أكّد الخبير المالي و الاقتصادي الدكتور محمود جباعي أنّ لبنان لديه مقوّمات اقتصادية و موارد مالية تمكّنه من النهوض من أزمته و إعادة الثقة باقتصاده دون الحاجة إلى صندوق النقد الدولي، و هي مجرّد مشاريع تحتاج إلى تعديل بعض المراسيم لتأمين مداخيل اضافية للدولة. كما كشف دكتور جباعي عن كميات الغاز الهائلة المتواجدة في البلوكات البحرية غير المتنازع عليها، بالإضافة إلى الكشف عن دور المقاومة في المرحلة القادمة في حماية حقوق لبنان الإقتصادية و البدء بالتنقيب عن الغاز.
تفاصيل أكثر عن ما كشفه الدكتور محمود جباعي في نص المقابلة الخاصة التي أجراها مع وكالة نيوز ليبانون، حاورته خلالها الإعلامية آية أبو الحسن :
١_ ما هي المعطيات الاقتصادية التي تساهم في ثبات سعر صرف الدولار في السوق السوداء مؤخرا في ظلّ وجود دراسات تقول أن السعر المنطقي للدولار يجب أن يتخطى الأربعين ألفا بسبب غياب أي مؤشرات اقتصادية اصلاحية؟
“إن تحديد سعر صرف الدولار في السوق السوداء لا يستند إلى قواعد علمية و بالتالي لا يمكن تحديد سعر معيّن للدولار، إنما نحن نتوقع مسار لسعر الصرف في فترة زمنية معينة، و الذي يمكن أن يتخطى ال ٤٠ ألفا و من ثمّ يمكن أن يعاود الانخفاض مجددا.
أما طريقة احتساب سعر صرف الدولار فهي ترتكز على حجم الكتلة النقدية في السوق لدى الناس و على حجم الكتلة النقدية بالدولار لدى المصرف المركزي، و مع كل أسف، فان المصرف المركزي، الذي هو الجهة السياسية الرسمية التي يجب أن تتحكم بسعر صرف الدولار، قد فقد السيطرة على الأسواق لذلك فإن اتجاه سعر صرف الدولار يبقى تصاعديا، فمثلا منذ فترة لامس الدولار حد ٣٨ ألفا فتدخل مصرف لبنان عبر منصة صيرفة مما أدى إلى انخفاضه إلى حد ٢٩ ألفا، لكن نذكّر دائما بأن هذا التّدخل من قبل المصرف المركزي مصطنع لأنه غير مبني على حلول جذرية للازمة الاقتصادية، فحين نريد معالجة مشكلة العملة الوطنية لا يمكننا معالجتها بالنقد فقط، إنما يجب معالجتها بالنقد، المال و الاقتصاد معا ، هنا يجب تسليط الضوء على الفرق بين هذه المفاهيم الثلاثة، فالاقتصاد نقصد به الناتج المحلي المرتكز على الزراعة، الصناعة، ميزان مدفوعات، الميزان التجاري، نشير هنا إلى العجز الكبير في الميزان التجاري حيث تبلغ قيمة الاستيراد ١٣ مليار دولار اما التصدير ف ٣ مليارات دولار، كذلك الأمر في ميزان المدفوعات، و الناتج المحلي الذي أصبح ضئيلا جدا فقد انخفض من خمسين مليارا إلى عشرين مليار و هذه فجوة اقتصادية كبيرة جدا و تشكّل ركودا اقتصاديا كبيرا، كل هذه المعطيات الاقتصادية اثّرت بشكل كبير على سعر صرف الدولار. أمّا الشقّ المالي، نقصد به النفقات و الإيرادات المالية للدولة و التي تشهد أيضا عجزا كبيرا حيث لا يوجد إصلاحات ضريبية جديّة كما أن الدولة لا تبحث عن مصادر حقيقية سواء في المال او في الاقتصاد لتمويل موازنتها، كل هذا يؤثر على سعر صرف الدولار. و يمكننا أيضا ذكر دور المصرف المركزي و المصارف و حجم ضخ الدولار في السوق و بالتالي لا يمكننا تحميل مسؤولية هذه المشكلة للمصارف و للمصرف المركزي فقط لانه قطعا يجب أن نعالج الخلل الكبير الموجود لدى الدولة اللبنانية بموضوع إدارة الاقتصاد و المال… في ظل كل هذه المعطيات فإن مسار الدولار سيبقى تصاعديا للأسف لأنه لا حلول جذرية في الاقتصاد كما سبق و ذكرنا حيث أن الخطط الاقتصادية غائبة سواء كانت في الزراعة، الصناعة، الكهرباء، البنى التحتية، حتى الإصلاحات المالية غائبة حيث لا توجد موازنة عامة حقيقية إنما مجرّد موازنات تشبه إلى حد ما الهرتقات المالية التي لا تشبه الموازنات العامة التي تجري في كل دول العالم. و بالتالي فإن مصرف لبنان يفقد الدولارات و المصارف لا تنتج دولار كافي، كل هذا يساهم في ارتفاع سعر الصرف.
