قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في افتتاحية مجلة “الأمن العام”: “ما عاد الأمل يكفي لمعالجة الأزمات اللبنانية التي تتحول شيئا فشيئا إلى أزمات بنيوية، وهي ليست من نوع تقني قادر هذا الخبير أو ذاك الاستشاري على معالجتها. صار اللبنانيون يعرفون نوع هذه الأزمات. منذ العام 2019 حتى يومنا هذا لم تبق وسيلة إعلامية إلا أضاءت بالتمحيص والتدقيق على كل مشكلة. يسجل للإعلام أنه قام بواجباته على أكمل وجه، وإن وقعت بعض المغالطات حينها”.
وتابع اللواء ابراهيم: “لكن هذه المغالطات لم تخرج عن النوع المألوف لطبيعة العمل تحت الضغط. وكل هذه المعرفة، وهذا الجهد المبذول في هذا السياق، لم يتمكنا من حل أي من الأزمات. وأفضل ما في هذا الوضع كان أن اللبنانيين تعرفوا وعرفوا حجم الموارد البشرية واصحاب الاختصاص التي يتمتع بها لبنان. لكن مع كل عرض للمشكلة كان يعود السؤال الأول: كيف تتم معالجة هذا الأمر؟ سواء ما هو متصل بالشأن السياسي أو ما كان مرتبطا بالهمّ الاجتماعي ـ الاقتصادي ـ النقدي. والثالوث الأخير هو المكمن لأوجاع الناس. لكن دوما كانت الأمور تبدو كأننا أمام حائط مسدود، ولم تظهر قدرة استثنائية على معالجة الأوضاع”.
أضاف اللواء ابراهيم: “ان تصير الأزمات التي نعانيها بنيوية وعصية على الحل، فهذا يحيل الأمور وببساطة نحو تعقيدات خطرة تطاول النظام السياسي واداءه. وهذا إن حصل، وبعضه يحصل، فهو لا يبشر بالخير على الإطلاق. ذلك ان غياب القدرة السياسية ومعها الإرادة الاقتصادية وعجزهما عن المعالجة تكون نتيجتهنا ما نحن عليه.
أخطر ما يحصل الآن، وما يخشى منه في المستقبل، هو تنامي دعوات المطالبة بالخروج على النظام، حينا بذريعة أنه لا يتمتع بديناميكيات قادرة على الحل، وأحيانا بدعوى أنه لم يطبّق وتعتريه بعض الثغر. وهذا سياق يمكن النقاش فيه ومعالجته إنما في لحظة توازن سياسي وتوافق غير موجودة راهنا. فسمة لبنان الآن أنه دولة فاقدة للاتزان، والجميع يعرف أن الاستقرار الوطني لم يكن يوما داخليا مئة في المئة ولا خارجيا مئة في المئة”.
كما اعتبر اللواء ابراهيم أن “هذه المعادلة كانت النقيصة اللصيقة بمعنى لبنان ودوره وحتى وجوده كدولة. فلم يسبق أن شهد بلد ما هذا النوع وهذا الكم من التدخلات الخارجية منذ الاستقلال وحتى اليوم. وإن خطورة الخروج على الدستور تحت أي مسميات أو ضرورات، وفي ظل الظروف الراهنة، تعني دفع لبنان نحو المجهول الذي لا يمكن لأحد التنبؤ به، لا في الأمن ولا في السياسة. قد نعرف من أين سنبدأ لكن لا أحد على الاطلاق يعرف كيف نخرج”.
وأشار اللواء ابراهيم إلى أن”الخطورة التي تستدعي حذرا وطنيا عاما في سياق القول بأن لبنان معتل بنظامه السياسي هي التي تنبعث من طرفين: أحدهما يرى لبنان أكبر، وجزءاً من خارج عريض. أما الثاني فيريد الانسحاب إلى “لبنان أصغر” أي إلى قياس الفيديرالية أو الغيتوات، وعلى قياس وعي معين بهويات محدودة الأفق. ففي حال كهذه الحال، فإن الطرفين يخرجان عن الإجماع اللبناني في الدستور حول نهائية الكيان والعيش الواحد”.
وختم اللواء ابراهيم قائلا: “ما في صدده لبنان في المستقبل القريب هو كتلة أزمات بنيوية وملفات داهمة، تحتاج إلى وعي وطني صادق يعمل بالعقل وليس بالغريزة السياسية الساعية إلى التكسب، للخروج من الوضع الراهن. والأسئلة المطروحة على لبنان واللبنانيين تستلزم أجوبة في السياسة الصافية وليس في التقنيات والنظريات. بمعنى إن العمل يجب أن يرتكز على كيفية استعادة الثقة بين الأفرقاء لاعادة بناء لبنان على أسس تحدد دور الدولة ووظيفتها بعدما خسرنا كل شيء، ولم يبق إلا البعض اليسير جدا من القطاعات المتينة التي قد يعوّل عليها أو تتمتع بالثقة والصدقية”.
______________________________
🌍 للاطلاع على أحدث الأخبار المحلية والعالمية من وكالة نيوز ليبانون بإمكانكم متابعتنا على الروابط التالية:
قم بكتابة اول تعليق