على مسافة كيلومترين شمال أنطاكيا، المدينة الكبيرة في جنوب تركيا، تزدحم الطريق بالعربات الجنائزية مع تحوّل حقل القطن أسفلها إلى مقبرة لضحايا الزلزال.
تعمل خمس حفارات على نبش أرض الحقل الشاسع لإحداث قبور على وجه السرعة لدفن عدد لا يحصى من ضحايا الزلزال الذي دمر محافظة هاتاي.
سيدفن في هذا المكان ألف شخص، من بينهم 600 الجمعة. وأودى الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الإثنين حتى الآن بأكثر من ألف شخص في محافظة هاتاي التي تقع فيها أنطاكية، وحوالي 23 ألفاً في المجموع في تركيا وسوريا، وفقاً لأحدث حصيلة غير نهائية.
تدخل عربة بيضاء الحقل. في مقطورتها، أربع جثث في أكياس سوداء، يحملها ستة رجال لمواراتها في القبور التي حفرت حديثاً.
يتوسّل إليهم رجل والدموع تملأ عينيه طالباً منهم التريث، قائلاً “دقيقة، دقيقة” ليردد بعدها إسم “أمين” مرات عدة.
بعد دقائق، كانت الجثث الأربع قد دفنت تحت التراب مع شواهد قبور إسمنتية صغيرة رشّت عليها أرقام 94 و95 و96 و97، فيما كانت تصل جثث جديدة.
في موقف السيارات القريب، تواجه الشاحنات التي تحمل الجثث صعوبة في إيجاد مكان للركن.
أسماء المدن التي كتبت عليها تنبىء بحجم الكارثة. فقد وصلت الشاحنات من أنطاليا (جنوب) وبورصة (شمال غرب) وقارص (شمال شرق) لنقل الضحايا من محافظة هاتاي.
في بعض الأماكن، تنتشر رائحة الموت، فيما يوزّع متطوع يرتدي معطفاً أسود وصدرية زرقاء قفازات وأقنعة جراحية.
خلف طاولات قابلة للطي، ينتظر حوالى 15 شخصاً واضعين أقنعة على وجوههم، أن يأتي أقارب ضحايا تم التعرف عليهم لتوقيع شهادات وفاتهم. لكن بالكاد يأتي أحد.
يجلس إمام أتى من أوشاك، الواقعة على مسافة 900 كيلومتر، على الأرض.
ويقول يوسف أوزكان “أرسل 400 إمام من كل أنحاء تركيا إلى هاتاي لتأدية مراسم الجنازات. إنه أمر مروّع”.
يمكن رؤية التعب على وجه هذا الإمام الذي يرتدي سروال جينز وسترة زرقاء. لم يعد يعرف عدد الصلوات التي تلاها منذ الصباح لكنه يقول “إنه كبير”.
على مسافة 200 متر من المكان، على الجانب الآخر من الطريق السريعة المطلة على هذه المقبرة المستحدثة، شهد أفراد عائلة دنيز الوصول المتواصل لعربات الدفن وعمل الجرافات.
لم يعد منزلهم، خلفهم، صالحاً للسكن، ويعيشون حالياً في خيمة بيضاء نصبت على مسافة عشرة أمتار من الطريق.
يروي كمال دنيز وهو ميكانيكي “جاء المحافظ ومسؤولون قبل يومين لوضع اليد على الأرض المقابلة. اعتقدنا أنهم سيقيمون خيماً هناك للناجين”.
في هذا الحقل، كان يُزرع القطن والقمح، كما يوضح الرجل البالغ 35 عاماً.
ويختم “لكن الآن، سنستيقظ كل يوم على هذا (المشهد). إنه أمر صعب، لكن ليس هناك خيار آخر”.
المصدر: “أ ف ب”
______________________________
🌍 للاطلاع على أحدث الأخبار المحلية والعالمية من وكالة نيوز ليبانون بإمكانكم متابعتنا على الروابط التالية:
قم بكتابة اول تعليق