الرئيس اللبناني عون يهاجم : جنبلاط مزاجي ، جعجع محرّض ، وسلامة مناور .

أكد رئيس الجمهورية، ميشال عون، أنّ لبنان تعاطى بإيجابية في رده على الورقة الخليجية، موضحا “انً هناك بنوداً وافقنا عليها وهناك بنود أخرى تنطوي على نقاط دقيقة اقترحنا ان تتم مناقشتها مع لجنة خليجية مشتركة”.

وأشار الرئيس عون في حوار مع صحيفة الجمهورية،الى ان الرد الأولي للوسيط الكويتي على الجواب اللبناني كان إيجابيا ومتفهما، “ونحن ننتظر حاليا رد السعودية والإمارات”.

ونفى أن يكون قد اقترح على أمير الكويت إدارة حوار لبناني ـ لبناني، لافتا الى ان الدقيق هو أنه تمنى عليه في رسالة نقلها وزير الخارجية زيارة لبنان للترحيب به، وبطبيعة الحال يمكن آنذاك البحث في كل المواضيع التي تهم البلدين ومنها العلاقات مع الدول الخليجية.

وأبدى رئيس الجمهورية، تأثره حيال الوضع الاجتماعي الصعب الذي آل اليه كثير من اللبنانيين نتيجة «الإفقار المتعمد الذي تعرضوا له»، مؤكدا انه يعرف جيدا معاناة الفقراء في هذه الظروف القاسية «وانا الذي خرجت من بينهم أصلاً ولا تصدقوا انني منقطع عما يجري من حولي كما يروّج أصحاب حملات التشويه»، مضيفا: «انا منحاز الى جانب المواطنين المتعبين ولا أقبل بأن يتم تدفيعهم ثمن ما اقترفته المصارف وحاكمية مصرف لبنان. واذا وجدتني أبتسم قليلاً في بعض الأوقات فلا يخدعك الأمر، إذ اكون كالطير الذي يرقص مذبوحا من الألم. انها ضحكة من فئة «المبكي المضحك» والتي تخفي خلفها غضبا وغليانا».

على جبهة المصرف المركزي، شدد الرئيس عون ان على حاكمه رياض سلامة أن يلبّي كل طلبات شركة التدقيق «الفاريس اند مارسال» وان أمامه مهلة لا تتجاوز هذا الأسبوع للتجاوب، لافتا الى ان كيله طفح من المماطلة والمناورة منذ أن قرر مجلس الوزراء التعاقد مع شركة تدقيق في حسابات مصرف لبنان في آذار 2020، «وسلامة منذ ذلك الحين يتملّص بذرائع مختلفة من طلبات الشركة، وكنت في كل مرة أتدخل لإزالة الذريعة تلو الأخرى». ويضيف: «على الجميع أن يعرف ان مهلة السماح انتهت، وان الوقت اصبح ثمينا جدا بالنسبة إلي، ولم يعد في استطاعتي ان أصبر وأتساهل إزاء الامعان في إضاعته وإهداره عن سابق تصور وتصميم. انا جاد في موقفي اكثر مما يتصور البعض وأعني ما أقوله، والبيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية قبل أيام هو إنذار».

وحول ما يمكن أن يفعله اذا لم يتجاوب سلامة معه أشار رئيس الجمهورية إلى انه، “عندها يكون في موضع مخالفة قرار مجلس الوزراء، وهذا أمر يرتّب تبعات قانونية وسياسية”.

ولفت إلى أن لسلامة مشكلات قضائية مع سبع دول أوروبية، نافياً ان يكون هناك توزيع ادوار بينه وبين القاضية غادة عون، وجازماً بأنه لا يضغط عليها ولا يتدخل في ملفاتها او ملفات قضاة آخرين، “والدليل انني عرفت في هذه اللحظة من المستشار الاعلامي رفيق شلالا انها اصدرت مذكرة إحضار في حق رياض سلامة”.

وحول ما سمّاه “يويو الدولار” سأل عون: “أليس مستغرباً هذا الصعود والهبوط السريعين في سعره؟ وهل لأحد أن يفسر كيف انه ارتفع ذات يوم أحد الى حدود 34 ألف ليرة ثم وصل في أحد آخر الى حدود الـ20 الفاً؟ ليس على علمي انه تم في الأسابيع الأخيرة تطوير الصناعة والزراعة وتفعيل السياحة والتجارة وان العملات الصعبة تدفقت الى لبنان فجأة، ولذلك لا يوجد سوى تفسير وحيد لهذا التلاعب بالدولار وهو ان هناك من يواصل سرقة الشعب وانا لا أعلم كيف أن البعض مقتنع بأن السارق يمكن ان يكون منقذاً”.