امّا بالنسبة إلى ثبات سعر الصرف حتى الآن في ظلّ غياب الإصلاحات فهو يعود إلى وجود المغتربين الذين يضخون الدولار في السوق، كما ، و قبل قدوم المغتربين، قام مصرف لبنان بضخ مليار و مئة و تسعين مليون دولار عبر منصة صيرفة حين جدد القرار ١٦١ في أيار الماضي كما أنه ضخ حوالي ال ٤٠٠ مليون دولار عبر صيرفة أيضا منذ منتصف حزيران حتى اليوم، اي انه دفع حوالي مليار و ٦٠٠ مليون دولار خلال شهر و نصف فقط، و هذه الأموال تم جمعها من السوق السوداء عبر رفع سعر صرف الدولار، لذلك قد نشهد نفس اللعبة بعد فترة من أجل تمويل صيرفة على ذات النحو. أما في هذه الفترة فالدولار ثابت إلى حد ما من أجل جمعه من المغتربين في السوق السوداء، لكنه و للأسف، من المتوقع عودة ارتفاع سعر الصرف بعد مغادرة المغتربين، لأنه لم نبدأ بعد في وضع إصلاحات حقيقية لا في المال و لا في الإقتصاد.
٢. أشرت هنا إلى إمكانية فقدان سيطرة مصرف لبنان على سعر صرف الدولار في السوق السوداء ،ما مدى خطورة هذا الأمر على الوضع الإقتصادي في لبنان؟
بالطبع حين يفقد مصرف لبنان سلاحه من النقد ليحارب به بوجه العملات الأجنبية، فهو يحتاج لأن يكون لديه مخزون كبير من النقد الأجنبي… فحين كان يمتلك ٤٠ او ٥٠ مليار دولار كانت لديه القدرة على السيطرة على السوق و تثبيت الدولار عند ال ١٥١٥ ، لكنه اليوم يمتلك ٨ مليار دولار فقط فأين هي قدرته اليوم ، و هو المسؤول عن دفع المستحقات المالية لاستيراد القمح و غيره، و دعم البنزين عبر صيرفة، لذلك هو قطعا لم يعد يمتلك الكتلة النقدية بالدولار ليساهم في ضبط سعر العملة الوطنية، من هنا نحن نتوقع بعد فترة، حين ينتهي الاحتياط، ماذا سيكون موقف لبنان من الكتلة النقدية بالدولار ، و حتى إذا كان هناك مئة مليار دولار في السوق بين يدي الناس، هذا أمر مهم لكن لا يؤثر على انخفاض سعر صرف الدولار لأن الجهة الرسمية ليست هي من يحمل الدولار، بل الجمهور الذي بدوره يشكل اقتصادا نقديا يُضارب على الليرة لأن حامل الدولار من الناس سيفتّش عن أعلى سعر ليبيعه في السوق السوداء.”
