تحالف اقتصادي نفطي عملاق تم كشف النقاب عنه اليوم الجمعة بين كل من روسيا و الصين، في وقت يتصاعد فيه الخلاف بين بوتين والمستوردين الأوروبيين بشأن أوكرانيا، مما يطرح بجدية احتمال تخلي موسكو عن تزويد أوروبا بالغاز و المشتقات النفطية، فهل هي خطة مدروسة في هذا التوقيت الحساس لتضييق الحصار على خيارات الأوروبيين بشأن الأزمة الأوكرانية؟
فقد كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة (الرابع من فبراير/ شباط 2022) النقاب عن اتفاقين جديدين في قطاع النفط والغاز مع الصين بقيمة 117.5 مليار دولار، متعهداً بزيادة صادرات أقصى الشرق الروسي، حيث تعد روسيا ثالث أكبر مورد للغاز لبكين، و هي تعمل جاهدة على تعزيز العلاقات مع الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم كونها البلد الصناعي الأول، مما يقلل من اعتماد موسكو على عملائها التقليديين في أوروبا.
و خلال اجتماعه مع الرئيس الصيني شي جينبينغ لمناقشة التعاون التوثيق قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه: “أعد رجال الطاقة لدينا حلولاً جديدة جيدة جداً بشأن إمدادات الهيدروكربون إلى جمهورية الصين الشعبية”. وأضاف: “لقد تقدمنا خطوة للأمام في صناعة الغاز”، مشيرا بحديثه إلى إبرام اتفاق جديد لتزويد الصين بعشرة مليارات متر مكعب سنوياً من الشرق الأقصى الروسي. وكان بوتين قد زار بكين لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
يذكر أن المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، قد أعلن من جهته إن الصفقة سارية لمدة 25 عاماً، فيما قال مصدر صيني بالقطاع إنها لمدة 30 عاماً.
إلى ذلك شجب الرئيسان عبر إعلان مشترك “التأثير السلبي” لنفوذ الولايات المتحدة على “الاستقرار والسلام العادل” في العالم، وأكدا أنهما “يعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلاً”، وهو المطلب الأول لموسكو من أجل خفض حدة التوتر بينها وبين الغرب حول أوكرانيا.
ودعا البلدان “حلف شمال الأطلسي إلى التخلي عن نهجه المؤدلج الذي يعود إلى الحرب الباردة”، وهو موقف تكرره روسيا باستمرار.
يذكر أن بوتين يتهم الولايات المتحدة بإذكاء التوتر بشأن أوكرانيا المجاورة لروسيا، والتي غضبت موسكو من رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وحشدت موسكو أكثر من 100 ألف جندي روسي بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، ما حذا بدول غربية لاتهام موسكو بالتخطيط لغزو، وهو ما تنفيه.
و حول أهمية هذا الاتفاق على الصعيد الاقتصادي فبحسب حسابات أعدتها وكالة رويترز، فإن مبيعات الغاز وحدها قد تدر حوالي 37.5 مليار دولار على مدار 25 عاماً، على افتراض متوسط سعر للغاز يبلغ 150 دولاراً لكل ألف متر مكعب، حسبما أشارت شركة الغاز الروسية العملاقة “غازبروم” بخصوص صفقتها الحالية مع الصين.
وعلى صعيد منفصل، وقعت شركة النفط الروسية العملاقة “روسنفت”، التي يرأسها حليف بوتين منذ وقت طويل إيغور سيتشين، اتفاقاً مع “سي إن بي سي” الصينية لتوريد 100 مليون طن من النفط عبر كازاخستان على مدار عشر سنوات، مما يمدد فعلياً صفقة قائمة حالياً. وقالت “روسنفت” إن الصفقة الجديدة قيمتها 80 مليار دولار.
وتشكل روسيا أكبر مورد للغاز الطبيعي لأوروبا، ما يزيد من قلق الدول الغربية من أن الإمدادات غير المستقرة بالفعلقد تنقطع في حالة نشوب صراع. ومع ذلك، فإن الصفقة الجديدة مع بكين لن تسمح لموسكو بتحويل مسار الغاز المتجه إلى أوروبا، لأنها تشمل الغاز من جزيرة سخالين في المحيط الهادي، التي لا تتصل بشبكة خطوط الأنابيب الروسية الممتدة لأوروبا.
وقالت “غازبروم” في بيان إنها تخطط لزيادة صادرات الغاز للصين إلى 48 مليار متر مكعب سنوياً، بما في ذلك عبر خط الأنابيب الذي تم الاتفاق عليه، وسينقل 10 مليارات متر مكعب سنوياً من أقصى شرق روسيا.
وبموجب خطط سابقة، كانت روسيا تهدف إلى إمداد 38 مليار متر مكعب للصين بحلول 2025. ولم يحدد الإعلان متى ستصل إلى الهدف الجديد البالغ 48 مليار متر مكعب.
قم بكتابة اول تعليق