الكنائس و الأديرة التي تتبع التقويم الغربي احتفلت اليوم الأحد بعيد الشعانين، في ظل غياب الزياحات للسنة الثانية على التوالي , و ذلك في مختلف المناطق اللبنانية مع التقيّد بالاجراءات الوقائية .
فقد احتفل راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر بقداس الشعانين من كاتدرائية مار جرجس المارونية في بيروت بمشاركة الخوري جاد شلوق وحضور عدد من المؤمنين.
وألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها:
“لماذا نحزن على الحجر المهدم والأبواب المشلعة فيما نحن جماعة مسيحية واحدة مجتمعة بالمحبة بيسوع المسيح مخلصنا ومعه؟ فما حصل من دمار جعلنا نتذكر أن الأساس في إيماننا المسيحي ليس في القشور بل في يسوع المخلص وحده.
نحن المسيحيين نؤمن أن يسوع أعطانا ذاته، ومنحنا بتجسده وموته وقيامته الحياة الأبدية التي لا ينتصر عليها أي موت أو شر. فلماذا نحن، الذين عرفنا الله المحب الذي يغمرنا بحنانه على الدوام، نسعى وراء المركز والسلطة وطموحات سياسية ومالية ودنيوية بعيدة عن الأساس الذي هو يسوع المسيح؟ ولماذا نتبع هذا الزعيم أو ذاك ظنا منا أنه سيعطينا الحياة، ونزيد من انقساماتنا ومشاكلنا مع بعض؟
علينا أن نتذكر أننا كمسيحيين لا نتبع إلا يسوع المسيح وحده بعيدا عن المال والسلطة والمناصب، وأن علينا أن نتوحد مع بعضنا بعيدا عن طموحاتنا الشخصية وغاياتنا المادية وأمورنا الدنيوية التي نكرس حياتنا من أجل تأمينها، عندها فقط نكون أقوياء لأن لا يأس يغلبنا ولا حزن يميتنا ولا موت ينهينا ولا سلطة على هذه الأرض تقتلعنا منها”.
كذلك احتفل المتن بأحد الشعانين، وللسنة الثانية غابت الزياحات، واقتصرت القداديس على مشاركة المؤمنين بنسبة 30 في المئة من القدرة الاستيعابية للكنائس، مع التقيد بإلاجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا من تباعد اجتماعي، بناء على توجيهات الأمانة العامة لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك، فيما تابع عدد كبير من المؤمنين القداديس الاحتفالية عبر شاشات التلفزة أو مواقع التواصل الاجتماعي.
وشدد الكهنة في عظاتهم على معنى الشعانين، ودعوا الى المحبة والإيمان والصلاة من اجل لبنان لكي تزول الأزمات الاقتصادية والمعيشية والسياسية والصحية التي يتخبط بها شعبه، متمنين العودة تدريجا إلى حياتنا الطبيعية وإحياء طقوسنا وأعيادنا.
وترأس راعي أبرشية بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج بقعوني القداس الالهي في المطرانية، في حضور ومشاركة المطران كيرللس سليم بسترس وعاونه في القداس النائب العام الارشمندريت كميل ملحم والنائب القضائي الاب اندره فرح. وخدمته جوقة الكنيسة بقيادة روبير رومية وايلي اسعد، في حضور عدد قليل من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس القى المطران بقعوني عظة قال فيها: “في هذا الجو المليء بالسلبية وبالكلمات السلبية وسط اليأس والاحباط والقلق، نحتفل بأحد الشعانين ونسمع كلاما من نوع آخر. لن أوجه كلامي لمن تسبب بوصولنا كلبنانيين وكمواطنين الى هذا الدرك الخطير، لان في ذلك إساءة الى هذا اليوم المبارك ولكم ومضيعة للوقت. أريد أن أتوقف عند الكلمات الايجابية التي نقولها اليوم: “هوشعنا لابن داوود ومبارك الاتي باسم الرب”. ابن داوود هو لقب المسيح المنتظر المخلص، ومن هنا نعلن إيماننا بأننا مخلصون ولسنا متروكين بل لدينا اله حي في وسطنا.
