كتب الصحفي حسين شعيتو في صحيفة الأخبار مقالاً بعنوان ” جبهة الإصلاحيين منقسمة : المقاطعة سلاحاً أولَ” ، شرح فيه مجريات الأحداث في الأيام الأخيرة التي سبقت الإنتخابات الرئاسية فى الجمهورية الإسلامية في إيران ، و تطرّق في مقاله إلى الشعارات التي رفعت من قبل الإصلاحيين بعد انسحاب مرشحيهم، فضلاً عن توجه من قبل شريحة من الشعب الإيراني إلى مقاطعة الإنتخابات، كما عرض المقال نسب تقريبية للمرشحين الأوفر حظاً في الوصول إلى سدة الرئاسة.
نص المقال :
«ماذا لو فاز رئيسي»، «صوّت بدون صوت»، «لن أصوّت»، وغيرها من الشعارات التي برزت في الأيام الأخيرة على الساحة الإيرانية، بدفع من رموز التيار الإصلاحي ومناصريه، خصوصاً أتباع الرئيس محمد خاتمي، والرئيس الموضوع في الإقامة الجبرية، مير حسين موسوي، المعروفين «بالخاتميين»، وذلك قبل ساعات من انطلاق العملية الانتخابية، التي سيختار فيها الشعب الإيراني رئيس البلاد الجديد. وجاءت هذه الحملات على خلفية استبعاد مرشّحي الأحزاب الإصلاحية من خوض السباق، مثل حزب «اتحاد ملت» و»جبهة الإصلاح»، وهو ما دفع «حركة الحرية الإيرانية» إلى القول إن الهيئة الانتخابية أصبحت «آلية لإعداد التصاميم وعرضها»، مؤكدة أنها «لن تشارك في مثل هذه الانتخابات». فضلاً عن ذلك، نُظّم مؤتمر مشترك لأهالي ضحايا تحرّكات عام 2019، وضحايا الطائرة الأوكرانية، أعربوا فيه عن مقاطعتهم للانتخابات.
وتُوّجت تلك التحرّكات بانسحاب المرشّح مهر علي زاده من السباق الرئاسي، مساء أول من أمس، بعدما كان يُعدّ من المرشّحين المحسوبين على الجهة الإصلاحية، في حين يعتبر البعض عبد الناصر همّتي مقرّباً من التيار المعتدل، أي تيار الرئيس حسن روحاني. ورُبط ذلك الانسحاب بوجود توجّه لدى جزء من التيار الإصلاحي لمواجهة مغايرة في هذه الانتخابات عن طريق المقاطعة، خصوصاً بعدما أعلن مير حسين موسوي أنه لن يصوّت «في مثل هذه الانتخابات المعروفة النتائج». ومير حسين موسوي موضوع في الإقامة الجبرية منذ عام 2011، على خلفية التحرّكات والتظاهرات التي قادها آنذاك، وسُمّيت بـ»الثورة الخضراء»، بعد فوز الرئيس أحمدي نجاد بولاية ثانية، في عام 2009، بفارق بسيط عنه.
ويعزو المحلّل السياسي الإصلاحي، النائب السابق علي ساري، هذه المقاطعة، بالدرجة الأولى، إلى «رفض أهلية معظم المرشّحين الإصلاحيين، من دون مبرّرات مقنعة، وخصوصاً إسحق جهانغيري، الذي كان المنافس الأقوى لإبراهيم رئيسي»، مشيراً إلى أن «رفض أهلية ترشيحه حسم السباق الرئاسي قبل حدوثه». ويضيف ساري، في حديث إلى «الأخبار»، أن «مجلس صيانة الدستور مُطالَب، حتى الساعة، بتفسير سبب رفض أهلية كلّ من جهنغيري، وعلي لاريجاني، ذلك أنّه لم يعطِ جواباً مقنعاً لهما، أو للرأي العام الإيراني». ومن هذا المنطلق، يلفت ساري إلى أنه «إلى جانب الظروف المعيشية الصعبة، والضيق الاقتصادي الخانق الذي يعاني منه الشعب الإيراني، هناك توجّه لدى شريحة كبيرة من المجتمع إلى مقاطعة الانتخابات»، موضحاً أن تلك الشريحة «لا ترى في المرشّحين الأوفر حظّاً، أي مخلّص أو صاحب حلول لمشاكلها الداخلية وأمنها الاجتماعي».