وبخصوص طريقة توزيع الخسائر، علّق رئيس الجمهورية قائلاً: “ما هذه الوقاحة.. إنهم يلقون على المودعين الجزء الأكبر من الاعباء، فيما من أهدر أموال الناس يتحمّل الجزء الأصغر. كيف سنطلب من الناس القبول بمزيد من التذويب لودائعهم وحقوقهم بينما لا يوجد بعد في السجن ولو شخص واحد من اولئك الذين سطوا عليها وتسببوا في إفقار أصحابها، وليكن معلوما انني لن أقبل بأن يدفع المودعون الثمن الأكبر للحل كما دفعوا الثمن الأقسى للأزمة”.

ورد عون على جنبلاط، بالسؤال: “هل انا الذي وضعت يدي على المال العام؟ هل انا الذي كنت شريكا في السياسات الاقتصادية والمالية الملتوية المعتمدة من عام 1992 وحتى الأمس القريب؟ هل انا من يحمي مهندس الإفلاس والانهيار؟ هل انا من تورط في الفساد ام انني أحاربه عبر الاصرار على التدقيق الجنائي؟». ويتابع: «أصلاً تحتار مع اي وليد جنبلاط ينبغي أن تتكلم، وهو الذي يصح فيه القول: اذا كان معك انتظره ان يتركك واذا كان مع غيرك انتظره ان يعود إليك. الأكيد ان المزاجية لا تبني دولة”.

أمّا هجوم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المتكرر على عون، فرد عليه رئيس الجمهورية أيضا بالاسئلة الآتية: “هل انا آذيتُ احداً؟ هل انا بنيت قصراً؟ هل انا غدرت بحليف؟ هل انا احترفتُ التحريض؟”.

وأضاف: “ليخبرنا سمير جعجع عن “إنجازاته”. فلتكن لديه جرأة ان يجري جردة حساب ويخبرنا ماذا حقق للبلد وما هي المشاريع الايجابية التي نفذها؟ شغله الشاغل التحريض والدعوة الى التنحي. تصوّر انه كان قد التزم مرة بأن يمنح الرئيس سعد الحريري أصوات “القوات اللبنانية” خلال مشاورات التكليف، فنام الرجل رئيسا مكلفا ثم استفاق منسحبا بعدما خَذله جعجع وتراجع عن تأييده. هو الآن يظن انه سيستطيع وراثة القاعدة السنية، إنما لا اعتقد ان سنّة بيروت سيجارونه بعد الذي فعله مع زعيمهم، ولا سنّة طرابلس سيدعمونه بعد الذي فعله مع زعيمهم أيضاً قبل عقود». ويتابع: “الخصومة السياسية الشريفة مشروعة، ولكن لماذا خطاب الكراهية والشحن ضد الآخر؟”.

وحول العلاقة مع حزب الله، أكد الرئيس عون، أنّ “التفاهم مستمر ولا فراق بيننا وبين الحزب. نعم، يحصل احيانا برود او جمود كما جرى أخيرا نتيجة تباينات في مقاربة بعض الملفات الداخلية، وأحياناً استغرب بعض خياراته في ما يتعلق بقضايا إصلاح الدولة ولكن المطلوب ان نعالج الالتباسات ونطور التفاهم، لا ان نلغيه. وبالتالي، فإنّ الأمور لا تصل إلى درجة الافتراق. يكفي هذا التفاهم انه صمّام امان ضد الفتنة الداخلية والحرب الأهلية، وبفضله تجاوزنا بنجاح اكثر من اختبار صعب، وجبران باسيل وُضع على لائحة العقوبات لأنه رفض طلب واشنطن ان ينقلب على الحزب، وهو ارتضى العقوبات الأميركية على الانزلاق الى مستنقع النزاع الاهلي. وعليه، فإنّ التفاهم لا يزال ضرورة وطنية الا اذا كان المطلوب ان يكون البديل عنه نموذج التعبئة البغيضة وإهانة معتقدات الآخر وخصوصيته”.

وحول إمكانية أن تنتزع “القوات” الأكثرية المسيحية من “التيار الوطني الحر” في الانتخابات النيابية المقبلة، أشار عون الى أن “هناك حملة تضليل واسعة تحصل حالياً، وستشتد تباعاً للعب على عواطف الناس وأخذهم الى خيارات غير واقعية، ولكنني على ثقة تامة في أن قواعد التيار تعرف الحقيقة وتعرف كيف تختار”.