٣_ بالحديث عن دور المصرف المركزي و المصارف ،هناك صراع بدأ يخرج إلى العلن بين الطرفين، ما هو مستقبل هذا الصراع ، و هل هو استعراض لاعادة ثقة الرأي العام نوعا ما بالمصارف ؟
” بكل شفافية، نحن كخبراء اقتصاديون ، و انا معروف عني الواقعية و الشفافية بالتعاطي مع الناس، احمّل المصرف المركزي العديد من الأخطاء النقدية بدءا بالتعاميم الخاطئة التي ظلمت المودعين و ساهمت ب”الهيركات” و عدم وضع تعاميم حقيقية لحماية الليرة منذ بداية الأزمة حين كان لا يزال يمتلك كتلة نقدية، و احمّل المصارف اللبنانية مسؤولية عدم مراعاة المخاطر فقد غامرت بأموال المودعين مقابل فوائد عالية أغراها فيها المصرف المركزي لتستفيد منها الدولة اللبنانية التي يحكمها رجال سلطة و سياسة فاسدون سرقوا هذه الأموال و أهدروها بمشاريع مالية و اقتصادية خاطئة، و لكن الجزء الأكبر من المسؤولية نحمله للدولة اللبنانية و للقوى السياسية ، ليست فقط القوى الحاكمة اليوم، بل نحمّله للحكومات المتعاقبة منذ ال ٩٢ حتى اليوم التي لم تنتج اي سياسة اقتصادية حقيقية لتحسين البنى التحتية و الكهرباء و الطرقات، و النقل العام و لدعم الزراعة و الصناعة، كما احمّل وزراء المال الذين تعاقبوا على استلام وزارة المال الذين جعلوا لبنان منذ ال ٢٠٠٥ إلى ٢٠١٨ بدون موازنة عامة و هذا أمر غير مقبول في كل دول العالم، بل اعتمدوا على القاعدة الاثني عشرية و التي يمكن اعتمادها في ظروف استثنائية و لمرة واحدة فقط، كما لا يمكننا أن نتجاهل الوضع السياسي و التناحر بين الافرقاء السياسيين الذي اثّر على الوضع الإقتصادي في البلد.
لذلك اذا أردنا تقسيم المسؤولية بشكل عادل، فان المصارف تتحمل ٢٠ بالمئة من المسؤولية، المصرف المركزي يتحمل من ١٥ إلى ٢٠ بالمئة، اما باقي المسؤولية فتتحملها الدولة اللبنانية بكلّ القوى السياسية الحاكمة دون أي استثناء سواء في المجلس النيابي او في المجلس الوزاري.
لذلك أُطالب اليوم، بصفتي مستشار لجمعية المودعين اللبنانيين، من الدولة عبر الإعلام و عبر اللقاءات مع بعض القوى السياسية بإنشاء صندوق استثماري لتساهم من خلاله بضخ أموال لتحفيز الاستثمار و النمو الاقتصادي من جهة و لإعادة جزء من أموال المودعين من جهة أخرى، و هو امر تتحمل مسؤوليته الدولة اللبنانية، لأنه و بكل بساطة يمكننا أن نقول ان هذه الدولة استدانت من المصرف المركزي ٦٤ مليار دولار و هي أموال المودعين، لذلك لا تستطيع الدولة اليوم ان تتهرب من هذه المسؤولية. فالمودع اليوم قد تحمّل اعباء الأزمة بشكل جائر طوال عامين….فقبل ١٧ تشرين كان هناك ١٦٦ مليار و ٤٢٤ مليون دولار موجودة كودائع في المصارف اللبنانية بينها ١٢٧ مليار بالفريش دولار و حوالي ٣٧ مليار بالعملة الوطنية ، أي على سعر صرف ال ١٥١٥، اما اليوم فالودائع أصبحت كلها ٩٨ مليار دولار و ٢ مليار بالعملة الوطنية أي أنّ المودعين قد فقدو حوالي ال ٦٦ مليار من ودائعهم عبر ال “الهيركات” حيث يستفيد المودع من أمواله على دولار ٨٠٠٠ بمقابل الدولار في السوق السوداء الذي يصل إلى ٣٠ ألفا، و بالتالي فإن المودع تحمل كثيرا في هذه الأزمة.
