على الرغم من العربدات والعنتريات والتهديدات الصادرة من كيان الاحتلال باللجوء لاستخدام القوّة العسكريّة المُفرطة لتحقيق الأهداف التكتيكيّة والإستراتيجيّة للأمن القوميّ الإسرائيليّ، فإنّ الحقيقة على أرض الواقع تختلف كليًّا، فجيش الاحتلال يعيش أزمةً خانقةً، كشف عنها الجنرال “يتسحاق بريك”، مسؤول الشكاوى السابِق في الجيش الإسرائيليّ، وما زال يُحذّر في مقالاته الكثيرة، التي تُنشَر في عدّة وسائل إعلامٍ عبريّةٍ.
ويوم الـ19 من الشهر الجاري، حزيران /يونيو، نشر الجنرال “بريك” مقالاً في صحيفة (هآرتس) العبريّة أكّد فيه: “أنّه مع مرور الوقت، أنكشِف أكثر وأكثر عدم قدرة واستعداد وجاهزية الجيش الإسرائيليّ لمواجهة الكارثة التي ستكون من نصيب الكيان في الحرب متعددة الجبهات، والتي سنضطر لخوضها عاجلاً أمْ آجلاً”، على حدّ تعبيره.
الجنرال بريك أكّد أنّ الحديث عن عدم جاهزية الاحتلال الإسرائيليّ لا يشمل فقط سلاح البريّة الإسرائيليّ وعدم استعداد الجبهة الداخليّة في الكيان لمُواجهة الحرب المتعددة الجبهات، بل يشمل أيضًا سلاح الجوّ الإسرائيليّ، وعدم استعداده وعجزه في مواجهة أطلاق صليّات المقذوفات والصواريخ والتي سيتّم إطلاقها يوميًا باتجاه القواعد العسكريّة التابعة لسلاح الجوّ، كما قال الجنرال بريك.
أمّا الخبير العسكريّ الإسرائيليّ “يوآف ليمور”، وهو أحد أبواق المؤسسة الأمنيّة في دولة الاحتلال، فكان قد أشار من ناحيته، في صحيفة (يسرائيل هايوم) إلى أنّ: “العمليّة البريّة كان من شأنها تغيير نتيجة الحرب الأخيرة على قطاع غزّة في أيّار/مايو من العام الفائت 2021، وإذا استمرّ الوضع نفسه، أيْ عدم لجوء إسرائيل لعمليّةٍ بريّةٍ ضدّ قطاع غزّة، فإنّ الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة ستستمر بتلقي الضربات، والنتيجة معادلة مقلوبة: الجبهة الداخلية تحمي الجيش، وليس العكس، وبدلاً من تعريض جنوده، أيْ جيش الاحتلال، للخطر لحماية الإسرائيليين، يعرض هؤلاء أنفسهم للخطر لحماية الجنود، مُوضحًا في ذات الوقت أنّ “هذا هو الخط الخطير الذي سيطر على الجيش منذ انتهاء وجوده في جنوب لبنان، وفي جوهره الخوف من القتلى والمخطوفين”.
وخلُص المُحلِّل إلى القول إنّ “عدم اللجوء إلى تنفيذ العملية البريّة، سيؤدّي مع مرور الوقت إلى انعدام الثقة في الجيش البريّ، والنتيجة أنّ إسرائيل ستدفع في نهاية المعركة المقبلة أثمانًا باهظةً”، على حدّ تعبير المصادر التي اعتمد عليها الخبير العسكريّ الإسرائيليّ.
في سياقٍ ذي صلةٍ، ونقلاً عن محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، أفادت هيئة البث الإسرائيليّة شبه الرسمية (كان) أنّ “عدد حالات الانتحار في الجيش الإسرائيليّ سجلت قفزة في غضون نصف عام، حيث توفي منذ بداية سنة 2022، 11 جنديًا بعد إنهائهم حياتهم، في حين أنه خلال العام الماضي انتحر 11 جنديًا وفي سنة 2020 انتحر تسعة جنود”.
وفي أعقاب هذا الارتفاع المُقلق، كما وصفه تقرير (كان)، عقد رئيس شعبة القوى البشرية الجنرال “يانيف عاشور” جلسة طارئة مع جهات الصحة النفسية لدراسة الأسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع المقلق لهذه الحالات من الانتحار، ودراسة الروابط وارتباطها مع فترة كورونا ومتغيرات أخرى.
وتابع التقرير الإسرائيليّ قائلاً إنّه لم يصدر عن الجلسة أي استنتاج واضح، لكن قادة الجيش أُمروا بمضاعفة اليقظة والانتباه القيادي المطلوب للموضوع، كما أمر رئيس شعبة القوى البشرية بفتح خطٍ ساخن للجيش الإسرائيليّ.
من ناحيته، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال إنّ “كل وفاة لجندي يتم التحقيق فيها بصورة معمقة، بهدف التوصل إلى الحقيقة والحصول على الاستنتاجات المطلوبة. وجرى هذا أيضًا خلال الحوادث الأخيرة، وبعد انتهاء التحقيقات يتم إرسال الاستنتاجات إلى النيابة العسكرية لفحصها، فيما يتشارك الجيش الإسرائيلي مع العائلات الثكلى حزنها ويواصل مواكبتها”، وفق تعبيره.
جديرٌ بالذكر أنّ دراسةً إسرائيليّةً رسميّةً، أجراها قسم الأبحاث في الكنيست، كشفت النقاب عن أن العديد من حالات الانتحار بجيش الاحتلال لم يتم تشخيصها فقط باضطرابٍ نفسيٍّ، بل إنّ معظم الجنود الذين انتحروا عانوا مدة طويلة من قلق بشأن المستقبل، وعاشوا حالة إحباط مستمر وارتباك شديد وشعور بعدم الانتماء للإطار العسكريّ، بحسب الدراسة.
زهير اندراوس-رأي
______________________________
🌍 للإطلاع على أحدث الأخبار المحلية والعالمية من وكالة نيوز ليبانون بإمكانكم متابعتنا على الروابط التالية:
قم بكتابة اول تعليق