ثمة ما هو غريب بشأن تغطية كأس العالم هذه المرة. هناك الكثير من الانتقادات الجادة التي يمكن أن توجه ضد قطر. إلا أن البلد يتعرض لحملة غير عادية، يبدو في كثير من الأحيان أنها تستند على الجهل والتعصب.
في الصحافة البريطانية، فقط نزر يسير جداً من تغطية أخبار روسيا خلال الفترة التي سبقت انطلاق مباريات كأس العالم فيها عام 2018 كانت تتعلق بالحدث الرياضي. في المقابل، نصف التغطية الخاصة بقطر تقريباً تتركز على كأس العالم.
نسبياً، كانت تغطية الغزو الروسي للقرم وقصف سوريا وانتهاكات حقوق الإنسان مفصولة عن تغطية كأس العالم هناك. أما في الأخبار السطحية وذات البعد الأحادي حول قطر فإنه يتم ربط انتهاكات حقوق الإنسان بشكل وثيق بكأس العالم، حتى عندما لا يكون الموضوعان مرتبطين بشكل مباشر. والنتيجة هي التسييس المفرط للحدث الرياضي.
في فرنسا، رفضت العديد من المجالس البلدية نصب شاشات في الأماكن العامة تتيح للجمهور مشاهدة مباريات كأس العالم احتجاجاً على تنظيم الحدث الرياضي في قطر، نشرت مجلة لوكانارد مؤخراً رسماً كاريكاتورياً يصور لاعبي كرة القدم القطريين على أنهم إرهابيون، ويصور البلد باعتبارها مسرحاً للهمجية المرعبة، بشكل يستحضر الأفكار العتيقة للاستبداد الاستشراقي.
في عام 2021، نشرت صحيفة الغارديان تقريراً مفاده أن 6500 عامل أجنبي توفوا منذ منح قطر فرصة تنظيم كأس العالم على أراضيها، وذلك فيما يبدو أنه إيحاء بأن الوفيات لها علاقة بكأس العالم.
يقول مارك أوين جونز، الأستاذ المساعد في دراسات الشرق الأوسط في جامعة خليفة بقطر: “في واقع الأمر، يشير رقم 6500 إلى جميع الوفيات في أوساط العمال الأجانب من الباكستان وسريلانكا ونيبال والهند وبنغلاديش بغض النظر عن السبب. وهو ليس رقماً فائضاً في عدد الوفيات”.
بالطبع هناك قيم متعارضة تماماً بين الجمهور في بريطانيا والجمهور في قطر. ومن القضايا التي أثارت سخطاً بشكل خاص هي حقوق الشواذ جنسياً، إذ يرى ما نسبته 62 بالمائة من الشعب البريطاني أن موقف قطر إزاء هذا الأمر كان كفيلاً وحده بمنعها من استضافة كأس العالم.
ومن حيث تجريم الشذوذ الجنسي، لا يوجد ما هو استثنائي في الموقف القطري. ففي معظم بلدان الكمونويلث، ما زال الشذوذ الجنسي محظوراً، وكثير من هذه البلدان مسيحية وليست مسلمة.
في قطر يُنظر إلى السلوك الجنسي باعتباره أفعالاً لا هوية. وبموجب القانون القطري، فإن العلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية وممارسة اللواط كلاهما جرائم، سواء كان ذلك بين رجل وامرأة أو بين زوجين من نفس الجنس. وكذلك هو الحال بالنسبة للأفعال غير الأخلاقية، وهو مصطلح غير محدد.
تعكس مقاربة قطر حقيقة أن مجتمعها مجتمع محافظ، يُحظر فيه التعبير العلني عن الود بين أفراد من نفس الجنس، وحيث يمكن أن يفضي أي تعبير علني عن الود إلى إلقاء القبض على صاحبه، حتى لو كان ذلك الود بين رجل وامرأة. بالمقابل، يجيز القانون إمساك اليدين – بما في ذلك بين رجلين أو بين امرأتين.
كما أنّ الحملات الغربية التي تشنها العديد من الصحف العالمية، تهدف لخلق بلبلة والتقليل من شأن الانجازات القطرية وتحضيراتها لمونديال، 2022 وهو ما أكده المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، والذي كشف في تقرير له عن تصاعد حدة الانتقادات الموجهة ضد قطر بمشاركة العديد من الصحف البريطانية والفرنسية، التي تحرض على بطولة كأس العالم المقررة في قطر هذا الشهر.
وبحسب تقرير المجهر، فقد اعتبرت العديد من الأوساط الإعلامية والحقوقية “أن ما يجري نشره من تقارير في صحف بريطانية وفرنسية عشية انطلاق كأس العالم، يندرج في إطار التحريض المكشوف من دون تقديم أدلة أو إثباتات”.
وأشار المرصد الذي يعرف نفسه أنه مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، أنه مع بدء العد العكسي لصافرة البداية، تكثفت الحملة على قطر، تحديداً في الإعلام الغرب، والذي حاول على مدار اشهر لقيادة حملة مغرضة ضد كأس العالم 2022.
وفي بيانات جمعها المرصد فقد تبين أنه منذ 20 سبتمبر/أيلول حتى الآن، نشرت صحيفة ذا غارديان البريطانية وحدها 27 تقريراً (بمعدل نحو تقرير واحد كلّ يوم) تهاجم فيها قطر مباشرةً، وهو ما فعلته كذلك مؤسسات إعلامية أخرى وهو ما يدل على السياسة الممنهجة في انتقاد قطر ومونديال 2022.
وأوضح وزير العمل القطري، أن الحملة التي يديرها البعض ضد قطر زادت وتيرتها خلال الأسابيع الماضية دون وجود أي مبررات حقيقية، مشيراً إلى أن ما تتعرض له بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 “يرقى إلى إرهاب فكري وإعلامي وحرب نفسية بدواعي عنصرية من بعض الجهات التي لا يروق لها تنظيم البطولة في قطر”. ولفت المري إلى “أن المونديال هو حلم لأجيال عربية ومسلمة سيتحقق على أرض قطر”.
كما وصفت إحدى الصحف السويدية أنّ مونديال قطر أصبح عار على الرياضة.
المصدر: عربي 21 – أمد
______________________________
🌍 للاطلاع على أحدث الأخبار المحلية والعالمية من وكالة نيوز ليبانون بإمكانكم متابعتنا على الروابط التالية:
قم بكتابة اول تعليق