وفي معرض الحديث عن النِّسب المرتفعة لحظوظ رئيسي، يرى ساري أن المرشح الأصولي «سيكون أشدّ عداءً ورفضاً للمجتمع الدولي»، مضيفاً في هذا الإطار أن «احتمال عودة المفاوضات، أو رفع العقوبات، سيصبح أقلّ، فيما من المتوقّع ارتفاع التوتّرات مع أميركا وغيرها، الأمر الذي من الممكن أن يجرّ المزيد من العقوبات والعزلة على كاهل الشعب الإيراني». بناءً عليه، يعتبر المحلّل الإصلاحي أن «المقاطعة من شأنها إيصال رسالة للداخل، قبل الخارج، عبر انخفاض نسبة الاقتراع إلى ما دون الـ 40%»، موضحاً أن ذلك يعني أن «الشعب الإيراني سيضغط من أجل إدارة أفضل للسياسات الخارجية والداخلية، أيّاً كان الرئيس الفائز».
في المقابل، يشير أستاذ العلوم السياسية، المُحافظ حميد غفاري، إلى أن انسحاب المرشّح الإصلاحي، مهر علي زاده، جاء على خلفية حصوله على أدنى نسبة من التوقّعات، لم تتعدَّ الـ2%، مقابل أكثر من 60% لرئيسي، مُذكّراً بأن «نتائج الانتخابات النيابية خفّضت التمثيل الإصلاحي إلى ما دون الـ6%». ويرجع غفاري ذلك إلى «التجربة التي خاضها الشعب الإيراني معهم، خصوصاً في الانتخابات التي سبقت انتخاب الرئيس حسن روحاني لولاية ثانية، حين حصد التيار الإصلاحي 100% من مقاعد طهران النيابية، أي 33 مقعداً، ولم تفلح مفاوضاته وسياساته في وضع حدّ للأزمات المتتالية التي عصفت في البلاد». ومن هنا، يرى غفاري أن «الشارع الإيراني بات اليوم، بعد مسيرة الاتفاق النووي، على معرفة أكثر بالمراوغة الأميركية ونكث الاتفاقات والالتفاف على أيّ مفاوضات»، معتبراً أنه لهذا السبب «نرى دعماً كبيراً لرئيسي، الذي يتمتّع بشعبية واسعة في الداخل الإيراني، نظراً إلى نزاهته وإنجازاته في الملفّات القضائية، والثقة التامّة من الرأي العام في طهران بإدارته للصراع الأميركي – الإيراني، ومعرفته بكيفية تسجيل نقاط قوة مثل تلك التي أسّس لها آية الله هاشمي رفسنجاني في وقت ولايته». ويخلص غفاري إلى أن «هذا الأمر أعطى دافعاً إضافياً للتيار الإصلاحي لعدم الدخول في معركة خاسرة، فأخذ خيار المقاطعة العلنية وغير العلنية».
على رغم ما تَقدّم، ينفي غفاري أن «تكون الأمور منتهية لمصلحة رئيسي»، لافتاً إلى أن «المرشّح عبد الناصر همتي يتمتّع بشعبية واسعة، وهو منافس شرس، خصوصاً أن 30% تقريباً من الأصوات لم تُعرف وجهتها بعد، بحسب الإحصاءات». وفي هذا السياق، يشير إلى نقطة أخرى قد تكون لمصلحة همتي، وهي أن «الأصوات المحافِظة ستنقسم بين إبراهيم رئيسي ومحسن رضائي، الذي لم يسحب ترشيحه»، مبيّناً أن الأخير «يُعدّ، أيضاً، مرشّحاً ذا شعبية لا يُستهان بها، بالإضافة إلى وجود المرشّح الشاب أمير حسين قاضي زاده هاشمي، المقرّب من المحافظين». ويخلص غفاري إلى أنه، بناءً على ذلك، «يجب على الشعب الإيراني عدم الانجرار وراء الشائعات، والتوجّه إلى صناديق الاقتراع لإنجاح العرس الديمقراطي واختيار الرئيس الذي يمثّل طموحاتهم»، مؤكداً أنه «لا يوجد حسم قبل الانتهاء من عملية فرز الأصوات».
قم بكتابة اول تعليق