وما سمعناه في رسالة القديس بولس: “افرحوا في الرب دائما وأيضا أقول افرحوا”، “وسلام الرب الذي يفوق كل وصف يحفظ قلوبكم وأفكاركم بالمسيح يسوع”. يريدنا الرسول أن نفرح وأن يظهر حلمنا وصبرنا ووداعتنا وطول أناتنا في وقت فقد معظم اللبنانيين الصبر والوداعة وطول الأناة. وسلام الله في وسط هذا الاضطراب والقلق والخوف يحدثنا عنه الرسول بولس من أجل أن نحيا بسلام. يذكرنا نص اليوم بأن الهنا وملكنا هو يسوع المسيح ونحن نسجد له ونصغي فقط له. أما حياتنا على هذه الأرض فكلها تدور حول يسوع المسيح، وتصرفاتنا ومقاربتنا للشؤون الوطنية والعلاقات والعائلة والزواج والعمل كلها تدور حول قيم وشخص يسوع المسيح”.
وقال: “عندما سنعلن هوشعنا لابن داوود، نريد أن نعلن هذا الايمان بالا يعترينا الهم لاي شيء كان، وأن نعلن وبالرغم من كل ما يحصل في بلدنا أن لدينا الها يسهر علينا ويعنى بنا، ومن وعدنا هو أمين ولن يتخلى عنا”.
أضاف: “المسؤولون لدينا أصيبوا بالصمم منذ وقت طويل، أما الله فليس أصما، الهنا يسمع ويصغي لصلاتنا وهذا يمنحنا الاطمئنان وهذا إيماننا، سننزع من قلوبنا كل الالهة المال والسياسة والسلطة والجاه والمظاهر، علينا أن نرتقي الى مستوى الايمان ونتحدث مع بعضنا البعض ونلاقي الاخرين ونقول: “لا تخافوا ولا تنتظروا الخلاص لا من الشرق ولا من الغرب، الخلاص هو من يسوع، وكل انسان يتقي الله ويؤمن بالمسيح، عليه أن يخضع وينصاع الى تعليم المسيح ساعتئذ تستقر نفسه. نحن سنفرح اليوم وسنلاقي يسوع في الامه لان الهنا حي وقام والهنا الذي أقام لعازار واكد القيامة العامة هو في وسطنا، لذلك لن نخاف”.
وأقيم بعد ذلك زياح الشعانين في باحة الكنيسة.
أمّا في بعبدا , احتفل رئيس الكنيسة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي بقداس عيد الشعانين في كاتدرائية الملاك رافائيل الكلدانية في بعبدا – برازيليا، عاونه فيه النائب الأسقفي العام المونسينيور رافائيل طرابلسي، الأب جوزف رفول والشماس جوزف ايشو. وخدمت الليتورجية جوقة الرعية. واقتصر الحضور على عدد محدود من المؤمنين تماشيا مع الإرشادات الصحية المفروضة بسبب وباء كورونا.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى قصارجي عظة جاء فيها: “جئنا اليوم، نحن أيضا في أحد الشعانين، كي نرافق يسوع على طرقات أورشليم. جئنا حاملين معنا كبارا وصغارا الأمل والرجاء، لأن يسوع الذي دخل أورشليم كملك سوف يبقى اليوم وإلى الأبد الملك الوحيد على قلوبنا وحياتنا.
“هوشعنا مبارك الآتي باسم الرب” ! هكذا هتف شعب أورشليم المنتظر الخلاص من عبودية الرومان، جاء يستقبل يسوع المخلص!
نحن اليوم ماذا ننتظر من يسوع ؟ دخل يسوع إلى أورشليم كملك، على أصوات تهاليل وزغاريد الشعب والأطفال حاملين أغصان الزيتون. لكن يسوع خيب آمالهم، لان ملكوته وعرشه ليسوا من صنع البشر.
كثيرون اليوم تركوا يسوع وتخلوا عنه تركوه في آلامه وصلبوه، تركوه وصرخوا:”اصلبه اصلبه” .
لكن يسوع يمشي كل يوم معنا على دروب حياتنا ونحن للأسف أحيانا كثيرة نتخلى عنه مثل شعب أورشليم لماذا؟ لأن المسيحية التي يريدها والكلام الذي يقوله لنا ليس على قياسنا ولا يناسبنا. تخلينا عنه لأنه متطلب ومتسلط ولأن مملكته ليست من هذا العالم الذي يتبدل ويتلون كل يوم وكل لحظة”.
