كتب النائب السابق ناصر قنديل مقالا في صحيفة البناء تناول فيه أهمية وجود سوريا و حريتها للبنان. حيث تطرّق إلى عدة مواضيع اقتصادية و اجتماعية في لبنان تترابط بشكل وثيق بسوريا، فمهما اشتدّ العداء و الانقسام السياسي لا يمكن لأي لبناني أن يكون مستفيدا من العقوبات الأميركية على سوريا بالعكس تماما فإنها تحرم لبنان من خدمات و مساعدات تمرّ عبر سوريا.
كتب ناصر قنديل :
_ لا يستطيع اللبناني لولا سيادة الشعوذة السياسية والكيد القائم على تسديد فواتير لبعض الخارج أن يكون مسانداً للعقوبات التي تستهدف سورية، حتى لو كان خصماً للقيادة السياسية للدولة السورية، وهو يقرأ كلام الدبلوماسي الأميركي جيفري فيلتمان، الذي يعرف اللبنانيون على اختلافهم، حجم عدائه لهذه القيادة السياسيّة، وتحريضه لبعض قياداتهم على هذا العداء، وهو يقول إن العقوبات تتسبب بالفقر والعذاب للشعب السوري ولفقرائه بصورة خاصة، وإنها بلا معنى سياسي لأنها لم ولن تؤثر على سياسات القيادة السورية ولم ولن تؤثر على شعبيتها. وهو ينتهي بالعودة إلى الاعتراف بالفشل الذريع والنتيجة البائسة سياسياً والمتوحّشة إنسانياً لهذه العقوبات.
– لا يستطيع اللبناني الذي يسمع نقاشات داخل مجلس النواب الأردنيّ توثق فشل إمداد لبنان بالكهرباء بسبب العقوبات الأميركيّة، لأن خطوط الإمداد الكهربائيّ ستمر عبر سورية، كما لا يستطيع أن يقف متفرجاً على هذه العقوبات وهو يعلم ان أنابيب النفط الآتية من العراق الى لبنان لتشغيل مصفاة طرابلس يمكن أن تشكل مصدراً لحلول متعددة لأزمات لبنانية كثيرة، وأن ما يمنع إحياء هذه الأنابيب هو قرار أميركيّ نابع من العقوبات الأميركية على سورية.
– لا يستطيع اللبناني الذي يعيش الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة ان يكون حيادياً تجاه العقوبات الأميركية على سورية، وهو يعلم أن الأزمات تفرض البحث عن التكامل الاقتصادي بين دول الجوار الجغرافي، وأن ما يجعل العراق ومصر والأردن تبحث بأشكال من التلاقي الاقتصادي، يجعل اللبنانيين الذين يقعون جغرافياً بين ثلاثيّة الاحتلال والبحر وسورية مجبرين بقوة الواقع على البحث عن التكامل مع سورية.
– لا يستطيع اللبناني الذي يعرف عبر التجارب والمشاهدة الحسية أن الصناعة والزراعة في سورية توفر آلاف السلع التي يستوردها لبنان بأضعاف الأسعار المتاحة لاستيرادها من سورية، وأن مبادلة تجارية بين البلدين بالعملة الوطنية تشكل أحد الأجوبة على المشاكل الكارثيّة التي يواجهها اللبنانيون.
– لا يستطيع اللبناني الذي يعلم أن أحد نتائج العقوبات ووجوهها على سورية يجعل منها عقوبات على اللبنانيين من خلال منع النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم، أن يؤيد هذه العقوبات وهو شريك بدفع أثمانها.
– اللبناني الذي يؤيد المقاومة يجد أسباباً إضافية للوقوف مع سورية بوجه العقوبات، واللبناني المناهض للإرهاب يجد أسباباً إضافية للوقوف مع سورية بوجه العقوبات، واللبناني المناهض للهيمنة الأميركية وعدوانية كيان الاحتلال يجد أسباباً إضافية للوقوف مع سورية بوجه العقوبات، واللبناني المناهض للتورط الخليجي والمشاريع التقسيمية والاحتلال التركي والتطرف الديني يجد أسباباً إضافية للوقوف مع سورية بوجه العقوبات، فهل يبرّر لمن يقف سياسياً على نقيض ذلك أن ينسى كل الأسباب اللبنانية للوقوف ضد العقوبات والانقلاب نحو تأييدها نكاية بخصومه من اللبنانيين الذي سيفرحون لرؤية سورية قويّة عزيزة بوجه محاور دوليّة وإقليميّة؟
هذا نداء للبنانيين للتفكير بهدوء ومن موقع المصلحة اللبنانية الخالصة في العقوبات التي تستهدف سورية، ودعوة لبنانية من هذا الموقع المصلحيّ اللبنانيّ لرفع الصوت ضد هذه العقوبات، والتساؤل، كيف يمكن لدول وحكومات حليفة للأميركيين أن تطلب استثناءها من العقوبات الأميركية على إيران، ولبنان لا يجرؤ على طلب الاستثناء من هذه العقوبات لملفات حيوية لا بديل عن سورية فيها، كتجارة الترانزيت عبر سورية، ونقل الكهرباء والنفط عبر سورية؟
– ما رأيك كلبناني وأنت تتابع ملف ترسيم الحدود البحرية، إذا علمت أن حكومات متعاقبة منذ 2007 تولت دراسة ملف الحدود البحرية تحت شعار حفظ ثورات النفط والغاز، تدّعي الدفاع عن المصلحة اللبنانية وتحكم باسمها، فاوضت قبرص مباشرة قبل ترسيم الحدود البحرية معها، وإيداع الخرائط لدى الأمم المتحدة، ورسمت حدودها مع فلسطين المحتلة بخرائط أحادية وأودعت هذه الخرائط لدى الأمم المتحدة، لكنها دأبت خلال عشر سنوات على التواصل مع الأميركيين مطالبة بمفاوضات غير مباشرة مع كيان الاحتلال على هذه الحدود، وبالتوازي فإن هذه الحكومات المتعاقبة، لم تبذل جهداً لترسيم رضائي للحدود البحرية مع سورية كما فعلت مع قبرص، ولا فعلت شيئاً لتفاوض بعد الترسيم الأحادي، سواء مباشرة أو بوساطة كما فعلت مع العدو، بل اكتفت بترسيم أحادي وأودعت خرائطه لدى الأمم المتحدة، وأخذت تلقي اللوم على سورية؟
تابعنا على فيسبوك
قم بكتابة اول تعليق