أما عن مصير الانتخابات، فشدد رئيس الجمهورية، على أن “كل التدابير اللوجستية والتقنية التي تتطلبها الانتخابات صارت جاهزة او هي قيد الإتمام، وبالتالي نحن نتصرف على اساس ان نكون مستعدين لإجراء هذا الاستحقاق الديموقراطي في موعده، وانا كرئيس للجمهورية لا أقاربه من زاوية حسابات سياسية ومصلحية بل أتعامل معه كواجب وطني ودستوري، الا اذا استجد سبب قاهر، داخلي او خارجي، يفرض التأجيل. وهذا ما لا اتمناه”.

وفيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، أوضح عون، أنّ “ما يعنيه بالدرجة الأولى هو انّ ولايته تنتهي في 31 تشرين الأول المقبل، وقال: “أنا سأغادر القصر الجمهوري حتماً في هذا التاريخ، حتى لو لم يتم فورا انتخاب الرئيس الجديد. المهم ان تكون الحكومة موجودة لكي تملأ الفراغ، إن وقع، في انتظار الانتخاب. وعندما أغادر القصر سيكون من حقي طبعاً ان أطرح مقاربتي للرئيس المطلوب، الا اذا كان هناك من يريد أن ينتزع حقوقي السياسية”.

وحول طرح اسمي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، علّق عون بالقول: “صَحتين على قلبن.. بس صدّقوني القصة مش أكلة”، وغداً من سيجلس مكاني على هذا الكرسي سيكتشف انني كنت مصيباً في رأيي. الا ان المفارقة هي ان الفراشة تدرك ان الضوء يحرقها ولكنها تظل تحوم حوله”.

وعن فرص باسيل بالرئاسة، رأى عون، أنّ “ما تحمّله باسيل لا يتحمله الا أصحاب الشخصيات الصلبة. اذا “تفركش” أحدهم على الدرج او وقع خلاف بين شخصين، تُلقى المسؤولية فوراً على جبران. لم يتركوا شعارا مسيئا له على المستويين الشخصي والسياسي الّا واستخدموه ضده الا انه بقي ثابتا على قناعاته ووفياً لها، وهذا هو المهم بمعزل عن الموقع الذي يمكن أن يشغله”.

وتناول رئيس الجمهورية تداعيات تعليق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عمله السياسي والنيابي، بالإشارة إلى أنه “يفصل بين خلافه السياسي المعروف مع الحريري وبين مقتضيات التوازن الوطني التي تحتّم عدم القبول بانكفاء مكوّن اساسي”. ولفت إلى أنه “انطلاقاً من هذا المبدأ زرت مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشرحتُ له انه وعلى رغم انني كنت على خلاف مع الرئيس سعد الحريري، الا انه من الضروري الآن ان نفكر وطنياً، وعليكم ان لا تخلوا الساحة، وإلا فإنّ السيبة الميثاقية التي تستند الى ركائز متوازنة سيختلّ توازنها”.

وحول خصومته مع معظم القوى الداخلية، شرح عون بأنه “في آخر إفطار رمضاني استضافه في القصر الجمهوري، كان المسؤولون الكبار حاضرون والرؤساء السابقون ورؤساء الطوائف والنواب والوزراء والاعلاميون، وألقيت يومها خطابا شددت فيه على انني سأحارب الفساد والفاسدين، فعلا التصفيق الحار الذي اهتزّت له القاعة، ولكن ما ان طرحت التدقيق الجنائي حتى اكتشفت انني شبه وحيد واختفى المصفقون. وانت عليك ان تستنتج العبرة من هذه المفارقة”.

وأكد رئيس الجمهورية أنّه مستعد لزيارة سوريا قبل نهاية عهده، وقال إنه “لا مانع أمام حصولها اذا وجدت ان هناك موجباً لها”.

وأعرب عن ارتياحه الى سلوك الحكومة، مشدداً على أن وزراءها أوادم”، وانّ علاقته مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جيدة. ويؤكد انه ينطلق من الدستور في كل قراراته ومواقفه، وأضاف: “أنا لا أعتدي على صلاحيات أحد وأريد من الآخرين ان يحترموا الصلاحيات التي أناطها الدستور برئيس الجمهورية ولا يعتدوا عليها”.
تابعنا على فيسبوك 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن