تقترح دراسة جديدة -نشرت بدورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية “بناس” (PNAS) يوم 29 مارس/آذار الماضي- أنه عندما تكون الفريسة داخل شبكة العنكبوت في حالة حركة، فإن تعزيز تلك الاهتزازات قد لا يقدر بثمن، حيث يتم نسج شبكات يبلغ حجمها أحيانا 10 آلاف ضعف حجم العنكبوت الأصلي.
استخدم الباحثون في الدراسة مجموعة من “عناكب الغازل المداري” (Orb-weaver spider) لإجراء تجاربهم، وهي المجموعة الأكثر شيوعا المعروفة بصنع شبكات كبيرة على شكل عجلة لولبية، غالبا ما توجد في الحدائق والحقول والغابات. وجعلوها تنتج شبكات عنكبوتية داخل إطارات مستطيلة في المختبر، وأمكن بعد ذلك إخضاعها لسلسلة من الاختبارات.
يعد العنكبوت الغازل المداري ثالث أكبر فصيلة من العناكب، ويقوم بإنشاء شبكاته العنكبوتية بطريقة نمطية، ثم يقوم ببناء إطار من الحرير غير اللزج حتى قبل أن يضيف العنكبوت الشبكة الجديدة، ووجد الباحثون أن الشبكة العنكبوتية الهشة تعمل كهوائي صوتي ضخم وشديد الحدة، لالتقاط حركات جسيمات الهواء التي يسببها الصوت.
انسجام تام مع الصوت
تم استخدام مقياس اهتزاز الليزر لقياس استجابة حرير شبكة العنكبوت للموسيقى في غرفة عديمة الصدى (غير عاكسة للصوت)، وهي غرفة مصممة لامتصاص الموجات الصوتية أو الكهرومغناطيسية بالكامل وتقضي على الانعكاس والضوضاء الخارجية، وأظهرت القياسات أن الشبكات تتحرك بانسجام تام تقريبا مع الصوت، مما قد يؤدي إلى التقاط الصوت عند وصوله.
وقد تم اختبار أصوات ذات ترددات مختلفة ومن اتجاهات مختلفة باستخدام الشبكات، وحصلت بعد ذلك على استجابات ذات صلة من العناكب؛ عادة ما كانت تنقلب أو تنحني أو تتسطح استجابة لذلك. وفي حالة الصوت الاتجاهي، وجهت العناكب نفسها نحو الموقع الذي يأتي منه الصوت.
وأظهرت التجارب الإضافية مع مكبرات الصوت المصغرة الموضوعة بالقرب من حافة الشبكة أن الأصوات تنتقل عبر الشبكات أكثر من الهواء، إذ استجابت بعض العناكب للاهتزازات حتى عندما لم يصل الصوت إلى العناكب عبر الهواء.
أذن مخفية داخل جسم العنكبوت
تعتمد الدراسة الجديدة على بحث سابق حول الطريقة التي تتفاعل بها شبكات العنكبوت مع الصوت والموسيقى، لكن الطريقة التي تستجيب بها خيوط الحرير للموجات الصوتية تختلف عن طريقة عمل طبلة الأذن.
فلدى البشر ومعظم أنواع الفقاريات الأخرى طبلة أذن تحول ضغط الموجة الصوتية إلى إشارات كهربائية، يتم فك شفرتها بعد ذلك في أدمغتنا. لكن الحشرات ومفصليات الأرجل (بما في ذلك العناكب) ليس لديها طبلة الأذن هذه؛ لذلك قد تكون شبكات العنكبوت بديلا.
ونحن نعلم أن العناكب قادرة على الصيد في مجموعات، على سبيل المثال، عبر اهتزازات الشبكة التي تمر عبر الأعضاء الحسية على مخالب عظم الكعب عند أطراف أرجل العنكبوت. في هذه الحالة، من الواضح أنها تستجيب لشيء ما عندما تضرب الموجات الصوتية، ولكن ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة كيفية معالجة العناكب لهذه المعلومات.
يقول المهندس الميكانيكي جونبنج لاي من “جامعة بينغهامتون” (Binghamton University) في نيويورك -في بيان صحفي للجامعة- “يمكن حتى أن تكون هناك أذن مخفية داخل جسم العنكبوت لا نعرف عنها شيئًا”.
نظرة فاحصة
من خلال حركاتها استجابة للأصوات، ربما تقوم العناكب بضبط أوتار الشبكة لالتقاط ترددات صوتية مختلفة، وهناك الكثير من السبل المحتملة لاستكشافها للباحثين بناء على هذه الدراسة الأخيرة، التي تتضمن تحسينات محتملة لمعدات الصوت التي يمكن أن تستفيد من بعض الإلهام الطبيعي.
ويقول المهندس الميكانيكي رون مايلز -من الجامعة نفسها-“إن العنكبوت حقا دليل طبيعي على أن هذه طريقة قابلة للتطبيق لاستشعار الصوت باستخدام قوى لزجة في الهواء على ألياف رقيقة”، وأضاف “إذا كانت تعمل في الطبيعة، فربما يجب أن نلقي نظرة فاحصة عليها”.
المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية
قم بكتابة اول تعليق