصعيد، أفاد بـ”أنّني لم أسمع أيّ كلام عن مهلة أو تاريخ محدّد، ولكنّي سمعت أنّ الأمور تضيق إذا لم يحصل نوع من الاستقرار. وبإذن الله لن تكون هناك حرب”.
وبالنسبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين قد فشل في مهمّته، أشار ميقاتي إلى أنّه “ليس على حدّ علمي. ولم يذكر أمامي طرح تراجُع “حزب الله” مسافة 7 كيلومترات. طَرح برنامجًا معيّنًا ولسنا بعيدين عنه. كلّ ما يمكنني قوله، إنّه حمل طرحًا مقبولًا بعد عودة الاستقرار إلى الجنوب، أي تحقيق الاستقرار النّسبي، تمهيدًا لتثبيت الاستقرار الدّائم”، موضحًا أنّ “في الوقت الحاضر، الطّرح أمني. الأكيد أنّ هوكشتاين لم يفشل في مهمّته، ونحن بصدد المتابعة، والأمور ستظهر خلال الأسابيع المقبلة”.
وأردف: “بصراحة لا أحد يريد الحرب، والتّهديدات “الإسرائيليّة” هي لأغراض “إسرائيليّة”. والكل يعمل على تفادي هذه الكأس المرّة”. وعمّا إذا كانت قد تبلورت صورة “اليوم التّالي” فلسطينيًّا ولبنانيًّا، أجاب: “أكيد، في ما خصّ تثبيت الحدود البرّيّة والنقاط والأراضي المحتلة، سيتمّ طرح كل هذه المواضيع بعد عودة الاستقرار. فلسطينيًّا، صارت هناك قناعة لإعطاء حقوق للفلسطينيين للعيش في دولة مستقلة، أما شكلها وقدراتها العسكرية فلا تزال قيد النقاش. وقد لمست أنّ السعودية عندها رغبة في تقريب وجهات النظر لإيجاد حلّ للقضية الفلسطينية والنظر بالتطبيع مع إسرائيل. ثمة أفكار جدية بين مصر والأردن والسعودية للوصول إلى حلّ”.
وبالحديث عن جولة سفراء اللجنة الخماسية على القوى السياسية، ذكر ميقاتي “أنّني يفترض أن ألتقي السفراء اليوم، بعد لقائهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، على أمل أن تتحرك الأمور بشكل جدي”، متمنيًا أن “ينتخب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، لأنه أمر ضروري لكي تستقيم المؤسسات الدستورية، والبدء بالإصلاحات المطلوبة التي باتت جاهزة بشكل يتيح للبنان أن ينهض بسهولة”.
مُضيفًا “يمكن القول إنّ الانهيار توقف والأمور بدأت تستقر، وانطلقنا في مرحلة الصعود. القطاع الخاص في طور النمو، ونعمل على إعادة بناء القطاع العام، وأنا متأكد أنّ النهوض سيكون سريعاً، لا سيما اذا رصدنا عملية تحصيل الورادات التي يمكنها أن تسمح بوقوف الدولة على قدميها”.
وكشف ميقاتي أنّ “كل القوى السياسية من دون استثناء ترفض التنازل. لا يمكن التعامل مع الاستحقاق على قاعدة البيع والشراء، ماذا تعطونني وماذا أحصل… حتماً دول الخماسية تعود بزخم لإنجاز الانتخابات، ولكن ثمة مجهود على القوى السياسية اللبنانية أن تقوم به. وكل فريق لا يزال على موقفه”.
وإذا كان منسوب الاهتمام السعودي بالاستحقاق الرئاسي قد ارتفع خلال الفترة الأخيرة، أكّد ميقاتي أنّ “السعودية لم تتخل يوماً عن لبنان أو تبتعد عنه، وهي اليوم تشكل محرك الخماسية. والسفارة السعودية هي التي طلبت مني الموعد للقاء سفراء الخماسية”.
وبالنسبة للمسعى القطري، أشار ميقاتي إلى “أنّني التقيت أخيراً مرتين رئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، وفي المرتين كان الاستحقاق الرئاسي البند الأول في محادثاتنا، ولكن على اللبنانيين الوصول إلى قاسم مشترك يؤدي إلى انتخاب رئيس”.
وعمّن ينتخبه رئيسًا في حال كان نائبًا، لفت إلى أنّ “بعد كل الجولات الانتخابية ونتائج التصويت التي تحققت، أعتقد أنّه لا يمكن انتخاب رئيس إلا بالتوافق… ولننتظر ممثلي دول الخماسية، اذا كانوا يحملون اسماً جديداً”. وعن طرح فصل الرئاسة عن غزة، أفاد بـ”أنّني لم أسمع في أي من اللقاءات عن ربط الرئاسة بغزة، أو عن أي مقايضة مطروحة، لا من هوكشتاين ولا من غيره”.
وتعليقًا على رفض القوى المسيحية لهذا الأمر، أوضح أنّ “الأرجح أنّهم يقومون بخطوة استباقية لتفادي هذا الموضوع. لكنني لم أسمع من أي مسؤول أجنبي عن طرح يقضي بالمقايضة بين رئاسة الجمهورية والاستقرار في الجنوب”.
من جهة ثانية، وعمّا إذا كانت قد انتهت التعيينات العسكرية، أعلن ميقاتي “أنّنا نعمل بهدوء. لا أريد أن أتحدى أحداً وأريد أن احترم الجميع، ولكن ثمة مصلحة وطنية لا بدّ من تأمينها وتقتضي باستكمال التعيينات العسكرية. وحتى الآن لم يأت أي اقتراح من وزير الدفاع، وأنا من مسؤوليتي أن أعرض الأمر على مجلس الوزراء في الوقت المناسب لاتخاذ القرار”، منوّهًا إلى أنّ “بعد اقرار الموازنة، وتحديداً مطلع الأسبوع المقبل، سنعقد جلسة لنشر قانون الموازنة، ويمكن طرح التعيينات حينها”.
وعمّا إذا كان هناك تفاهم سياسي لإجراء التعيينات، كشف أنّ “بالمطلق كلا، ولكن في المراكز الضرورية ثمة ضرورة لإجراء التعيين. ورئاسة الأركان ضرورة”. وعمّا إذا كان هذا يعني أنّ بقية التعيينات قد تؤجل، أجاب: صحيح.
وعن أسباب الفوضى في الساحة السنية، شرح أنّ “الخلاف بين وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللّواء عماد عثمان، والخلاف بين الأخير ورئيس فرع المعلومات العميد خالد حمود بسبب التعيينات… هذه الفوضى موجودة في كلّ الساحات، على سبيل المثال الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش؛ هذا مع العلم أنّ العلاقة صارت جيدة بين مولوي واللّواء عثمان”.
وأعرب عن اعتقاده أنّها “مواضيع ثانوية يمكن معالجتها. أما في ما خصّ عمليات الفصل التي قام بها عثمان، فقد سألت عنها وقيل لي إنها حصلت ضمن القانون والأصول. لا أعرف الضباط المعنيين بالفصل لكي أحكم على التقييم”. وعمّا إذا كان مرشحًا ليكون رئيس حكومة العهد المقبل، ذكر ميقاتي “أنّني أعلن موقفي في حينه”.
وبموضوع الموازنة العامة لعام 2024، شدّد على أنّ “الموازنة التي أرسلناها لم تتضمن أي رسوم جديدة. لجنة المال والموازنة وحّدت معيار رفع الرسوم (46 مرة)، ما يعني أنّها تطال الفقير كما الغني بنسبة واحدة. أما تحقيق الوفر فقد ظهر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهذا ما ابلغه وزير المال للجنة، لذلك ارتفع تقدير الإيرادات وتجاوزت الموازنة العجز”.
وأبدى استغرابه “للضجيج والشعبوية التي رافقت إقرارها في اللجنة، وأنا أتبنى كل التعديلات التي أجرتها. ولكن تقديم اقتراح قانون بالموازنة من جانب تكتل “لبنان القوي”، خطوة غير مقبولة، ويفترض إقرار المشروع المرسل من الحكومة”، متسائلًا: “ما هذه البدعة الجديدة؟ لا يمكنها أن تطبق. “كلها حركات”، ولا أعتقد أنّ مجلس النواب سيقبل بهذه البدعة، فهذه سابقة لا يمكن تكريسها”.
______________________________
🌍 للاطلاع على أحدث الأخبار المحلية والعالمية من وكالة نيوز ليبانون بإمكانكم متابعتنا على الروابط التالية:
قم بكتابة اول تعليق