لذلك نطالب بالعمل على مشروع متقدّم اكثر، فإذا سرنا بخطة الحكومة بإرجاع مبلغ ١٠٠ الف دولار لكل مودع من المودعين مقسمة على فترة زمنية محددة، ستتكلف المصارف بذلك حوالي ٢٨ مليار دولار ، هنا يتبقى من أموال المودعين حوالي ٧٠ مليار دولار، لذلك نقدّم اقتراحا بأن نسير بخطة “هير دايت” على حسابات المودعين الذين يمتلكون اكثر من ٥٠٠ ألف دولار، و الذي يقضي بإرجاع الودائع إلى أصلها دون فوائد، نكون بذلك وفّرنا خسائر بحدود ٨ إلى١٠ مليارات دولار، بالإضافة إلى وجوب مراقبة لحسابات موظفي القطاع العام التي لا يمكن أن تحتوي على ملايين الدولارات مقارنة بأجورهم، و بالتالي يمكننا إعادة الأموال المختلسة من المال العام، و أخيرا تأتي خطوة انشاء صندوق تعافي اقتصادي نضع فيه عائدات استثمار أصول الدولة و ليس بيع أصول الدولة عبر الخطوات التالية:
اولا : الدولة تمتلك حوالي ٣٠ بالمئة من مساحة الأراضي اللبنانية أي ما يعادل ال ٣٠٠٠ كلم٢، هذا كنز يمكننا استخدامه عبر تأجيره للشركات الخاص، و عائدات هذا الاستثمار من شأنها تأمين واردات للدولة لتخفيض العجز و إعادة جزء من أموال المودعين.
ثانيا: ان الحكومة تستطيع فرض ضريبة على الثروة، اي ان اي شخص لديه ثروة تفوق المليون دولار يتوجب عليه دفع ضريبة ١ بالمئة، أي عشرة آلاف دولار سنويا للدولة.
ثالثا : فرض دفع رسوم استخدام مطار رفيق الحريري الدولي من قبل شركات الطيران بالفريش دولار كون هذه الشركات أجنبية، ففي كل يوم تمرّ اكثر من ١٢٠ طائرة عبر المطار و يمكن إجبار كلّ منها على دفع ال ٥٠٠٠ دولار للدولة اللبنانية بالفريش دولار، و هذا يتطلب فقط تعديل مرسوم جباية هذه الضرائب لتكون جبايتها بالفريش دولار، كذلك هذا المرسوم يجب أن ينسحب على الضرائب المفروضة في المرفأ و المعابر البرية.
رابعا : الأملاك البحرية التابعة للدولة تشكّل مصدرا لإدخال الأموال لخزينة الدولة ، فالمستثمرون يدفعون قيمة زهيدة جدا للدولة لقاء استثمار الأملاك البحرية ، لذلك يجب على الدولة وضع قيمة منطقية لإيجار هذه الأملاك التي يمكن أن تكون على سعر صيرفة مثلا.
خامسا : موضوع استخراج الغاز، ماذا تنتظر الحكومة اللبنانية لتبدأ التنقيب عن الغاز في البلوكات غير المتنازع عليها، الأمر الذي سيعود بمردود عال على الدولة اللبنانية!
اذا ، أؤكد لكم أن لبنان بلد غير مفلس و لا بلد منهار، بل على العكس فهو يمتلك كل المقومات من أجل النهوض الاقتصادي دون الحاجة إلى صندوق النقد الدولي او إلى الدول العربية أو الغربية.
و لكن يُمنع على لبنان استخدام هذه المقومات من أجل وضعه تحت مصقلة الدول الخارجية للضغط عليه في موضوع المقاومة من جهة و في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع كيان الإحتلال من جهة أخرى.”
٣_ بالحديث عن حاجة لبنان للخارج، ما هي أهمية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي و ما هي تأثيراته على لبنان؟
” لا يوجد أي أهمية للاتفاق مع صندوق النقد الدولي على الاطلاق لان المبلغ المقدّم هو ٣ مليارات دولار فقط، و هو مبلغ نستطيع جبايته من المطار او المعابر او استثمار أصول الدولة بكل سهولة، و هي مشاريع لا تحتاج الّا لتعديل بعض المراسيم فقط كما ذكرنا سابقا.
اذا الدولة اللبنانية و الحكومة لديها إمكانيات افضل من عرض صندوق النقد الدولي، الذي يمكن اعتباره جزء صغير من الحل كونه جهة مانحة للاقتصاد اللبناني و لكنه غير كاف.
الجزء الأهم في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يتركز بشكل اساسي على إعادة الثقة بين لبنان و المؤسسات الدولية ، كما أنه يمكن أن يشكّل جهة رقابيّة على القوى السياسية في لبنان.
