أفادت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، البالغ من العمر 76 عامًا، يعود اليوم الأربعاء إلى بيروت مع مهمة تبدو مستحيلة تقريبًا كما الأولى، والهدف هو الخروج بالبلاد من الأزمة السياسية الّتي تعصف به.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد ثمانية أشهر على انتهاء ولاية العماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية، لا يزال لبنان بلا رئيس، موضحة أنه منذ ذلك التاريخ تم استدعاء النواب 12 مرة لانتخاب رئيس، ولكن بسبب فقدان النصاب القانوني، فشلت جميع المحاولات.
ولفتت إلى أن الثنائي الشيعي، المكون من “حزب الله” و”حركة أمل”، يعمل بشكل وثيق على المنصب الذي يُخصص تقليديًا للمسيحي الماروني، لدفع عجلة زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي يعتبر حليفًا منذ فترة طويلة لهما وصديقًا مقربًا للرئيس السوري بشار الأسد، لافتة إلى أن الوزير السابق جهاد أزعور، الموظف الكبير في صندوق النقد الدولي، والمرشح الذي اختارته المعارضة لمواجهته، تفوّق على فرنجية بعدد قليل من الأصوات في الانتخابات الماضية، بفضل الدعم الهشّ من “التيّار الوطني الحر” الذي انفصل عن الثنائي الشيعي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر فرنسي في الإليزيه، أن لودريان يعود إلى بيروت “في زيارة استكشافية”. في وقت تعرضت فيه فرنسا لانتقادات حادة في لبنان لدعمها، في الكواليس منذ شباط الفائت، ترشيح فرنجية. حيث عُرض هذا الاختيار وقتذاك على أنه اختيار واقعي، في إطار تشكيلة مع زعيم من الطبقة السياسية الحاكمة لمنصب الرئاسة وشخصية إصلاحية أخرى لمنصب رئيس الوزراء.
وأضافت ، نقلاً عن الدبلوماسي الفرنسي، أن “لودريان ليس هنا لدفع خيار معين، ولا لحث الجميع على الانضمام إلى فرنجية ولا التمهيد الطريق لخيار ثالث، ولكن في محاولة لجلب الجميع إلى الحوار والخروج من المواجهة”، مشيرة إلى أنه “قبل عودته إلى باريس السبت المقبل، من المتوقع أن يلتقي مبعوث الرئيس الفرنسي بالمسؤولين السياسيين والعسكريين والدينيين في البلاد، بالإضافة إلى شخصيات من المجتمع المدني، على أن يعود مراراً وتكراراً إلى هناك قبل تقديم اقتراحاته للرئيس ايمانويل ماكرون”.
ولفت الدبلوماسي الفرنسي إلى أن باريس ترغب في إعادة تأكيد التزامها بالملف اللبناني الّذي تخلى عنه كثيرون، في وقت لم يشترك الأميركيون أو السعوديون بشكل فعلي بايجاد مخرج للبلد المأزوم، مما جعل فرنسا في الصفوف الأمامية، على الرغم من التساؤلات حول اختيارها لدعم فرنجية، لافتاً إلى أن قطر قامت بمحاولة، دون جدوى، لفرض قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون.
وأظهرت الصحيفة عدم استعداد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لدعم لبنان كما في الماضي، على الرغم من أنه مشغول بحملة دبلوماسية شاملة في الشرق الأوسط منذ اقتراب بلاده من إيران في آذار الماضي، مشيرة إلى أنه خلال غدائه الخاص مع إيمانويل ماكرون في الإليزيه، في 16 حزيران الحالي، تمت مناقشة الملف اللبناني “بشكل موجز جدًا”، ووفقًا للدبلوماسي الفرنسي فإنّ “السعودية أظهرت موقفًا متجاهلاً”، مضيفًا أن “قادة لبنان أتعبوا المجتمع الدولي في النهاية”.
وأوضحت الصحيفة أن لودريان يُفترض أن يستفيد من العلاقات الوثيقة التي قام بتوطيدها مع قادة العالم العربي، كوزير للدفاع أيام رئاسة فرانسوا هولاند (2012-2017)، وبعد ذلك كوزير للشؤون الخارجية خلال الفترة الرئاسية الأولى لإيمانويل ماكرون (2017-2022)، كما يحافظ أيضًا على علاقة صداقة قديمة مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من أجل محاولة لفت انتباههم إلى الأزمة اللبنانية.
وتأمل باريس، بحسب الصحيفة، في أن تظهر حلاً قبل نهاية الصيف، مضيفة إلى وجود حاجة ملحّة لفك العقدة السياسية لبدء الإصلاحات اللازمة لاحتواء الأزمة الماليّة، بالرغم من أن الفراغ الرئاسي يمنع تشكيل حكومة، وقد يعقّد خلافة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عند انتهاء ولايته في تموز المقبل الوضع. ويحذّر دبلوماسي فرنسي آخر ان “العقوبات واردة وجميع الخيارات مفتوحة”.
وتخلص الصحيفة الفرنسية الى اعتبار لودريان شخصًا مستمعًا، نجح في التصعيد مع المسؤولين اللبنانيين، وقاد جهودًا مشتركة مع شركائه الأوروبيين في تموز 2021 لوضع إطار لعقوبات محدّدة على المسؤوليين اللبنانيين المعرقلين، ومع ذلك، لا يزال هذا الإطار فارغًا حتى الآن.
______________________________
🌍 للاطلاع على أحدث الأخبار المحلية والعالمية من وكالة نيوز ليبانون بإمكانكم متابعتنا على الروابط التالية:
قم بكتابة اول تعليق