جاء في صحيفة “نداء الوطن”:
كما “تكذّب الماء الغطاس”، تثبت الأرقام عدم صوابية استمرار مصرف لبنان بالتدخل في سوق القطع، لأسباب أبعد ما تكون عن حماية القدرة الشرائية. فقد أظهرت “بيانات التغيّر نصف الشهرية بالعملات الأجنبية” الصادرة عن “المركزي” انخفاضاً حاداً في احتياطيات العملات الأجنبية تخطى نصف مليار دولار في الأسبوعين الأولين فقط من شهر حزيران الحالي. العجب من هذا الانخفاض غير المسبوق منذ عام، يبطل عند النظر الى حجم التداول خلال هذه الفترة على منصة صيرفة، المتوّج عليها “المركزي” كلاعب أكبر، حيث ارتفع إجمالي القيمة المتداولة إلى 1265 مليون دولار منذ 30 أيار ولغاية 15 حزيران الحالي.
تظهر الأرقام تراجع احتياطي العملة الصعبة في مصرف لبنان خلال النصف الاول من العام 2022 بقيمة 2285 مليون دولار، أي ما يقارب 2.3 مليار دولار. الخسارة الاكبر سجلت في النصف الاول من الشهر الحالي فيما تدنت الخسارة في شهر نيسان إلى حدود 210 ملايين دولار. وبحسب مصدر مطلع فان هذه المعطيات تحمل 3 مدلولات بالغة الخطورة:
الاول، يتمثل بالكلفة الباهظة التي يتحملها “المركزي” للمحافظة على سعر صرف مرتفع أساساً، حيث يظهر بوضوح ارتفاع سعر الصرف في الفترات التي لا يتدخل فيها بمبالغ وازنة.
الثاني، استعمال ما تبقى من أموال المودعين في التوظيفات الالزامية. إذ يقدّر أن يكون مجموع هذه التوظيفات قد أصبح بحدود 9.4 مليارات دولار، وليس 11.6 ملياراً كما يصرّح الحاكم، الامر الذي يقلص حصة المودعين من التعويضات في أي خطة مستقبلية لتوزيع الخسائر، ويزيد الضغط على الليرة، ويثير التساؤلات إن كان مصرف لبنان يحترم المحافظة على نسبة الـ 14 في المئة من مجمل الودائع كتوظيفات الزامية، حيث يقدر أن تكون النسبة قد أصبحت 9 في المئة فقط، اذا اعتبرنا أن مجمل الودائع في القطاع المصرفي هي بحدود 103 مليارات دولار.
الثالث، إحداث صدمات مؤذية في سوق القطع، تنعكس ارتفاعاً وانخفاضاً حادين تبعاً لمزاجية التدخل، لا يستفيد منها إلا المضاربون. أما المواطنون العاديون فيخسرون مرتين؛ مرة ببيع دولاراتهم على سعر منخفض، ومرة بعدم تراجع الاسعار بالنسبة والسرعة نفسها التي ترتفع بها مع كل ارتفاع لسعر صرف الدولار.
وبحسب المصدر فان كلفة التدخل منذ بداية الازمة بهدف إعطاء “أوكسيجن” للطبقة السياسية فاقت 23 مليار دولار. وهذا الرقم الهائل الذي يعود للمودعين يفوق بأكثر من 7 أضعاف ما يطمح لبنان للحصول عليه كقرض من صندوق النقد الدولي. وبرأيه فان المطلوب “إصدار قانون في مجلس النواب يمنع “المركزي” من استعمال ما تبقى من احتياطيات من العملات الاجنبية”… هذا إن كان بقي شيء.
قم بكتابة اول تعليق