و لو لم يكن السياسيون في لبنان فاسدين او مرتهنين إلى الخارج كان بإمكان لبنان معالجة مشاكله لوحده، نذكر مثال عرض وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان لإنشاء معملين لتوليد الكهرباء على الغاز بسعة ١٠٠٠ ميغاوات من الكهرباء في كل من بيروت و الجنوب بكلفة زهيدة و بالليرة اللبنانية او على سعر صرف ٨٠٠٠ ، لكن لبنان رفض لان الولايات المتحدة الأمريكية لا تقبل ان يقوم لبنان من ازمته دون دفع الثمن في ملف ترسيم الحدود البحرية و في موضوع المقاومة. اذا القوى السياسية اللبنانية مشاركة ايضا في حصار لبنان.”
٤_ ماذا ان لم تمضِ الدولة اللبنانية في ايّ من هذه الحلول، و ماذا إن استمرّت أزمة ترسيم الحدود البحرية ؟ و إنّ حُلّت هذه العقدة فإن الدراسات تشير إلى أنّ عائدات الغاز قد لا نستفيد منها قبل ٦ إلى ٧ سنوات… هل يمكننا الصمود كلّ هذه المدّة؟
” غير صحيح ان الاستفادة من الغاز لا يكون قبل ٦ إلى ٧ سنوات ، فبمجرد اعلان لبنان نيّته البدء بالاستخراج هناك شركات ستتقدم باستثمارات من أجل الاستخراج و أخرى سوف تدفع الأموال مقدّما من أجل أن تضمن شراء حاجتها من هذا الغاز، مثلما حصل في الكيان الإسرائيلي الذي قبض ٦ مليارات دولار من أوروبا قبل أن يستخرج الغاز حتى، ثمّ سيحصل على المبلغ الأكبر ، حين يسلّم الكمية المطلوبة من الغاز بعد استخراجه. كذلك الأمر، في مصر، فعندما اكتشفوا حقل ظهرة المصري و أعلنت الحكومة المصرية نيتها البدء بالتنقيب، اخذت مصر ١٧ مليار دولار من البنك الدولي لان لديها ثروة موجودة تستطيع من خلالها إرجاع المبلغ المستدان.
اذا يكفي ان يُعلن لبنان عن تواجد الغاز لديه و نيته البدء بالتنقيب، هذا الاعلان كافٍ ليعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان على أنه دولة غير مفلسة، الأمر الذي سينعش الاقتصاد اللبناني لان كل الدول ستسعى إلى مساعدته لأنها تعلم أن لديه ثروة من الغاز ستعود عليها كبدائل.
هنا سأضيف معلومات مؤكدة، بأن لبنان يمتلك اكثر من ٣٢ ترليون قدم مكعب من الغاز وفقا لكل الدراسات و لكل الشركات الإيطالية و الفرنسية و الروسية.
اكثر من ذلك، تقول شركة Enppi الإيطالية ان البلوك رقم ٤ هو من أهم آبار الغاز في العالم، و هو بلوك غير متنازع عليه مع كيان الإحتلال، و ينتج كميات هائلة من الغاز التي قد تصل إلى مئات مليارات الدولارات لان هذا الغاز متجدد، ثروة هذا البلوك توازي الثروة في روسيا و في إيران و في قطر أيضا، و لكن مُنع على لبنان البدء بالتنقيب فيه من أجل ربط كل ملف الغاز بمسألة ترسيم الحدود البحرية مع كيان الإحتلال .”
٥_ هل سنشهد تدخّل لحزب الله في موضوع التنقيب عن الغاز كما فعل حين استقدم بواخر المازوت و البنزين من إيران؟ هل سيستقدم شركات للتنقيب عن الغاز من إيران او من روسيا؟
” سؤال جدا مهم، الموضوع هنا يختلف لانه موضوع استراتيجي و لكن حزب الله اليوم يعطي فرصة للحكومة اللبنانية و لا يزال يقف خلفها و يساندها في قراراتها من أجل تثبيت الموقف اللبناني، و لكن، و هذه معلومة دقيقة، حزب الله لن يقف مكتوف الأيدي طويلا اذا تبيّن ان القوى السياسية اللبنانية تتخاذل عن قصد في موضوع الغاز و النفط، عندها قد يقوم حزب الله باتخاذ قرارات جريئة لمصلحة كل الشعب اللبناني كونه هو المقاومة التي حمت و دافعت عن حقوق لبنان سياسيا و عسكريا و اليوم سوف تحميه اقتصاديا اذا اقتضى الأمر. و قد يلجأ إلى استقدام شركات إيرانية أو روسية مثل غاز بلوم او غيرها من أن اجل البدء بالتنقيب.