وتابع : “نحن تخلينا عن يسوع في حياتنا لأنه حرم علينا الكذب والرياء وقال لنا “أحبوا بعضكم بعضا”. نحن تخلينا عن يسوع لأنه قلب مفاهيمنا وطرد من نفوسنا عقلية التجارة والبيع والشراء. وقال لنا: بيت أبي بيت صلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص” ! على حساب القيم الإنسانية المقدسة لعن يسوع التينة اليابسة، ومدح الأرملة الفقيرة التي وضعت الدرهم في خزانة الكنيسة. يسوع صب غضبه على ناس “تتشح بحلل بيضاء بعبايات وتحتها قبور مكلسة”.
الرب لا يريد منا اليوم التصفيق والزغاريد، يريد منا أن نكفر بذاتنا، أن نموت عن إنساننا العتيق ونولد من جديد.
أين نحن اليوم من كلام يسوع هذا؟ هل لدينا القدرة والجرأة أن نغير شيئا في حياتنا؟ سؤال صعب !
للأسف ما أشبه البارحة باليوم، مسكين شعبنا، يهلل بزغاريد، ليس ليسوع بل صوته لزعيمه الذي يبيع ويشتري على حساب كرامة الناس. اليوم عين يسوع وقلبه على لبنان على شعبه الجائع الذي يفتش عن خبز أو علبة حليب! يسوع يقول لنا ” تريدون خلاص لبنان اتبعوني واكفروا بذاتكم واحملوا صليبكم وسيروا معي !”
شعب لبنان يمشي اليوم على درب الجلجلة مع يسوع، في قهر وألم وعذاب. بعد الجمعة العظيمة هناك نور سوف يطل، نور الحق نور القيامة نور الحرية نور السلام”.
واضاف: “يسوع لا يريد الهتاف والتصفيق، يريد شيئا آخر، يريد منا أن نصرخ في وجه الظالم ونطرد تجار الهيكل ونعيد إلى لبنان نقاوته وعزته وكرامته.
نعم، ما معنى الشعانين ولبنان ما زال تحت الركام؟ ما معنى بسمات أطفالنا الصغار وعيونهم مليئة بالدموع والحزن؟ ما معنى الشعانين إذا كان حكامنا قد سدوا آذانهم وأغلقوا قلوبهم وأماتوا ضميرهم عن صوت البؤس؟ لبنان أصبح اليوم مسلخا، أصبح بلدا متسخا، الجميع “يحكي” ويتكلم عن النقاوة والطهارة وينادي بالعفة ونظافة الكف الجميع “يحكي ويحكي” … “ليس من حب أعظم من أن يبذل الإنسان حياته من أجل من يحب !”
وختم قصارجي:” أتحبون لبنان ؟ أتحبون شعب لبنان؟ أتحبون أطفال لبنان؟ يسوع يقول لكم اليوم ضحوا في سبيل وطنكم في سبيل من تحبونه وأعيدوا إلى لبنان كرامته لأن التاريخ لن يرحم !
يكفينا ألما ووجعا، لبنان مجروح تعالوا جميعا، مع بعضنا ننهض بشعبنا ونرسم البسمة من جديد على وجوه أطفالنا”
و في البترون، ترأس راعي الأبرشية المارونية المطران منير خيرالله قداس الشعانين في كاتدرائية مار اسطفان، عاونه فيه خادما الرعية الخوري بيار صعب والخوري فرانسوا حرب والشماس جوني طنوس، في حضور عدد من أبناء الرعية.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى عظة بعنوان “صراخات الناس ترعبهم وأصواتهم تهز ضمائرهم”، قال فيها: “في مثل هذا اليوم، أحد الشعانين، منذ أكثر من ألفي سنة، دخل يسوع أورشليم، فسمع الجمع الكثير الذين أتوا إلى العيد أن يسوع قادم إلى أورشليم. فحملوا سعف النخل وخرجوا لاستقباله، وأخذ جماعة التلاميذ، وقد استولى عليهم الفرح، يسبحون الله بأعلى أصواتهم، وهم يهتفون: هوشعنا! مبارك الآتي باسم الرب ملك اسرائيل! (يوحنا 12/12-13). وكان بعض الكتبة والفريسيين بين الشعب، فقالوا ليسوع: يا معلم انتهر تلاميذك ليسكتوا (لوقا 19/28)، تماما كما انتهروا أعمى أريحا ليسكت، فراح يزداد صراخا: يا ابن داود ارحمني!(مرقس 10/48). فأجاب يسوع: لو سكت هؤلاء لهتفت الحجارة! (لوقا 19/48). صراخات الناس ترعبهم وأصواتهم تهز ضمائرهم! وما أشبه اليوم بالأمس”.
