تجددت المخاوف بشأن حدوث الكارثة بعد ثوران بركان نيراغونغو في أوائل عام 2021، وقد تسببت الحمم البركانية المتدفقة في مقتل 32 شخصا وتدمير مئات المنازل.
كان مهندسو إحدى محطات الطاقة على بعد كيلومترات حينما انفجر بركان نيراغونغو (Mount Nyiragongo) الموجود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مايو/أيار الماضي.
وقد شعر المهندسون في محطة الطاقة العائمة على بحيرة كيفو (Lake Kivu) -القريبة من البركان- آنذاك بالهزات الأرضية التي خلفها البركان في المياه من تحتهم، غير أن رؤيتهم للحمم البركانية المتصاعدة لم تكن سببا لقلقهم، بل إن التركيزات الهائلة للغازات القابلة للانفجار هي التي أثارت مخاوفهم.
بحيرة جميلة وخطيرة
تعتبر بحيرة كيفو إحدى البحيرات المتصدعة الكبرى في أفريقيا، وتقع على الحد الفاصل بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، غير أن هذه البحيرة الجميلة المحاطة بالتلال الخضراء ليست هادئة كما تبدو، بل إن نشاط بركان نيراغونغو من حولها منذ آلاف السنين قد تسبب في تراكم وذوبان كميات هائلة من غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون في أعماق هذه البحيرة.
ووفقا للتقرير الصحفي الذي نشره موقع “ساينس ألرت” (Science Alert)، يقول فرانسوا دارشامبو -وهو أحد مهندسي شركة “كيفو واط” (KivuWatt) المنوط بها استخراج الغاز من مياه البحيرة- إن “هذه الكمية من الغازات كفيلة بأن تكون مدمرة لو تم إطلاقها”.
ثوران البحيرات
وقد يتم تحرير هذه الغازات إثر حدوث نوع نادر من الكوارث الطبيعية يعرف باسم “ثوران البحيرات” (Limnic eruption). فعندما يحدث هذا النشاط النادر، فإن الغازات المذابة تتفجر من أعماق المياه إلى السطح، مما يُكَوِّن سحابة غازية كفيلة بخنق الحياة من حول البحيرة وتعريضها للخطر. ولذا، فإن العلماء يطلقون على البحيرات التي يحدث فيها هذا النشاط اسم “البحيرات القاتلة”.
وتوجد 3 بحيرات فقط من هذا النوع في العالم: بحيرة كيفو، وبحيرتا نيوس (Lake Nyos)، وبحيرة مونون (Lake Monoun) في شمال غرب الكاميرون. وقد شهدت البحيرتان الأخيرتان ثورانا في ثمانينيات القرن الماضي، وقد أدى ثوران بحيرة نيوس إلى إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون مما تسبب في خنق أكثر من 1700 شخص.
غير أن هذا الثوران الأخير كان قد وقع في منطقة ريفية، ولو تكرر الشيء ذاته في بحيرة كيفو، فإن حياة أكثر من مليوني شخص ستكون معرضة للخطر. إذ يعيش قاطنو تلك المنطقة في خوف من أي خطر محدق قد يلحق بهم من هذه البحيرة القاتلة. وهناك تكثر القصص عن اختفاء السباحين في أعماق تلك البحيرة جراء اختناقهم أو سحبهم في الأعماق.
فرص واعدة
وعلى ما بها من خطورة، فإن بحيرة كيفو تحمل في باطنها فرصا واعدة. إذ رأت شركة “كيفو واط” -المملوكة لشركة “كونتور غلوبال” (ContourGlobal) البريطانية- فيها فرصة واعدة للاستفادة من هذه الغازات الوفيرة هناك لتوليد الطاقة، وهو المشروع الوحيد من نوعه في العالم. ويستغرق الوصول إلى موقع الشركة العائم في البحيرة رحلة بالقارب تستمر 20 دقيقة.
ويقع هذا المرفق في جزء البحيرة التابع للمياه الرواندية، ويقوم بضخ المياه المشبعة بغاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان من عمق يمتد إلى 350 مترا إلى السطح، إذ ينفصل الغاز عن المياه إثر تغير الضغط.
ويُرسَل غاز الميثان بعد ذلك عبر خط أنابيب إلى منشأة أخرى تقع على شاطئ البحيرة في رواندا، حيث يتم تحويل الغاز إلى كهرباء، بينما يُضَخ ثاني أكسيد الكربون مرة أخرى إلى عمق كاف في البحيرة حتى لا يتم الإخلال بتوازن البحيرة. وتأمل الشركة في أن تخفف الضغط داخل البحيرة بإزالة الميثان منها، مما قد يقلل خطر ثورانها.
تجدد المخاوف
وقد تجددت المخاوف بشأن حدوث هذه الكارثة بعد ثوران بركان نيراغونغو أوائل عام 2021، وتسببت الحمم البركانية المتدفقة في مقتل 32 شخصا وتدمير مئات المنازل.
وقد تدفقت موجة ثانية من الحمم البركانية إلى أعماق البحيرة، كما رصد مهندسو الشركة تحول لون السماء إلى الأحمر، مما أثار مخاوفهم. وتَلَى ذلك ارتفاع معدلات الزلازل وتواتر حدوثها، إذ لم يكن بإمكان أي شخص توقع ما قد تؤول له الأمور، وهو ما دعا الشركة -التي توفر 30% من احتياجات الكهرباء السنوية المستهلكة في دول شرق أفريقيا- إلى النظر في أمر الإغلاق.
المصدر : ساينس ألرت
قم بكتابة اول تعليق