أمّا إذا توصلنا إلى نتائج منطقية و تعود بالمصلحة على لبنان بالمفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي و الوسيط الأميركي فمن المؤكد ان حزب الله سيكون خلف الدولة اللبنانية.”
٦_ في هذا السياق سنعرّج على موضوع أزمة الموارد الطبيعية في العالم، هناك من يربط اسباب أزمة القمح و اسعار البترول بالصراع الروسي الأوكراني، لكن هل يمكن أن تكون العلاقة بين الأمرين عكسية، أي أن العالم شارف على نضوب الموارد مما ولّد صراعات و حروب؟ :
“هناك أحاديث عن هذا الموضوع، لكنها غير دقيقة، فمثلا روسيا تمتلك بحدود ٧٠ تريليون دولار من الموارد الطبيعية، أي ٣٠ بالمئة من موارد العالم، كما تمتلك أوكرانيا ٧ بالمئة من هذه الموارد، كما أن منطقة إيران، سوريا، لبنان و شرق المتوسط تمتلك ثروة كبيرة من الموارد الطبيعية. طبعا نضوب الموارد بدأ و لكن الاستعمار المتمثّل بأوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية و الذي يفتقر إلى الموارد الطبيعية، دائما يسعى إلى السيطرة على موارد الدول الأخرى كما حصل في العراق و أفغانستان و حتى في سوريا حيث يتواجد الأميركي بالقرب من حقول النفط.
كذلك الأمر حصل في أوكرانيا، حيث برأيي، السبب الذي فجّر هذا الصراع هو خط نوردستريم ٢ الذي كانت تسعى روسيا لمدّه تحت البحر الأسود وصولا إلى ألمانيا دون المرور عبر أوكرانيا و بولندا، الأمر الذي اعتبرته أميركا و بريطانيا تطوّرا خطيرا لانه يعطي روسيا قوة استراتيجية و سيمدّ ألمانيا بالغاز، علما أن المانيا تُعتبر بالنسبة إلى كل من بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية عدو تاريخي منذ عهد النازية و هتلر.
برأيي العالم اليوم متّجه نحو حرب عالمية ثالثة عاجلا ام آجلا، اليوم نشهد حربا اقتصادية باردة، لكن الاسباب الحقيقية للحرب أصبحت متوافرة و هي اسباب اقتصادية تتعلق بالسيطرة على الموارد من جهة و بالأمساك بخطوط النقل البحرية و البرية من جهة أخرى، لذلك نلاحظ ان الأميركي اخافه تعاظم قوة الصين اقتصاديا و جغرافيا و حاول تقطيع أذرعها، مع إيران تارة او مع كوبا، ثم سوريا، و كوريا الشمالية، و لكن مع روسيا كان الأمر مختلفا فالروسي اليوم وجه ضربة قاضية للأوروبي و الأميركي خاصة في موضوع الروبل الروسي كما في موضوع الموارد حيث بإمكانه بأي وقت قطع الغاز و النفط عن السوق العالمي مما قد يسبب ارتفاعا جنونيا لسعر برميل النفط و هو امر لا يستطيع الأوروبي تحمله.
الروسي اليوم مكّن نفسه جيّدا بالاقتصاد قبل الدخول في هذه الحرب، بعكس ما جرى معه سابقا في حربه مع الاتحاد السوفيتي حيث تمّت محاصرة روسيا بالاقتصاد حينها.
هذا الصراع مهمّ جدا في العالم من أجل كسر الاحادية التي كانت تمثلها أميركا و أوروبا، بذلك سنشهد قيام عدة اقطاب قوية في العالم و إلغاء هيمنة أميركا و أوروبا على الاقتصاد العالمي.”
قم بكتابة اول تعليق