أضاف: “في أحد الشعانين سنة 2021، نستقبلك بالمجد والفرح والرجاء أيها الرب يسوع ملك المحبة والسلام. ولكن في فرحتنا غصة ولم يعد عندنا حناجر تصرخ لك هوشعنا، ويا ابن داود ارحمنا. لكنك تسمع صراخاتنا وأنين أوجاعنا وترى أننا خذلنا مرات ومرات، وتقول لنا مع أبينا البطريرك الراعي: لا تسكتوا! طالبوا بحقوقكم في العيش الحر الكريم. طالبوا بدولة عادلة تحميكم وتنصفكم وتطبق القانون على الكبير والصغير. لا تسكتوا، بل تابعوا الصراخ إلى أن يسمع المسؤولون، فتهتز ضمائرهم، فيعودون إلى ربهم تائبين ويستغفرون من شعبهم ومن الله الذي ينتظرهم ليعاملهم برحمته اللامتناهية ويساعدهم لكي يعوضوا على الشعب ما ظلموه به ويردونه أربعة أضعاف، كما فعل زكا العشار بعد لقاء يسوع (لوقا 19/8-10). فيعملون معا على إعادة بناء دولة القانون لمجتمع تعددي، ويلتقون بقلوب صافية عند إرادة سيد بكركي، فالبطريرك لا مصلحة له سوى إنقاذ لبنان وجمع أبنائه، جميع أبنائه، مسؤولين ومواطنين، فيراهم واحدا تحت راية الوطن الواحد لبنان الرسالة”.
وتابع: “أيها الرب يسوع، أتخيلك تقول في شعانينك لمن يحاول إسكاتنا من المسؤولين بوسائل شتى، ومنها الظلم والتهميش والترهيب والتجويع: لو سكت هؤلاء لهتفت الحجارة! وهتفت كل حبة تراب من أرضنا المقدسة ارتوت من دم الشهداء ومن صلاة وعرق النساك والقديسين. تقول لهم: ألا ترون أن شعبكم يجوع ويظلم ودولتكم تنهار؟ الويل لكم، أنتم الذين تسكتون شعبكم بعد أن سلبتموه حقوقه ونهبتم أمواله، وجوعتموه، وتركتموه متسولا على أبواب الأمم بين حي وميت يشقى من أجل الخبز والكرامة. الويل لكم أنتم الذين حملتم شعبكم أحمالا ثقيلة يرزح تحت وزرها وأنتم ما أردتم أن تمسوها بإحدى أصابعكم. (لوقا 11/46). ألا ترون أنكم صرتم منبوذين ومحتقرين من شعبكم، فأصبحتم مثل القبور المخفية والناس يمشون عليها ولا يعلمون؟ (لوقا 11/44). أم أنكم أعميتم عيونكم لئلا تروا وصممتم آذانكم كي لا تسمعوا؟ لن يسكت أبناء شعبكم بعد اليوم، لأنهم تحرروا بالمسيح الذي مات وقام ليحررهم من عبودية الخطيئة والموت. وأصبحوا أحرارا. فلم يعد باستطاعتكم شراءهم وشراء أصواتهم ! فالحرية كانت ولا تزال أغلى ما عندهم!”
وقال: “في استقبالنا لك هذه السنة، أيها الملك يسوع، تحت تأثير وباء كورونا والأزمات والمآسي المتراكمة، نحمل مع أغصان النخل والزيتون همومنا وآلامنا وآمالنا بعودة الدولة والأمن والازدهار، آمالا ما زلنا نعقدها، لا على المسؤولين عندنا بعد استحالة اتفاقهم على إنقاذ الدولة من السقوط والشعب من الهلاك جوعا وتشريدا، بل على عواصم القرار والأمم المتحدة. لكننا لن ننسى أن شعانين المجد الحقيقي لا بد من أن تعبر مع يسوع بحمل الصليب في مسيرة الجلجلة والآلام والموت لكي تصل إلى القيامة والخلاص والحياة الجديدة”.
