إلى جانب أزمة شح الدولار، أدت الحرب في أوكرانيا إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط والمحروقات، ما انعكس سلباً على كافة القطاعات الاقتصادية، وأرهق المواطنين بالمزيد من الأكلاف. في المقابل ما زالت مشاريع النقل العام معطلة، ولا خطة واضحة المعالم للإنقاذ.
فما هو مصير المواطن؟ وكيف سيتمكن من الوصول إلى عمله بعدما أصبحت تكلفة النقل تفوق قدراته المالية؟
أصبح من الضروري وضع مصلحة الشعب وحقه في التنقل كأولوية لدى السلطة الحاكمة لتحقيق عدالة التنقل. “فكلفة بدل النقل العالية والتصاعدية في لبنان ضربت العمال وأرباب العمل”.
يقول شادي فرج، وهو من مؤسسي جمعية حقوق الركاب. “راتب الموظف لا يكفي إلا لشراء البنزين، الأمر الذي يدفع عدداً من الموظفين إلى تقليل أيام العمل أو حتى ترك وظائفهم، في حين أن الشركات بدورها غير قادرة على تكبّد المزيد من المصاريف.
إضافة إلى عجز عدد كبير من طلاب الجامعات والمدارس عن الوصول إلى مراكز تعليمهم بسبب ارتفاع تكلفة المواصلات، لتنعكس بذلك كلفة النقل الباهظة على كامل الدورة الإقتصادية في البلد، وتشلّ العديد من القطاعات الإنتاجية، وتمنع عدداً كبيراً من الطلاب من الإلتحاق بدراستهم.
تشير دراسة أجرتها “الدولية للمعلومات” حول كلفة الكيلومتر الواحد للسيارات الخاصة، والتي يمكن أن تسري على سيارات الأجرة بطبيعة الحال مع زيادة كلفة الأعطال والصيانة نظراً لتشغيلها طويلاً. وتخلص الدراسة إلى أن كلفة الانتقال بالسيارات الخاصة بعدما وصل سعر صفيحة البنزين إلى 397 ألف ليرة (الخميس في 3 آذار 2022) وتراجع سعر صرف الدولار إلى 20,500 ليرة، ارتفعت إلى3,155 ليرة لبنانية للكيلومتر الواحد، لسيارة متوسط استهلاكها 20 ليتراً في كل 170 كلم. (وترتفع الكلفة كلما زاد استهلاك السيارة وكلما كان طرازها قديماً وبحاجة إلى صيانة دائمة كما وتنخفض كلما كان طراز السيارة حديثاً وتستهلك كميات أقل من البنزين).
وإذا أردنا احتساب كلفة الانتقال بالسيارات الخاصة اليوم، أي بعدما وصل سعر صفيحة البنزين إلى 420 ألف ليرة، فقد أصبحت كلفة كل كلم واحد نحو 3,338 ليرة. فعلى سبيل المثال، إن كلفة النقل من طرابلس نحو بيروت (ذهاباً وإياباً) تبلغ 480 ألف ليرة، ومن صور إلى بيروت تبلغ 507 آلاف ليرة، ومن عاليه إلى بيروت تبلغ 133 ألف ليرة.
“إن بدل النقل الذي أقرّته الحكومة بقيمة 65 ألف ليرة غير كافٍ”، بحسب الباحث في مجال المرور والنقل المنظّم شوقي حاطوم، “فإذا احتسبنا تكلفة النقل بسيارة الأجرة ذهاباً وإياباً من وإلى العمل، حيث تتراوح تعرفة السرفيس بين 30 و40 ألف ليرة (تعرفة غير رسمية)، ولنفترض أنه بحاجة إلى سرفيسين ذهاباً واثنين إياباً على أساس تعرفة 30 ألفاً، يكون المجموع 120 ألفاً للنهار الواحد، ما يفوق الـ65 ألفاً”.
ولحلّ هذه المشكلة إقترح حاطوم دراسة تقوم على: الإقتطاع من بدل النقل ودعم النقل العام وتخفيض التعرفة إلى 7000 ليرة، وبذلك تكون النتيجة 28 ألف ليرة للنهار الواحد.
ويتوسع حاطوم بالشرح عن الخطة التي اقترحها، ويقول: “إن الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة هي أربعة: سوء إدارة، سوء تخطيط، سوء تنفيذ ومن ثم عدم وجود نقل عام منظم، علماً أنه لا يمكن الوصول إلى الرابعة من دون حلّ أول ثلاثة أسباب، كما أن حلها متوفر وبفترة زمانية لا تتعدى الثلاثة أشهر في حال وجدت الإرادة.
ونظراً للوضع المستجد واستمرار ارتفاع أسعار المحروقات، وكي نحمي الموظفين وطلاب الجامعات والمدارس، وأيضاً كي يتأمن للسائق العمومي مدخول يمكّنه من تسديد فواتير سيارته ومنزله بكرامة، يفترض تأمين بونات بنزين وديزل مجانية ضمن ضوابط صارمة على السائقين العمومين.
حيث يكون التمويل متاحاً من سبعة مصادر واحد منها ثابت ودائم، ومن ثم تخفيض تعرفة السرفيس إلى خمسة آلاف والميني باص إلى ثلاثة آلاف والباص إلى ألفين، معدل وسطي على سعر صرف 20 ألفاً للدولار الواحد.
ويجب أن يؤمن هذا الإجراء شبكة نقل عام منظمة إلى كافة القرى وربطها بالقضاء والمحافظة وصولاً إلى العاصمة بيروت بأقل كلفة وبوقت أسرع، ليتحول بذلك نحو 70 بالمئة من سائقي السيارات الخاصة إلى النقل العام المنظم أثناء دوام العمل”.
المصائب التي يعيشها الشعب اللبناني والتي أصبحت تهدّد كرامته وحقوقه كمواطن، تتطلب العمل بجدية، وخاصة قضية النقل العام.
جويل فغالي – نداء الوطن
قم بكتابة اول تعليق