وختم خير الله: “رغم كل ما يحل بنا، نريد يوم الشعانين يوم تجديد إيماننا بك يا ابن داود ابن الله. نريده يوم تجديد حبنا لك ولبعضنا البعض لكي يعرف العالم أننا حقا تلاميذك. نريده فعل توبة لنا وللمسؤولين عنا علهم يرتدعون فيتحولون عن مصالحهم الخاصة إلى العناية بشؤون الناس المعيشية وحماية حرياتهم واسترجاع ما للدولة من سيادة وكرامة. نريده يوم تجديد التزامنا حمل الصليب معك، أيها الرب يسوع، أنت الذي أردت أن تموت حبا بنا، وبحمل الرسالة التي أوكلتها إلى كنيستك في لبنان لتكون صانعة سلام وعدالة ومحبة في خدمة الأنسان”.
وفي طرابلس، ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، قداس الشعانين، في كنيسة مار مارون، في حضور مجموعة من المؤمنين، في ظل التقيد التام بالإجراءات الوقائية لمكافحة فيروس كورونا.
بعد تلاوة الإنجيل المقدس، أمل سويف في عظة أن “يستقبل لبنان الحبيب السلام قريبا، على غرار استقبال اورشليم للسيد المسيح”. وقال: “في يوم الشعانين نحمل أغصان الزيتون وهي رمز النبوءة والسلام والروح القدس، نرفعها مع هتافات رجاء وفرح روحي غاب عنا، ولكن نعيشه في داخلنا، رغم ما يمر به الوطن الحبيب وما نعيشه من مرارة وأسى ومعاناة إنسانية جراء الوباء والمحنة الاقتصادية والاجتماعية. فمن حقنا أن ننعم بالطمأنينة والاستقرار، وفي قلب الأزمة لا ننسى أننا أبناء الرجاء”.
وتوجه إلى المسؤولين: “المسؤولية أمانة وعطية من الله، ومسؤوليتكم من الشعب ولخير الشعب، لا يجوز أن تتحول هذه المسؤولية الى تسلط واستغلال لأجل الخير الشخصي والمحدود النابع من أنانية وحسابات ضيقة. وأمام هذا الواقع المرير، فلنتنبه لئلا نجرب في خطر هجرة الأرض والوطن، فالشباب الذي غادر بحثا عن فرصة عمل وعيش لائق، عليه ألا يكره الوطن ويترك الأرض، عندئذ تكون الكارثة أعظم من المحنة التي نواجهها اليوم. أدعوكم أيها الشباب إلى ان تجددوا إيمانكم بالله وانتماءكم للوطن الحبيب لبنان. فأنتم غده القريب، معكم يواصل لبنان رسالته الحضارية في اختبار العيش الواحد وموقعه الروحي العالمي. نعم، معكم سنرى لبنان الرسالة، لبنان الحوار، لبنان المواطنة، لبنان أغصان زيتون الرجاء يحملها مواطنات ومواطنون مسؤولون ينشدون السلام والغفران ويعملون لصون الحرية والكرامة الإنسانية، فالمواطن الأمين هو الذي يصنع الوطن”.
أضاف: “في يوم الشعانين لنستقبل المسيح الملك بأغصان النخل والزيتون وهتافات الهوشعنا، مستعدين للدخول الى عيد الفصح مستقبلين المسيح ملكنا ومعترفين بأن يسوع ابن الله هو مخلصنا. يسوع الكلمة التي بها تم الخلق الجديد، هو الملك الذي أتى المسكونة ليشركنا بملوكيته ويغير منطق ملكوت الأرض الى منطق ملكوت السماء ويطعمه بالرحمة والمغفرة، إنه الكاهن رئيس أحبار اعترافنا الذي عاش ليعلمنا قيمة المحبة”.
وختم سويف: “تعالوا نتزين بأغصان الزيتون فتكون لنا أداة لبناء السلام ونشر الأمل في محيطنا الصغير، انطلاقا من بيوتنا ورعايانا فمجتمعنا ووطننا. تعالوا نرفع سعف النخل متضرعين الى الرب الملك أن ينير عقول القيمين على بلدنا ليحافظوا على قيم المحبة والوحدة ويؤمنوا الطمأنينة للشعب”.
بدورها احتفلت محافظة عكار بعيد الشعانين، فأقيمت القداديس وسط تدابير صحية وقائية وفق الارشادات والقرارات المتخذة رسميا وكنسيا للحد من تفشي وباء كورونا. وألقى الكهنة عظات ركزت على معاني الفرح باستقبال الآتي باسم بالرب، متطلعين لأن تحمل الايام والأعياد المقبلة الخير والسلام والطمأنينة لشعب لبنان والعالم ويزول الوباء.
وتميزت بلدة بقرزلا بإحياء عيد الشعانين بقداس احتفالي، أقيم تحت أشجار السنديان الدهرية المعمرة في الباحة الخارجية لكنيسة مزار القديسة مورا الاثري، ترأسه الأب نعمة الله حديد، الذي ألقى عظة لفت فيها إلى أن “أحد الشعانين مدخلنا إلى أسبوع الآلام، واليوم الذي نقبل فيه سيدنا كمصلوب وندخله إلى حياتنا لنشاركه آلامه. إنه اليوم الذي نسير فيه مع الملك الآتي على درب القيامة التي رسمها هو لنمشي فيها معه، أي درب الصليب”.
وللمناسبة، ترأس راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار، القداس في كاتدرائية مار الياس الحي، عاونه فيه النائب العام المونسنيور مارون كيوان والخوري رالف شمعون والشدياق عبدالله بو عيد.
بعد الإنجيل، قال في عظة: “هذا الأسبوع العظيم نتمناه بمشيئة الله أن يكون مباركا. نمر بصعوبات كبيرة لا بد من أن تزول”.
بدوره، أسف راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي حداد في كلمة الى المؤمنين ورعايا الأبرشية لأن “تكون المناسبة هذه السنة حزينة لعدم تمكن الاطفال من الاحتفال بها”. وحثهم على “تكثيف الصلوات في البيوت، بسبب تفشي فيروس كورونا”.
وفي صور، عمت القداديس كنائس المدينة، ورفعت أغصان الزيتون وسعف النخيل والأطفال على الأكف احتفاء بالمناسبة. ففي كنيسة سيدة البحار المارونية، ترأس مطران صور للموارنة شربل عبدالله القداس الاحتفالي، عاونه فيه المطران شكرالله نبيل الحاج، في حضور جموع من المؤمنين لا يتعدى عددهم 30 في المئة من قدرة استيعاب الكنيسة.
وفي كاتدرائية الروم الملكيين الكاثوليك، ترأس المطران ايلي حداد القداس الاحتفالي، عاونه فيه عدد من الآباء.
وبعد الإنجيل شدد على “أهمية الشعانين في حياة الأطفال”. وقال: “وباء كورونا منعنا من الاحتفال بالزياحات والانتصار على الخطيئة، ولكن قلبنا دائما ملتسق برسالة السيد المسيح وتعاليمه وهي رسالة الخلاص والفرح الداخلي”.
بعد ذلك أقيم زياح رمزي في باحة الكنيسة.
وفي النبطية، رفعت القداديس مع مراعاة إجراءات الوقاية من كورونا، وأقيم قداس في كنيسة دير مار انطونيوس في النبطية الفوقا، ترأسه الاب سليم نمور الذي شدد في عظته على حاجة اللبنانيين الى التجدد في هذا العيد وحمل أغصان الزيتون.
وفي كنيسة النبطية، ترأس خوري الرعية الأب كامل إيليا قداس العيد، ودعا في عظته إلى المحبة.
وفي كنيسة الكفور، ترأس خوري الرعية الأب يوسف سمعان قداس العيد، دعا فيه الى نهضة لبنانية حقيقية.
كذلك أقيمت القداديس في كفروة وصربا وجرجوع.
كذلك احتفل البقاع الشمالي بعيد الشعانين، إلا أن الحضور كان خجولا بسبب إجراءات كورونا، وتركزت العظات على معاني العيد ودعت إلى النهوض بالوطن.
اقرأ ايضا
توضيح لكهرباء لبنان حول خبر نفاد الغاز أويل في معمل الزهراني
قم بكتابة اول تعليق