الأمن للمواطن اللبناني هو أقلّ ما تتطلّبه حياته من أجل شعوره بالاستقرار. فقد صرّح وزير الداخلية العميد محمد فهمي منذ أيام في مقابلة معه أن الأمن في لبنان قد تلاشى و بات البلد مكشوفا ممّا ينذر بفوضى , و هذا ما أشعل وسائل التواصل الاجتماعي.
و ما جاء على لسان وزير الداخليّة محمد فهمي هو كالتّالي : ” الاّن الوضع الأمني قد تلاشى , يعطيك العافية , البلد مكشوف على كافّة الاحتمالات , ليس فقط اغتيالات , الله أعلم ماذا , لكن أنا أستطيع أن أطمئن الى حدّ ما أن الجيش , قوى الأمن الداخلي , الأمن العام . أمن الدولة و كافة الأسلاك و الأجهزة الأمنيّة تعمل بجهد يومي من أجل المحافظة على ما تبقى من هذه الدّولة و حماية مواطنيها.”
الأمن و عدّاد الجرائم في لبنان
لم يأت ما أدلى به وزير الداخليّة محمّد فهمي من فراغ . فقد أبرز رئيس مركز الارتكاز الإعلامي سالم زهران تفصيلا بالأرقام حول أعداد الجرائم في لبنان خلال مقابلة تلفزيونية عبر المؤسسة اللبنانية للارسال و أظهر زهران أنّ عدّاد الجرائم في لبنان و خاصّة السرقات الموصوفة في ازدياد ففي العام 2018 كان عدد جرائم السرقة الموصوفة 1391 أما في العام التالي فقد بلغ 1610 , و في ال 2020 قفز هذا الرقم الى 2535 , أمّا في الشهرين الأوّلين من العام الحالي فلقد سجّل لبنان 855 سرقة موصوفة . أمّا عن سرقة السيارات , ففي العام 2018 سجّلت سرقة 743 سيارة و في العام 2019 سجّلت 724 سرقة , أما في العام 2020 تضاعف هذا الرقم ليلامس ال 1336 أمّا أوّل شهر من العام الحالي سجّلت 163 سرقة سيّارة .
و عرّج زهران الى موضوع المخططات الإرهابية من خلال الحديث عن جريمة كفتون و التي راح ضحيّتها ثلاثة شبّان من أبناء المنطقة , و صدر القرار الظني الذي نفى نيّة الإرهابيين بالسّرقة بل كان هدفهم هجمات إرهابية تستهدف أمن المنطقة و كشف التحقيق أن هذه الخليّة مرتبطة بجهات خارجية , و حكمت المحكمة على أفراد الخليّة بالاعدام.
و حذّر زهران من عودة نشاط داعش من جديد نتيجة لهذه الفوضى تزامنا مع نشاط داعش في العراق و سوريا و قيام هذه الخلايا بهجمات إرهابية في كلا البلدين.
وأضاف :” الوزير محمّد فهمي يدقّ ناقوس الخطر. و على اللبنانيين أن يقلقوا” .
الأمن الاجتماعي و الاقتصادي للمواطن اللبناني
و قد ربط زهران هذه الأحداث مع الأزمة المعيشية التي يرزح المواطن اللبناني تحت وطأتها حيث بات مشهد الشجار بين المواطنين , في الاستهلاكيات الكبرى على المواد الغذائية , إنذارا خطرا و يصوّر الحالة الصعبة التي وصل اليها المواطن اللبناني.
فمنذ أكثر من سنة و نصف بدأ الوضع الاقتصادي في لبنان يتدهور بفعل تصاعد سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية. و لما كان النظام الاقتصادي في لبنان قد تحوّل منذ اتّفاق الطائف الى نظام خدماتي غير منتج أضحت أسعار السلع و المواد الغذائية و الأدوية و غيرها من المتطلبات المعيشيّة للمواطن , رهينة سعر صرف الدولار الذي يتأرجح كل فترة بحسب الأوضاع السياسيّة في البلاد التي تعيش فراغا حكوميّا بعد تأخير تشكيل الحكومة من قبل الرئيس المكلّف سعد الحريري. بالإضافة الى تحكم المصارف بأموال المودعين و جشع التجار و انقطاع الأدوية دون حسيب أو رقيب و تدهور قيمة العملة الوطنيّة إضافة الى أزمة المحروقات التي يعيشها اللبناني بين فترة و أخرى.
كل هذه العوامل ساهمت في انعدام الشعور بالأمن لدى المواطنين الذي أضحى جلّ همهم تأمين أدنى متطلّبات العيش.
الأمن السياسي و العسكري للمواطن اللبناني
يعد الشعور بالأمن أحد أبرز ما يبحث عنه المواطن في أيّ بلد يستقرّ فيه , فالأمن مترافق دائما مع الاستقرار , فحيثما وجد المواطن الأمن وجد معه الاستقرار. و ينقسم الأمن الى عدّة أنواع منها الأمن الاجتماعي و الاقتصادي , و هناك الأمن السياسي و العسكري .
بالحديث عن الأمن السياسي و العسكري في لبنان , ففي الشقّ السياسي انّ نظام الدولة السياسي بما فيه من حكومات متعاقبة وتقسيمات تنظيميّة و ادارية و سلطة تشريعيّة و هندسة ماليّة, لم يتمكّن من حماية حقوق المواطن و تجنيب الدولة الانهيار أو أقلّه كشف و ردم الثغرات فيه التي قد تكون مصدر تهديد لامن الدولة السياسي.
أمّا الشقّ العسكريّ فهو متشعّب جدا , فمنذ تأسيس دولة لبنان الكبير لجأت كلّ طائفة الى تسليح أفرادها و تحصين نفسها , و جاءت الحرب الأهليّة الطاحنة و التي دفع المواطن اللبناني ثمنها غاليا و رافقها الاجتياح الإسرائيلي و وحشيّته حيث ترك الجنوب و البقاع لمصيريهما أمام هذا العدوان. كل هذا جرّد اللبناني من الشعور بالأمن في دولة لم تملك القدرَة على حمايته و حماية أمواله وممتلكاته و أرضه في وجه أي تهديد.
و لمّا تصاعدت حركات المقاومة ضد العدوان الصهيوني و أصبحت تمتلك قوّة ردع هائلة بوجهه و توازن قوى بعد تحرير منطقة الجنوب اللبناني و تلال كفرشوبا في نضال استمرّ لأكثر من عشرين عاما, أضحى قسم كبير من المواطنين اللبنانيين يشعرون بأمن عسكريّ بوجود المقاومة. و قد أمّنت هذه المقاومة بمؤازرة الجيش في وقت ليس ببعيد الأمان لكل اللبنانيين من مختلف انتماءاتهم في مواجهة الخطر التكفيري الإرهابي الذي كان يتربّص بهم في الجرود.
و في هذا الصعيد أكّد سالم زهران أن القوى الأمنيّة باتت تجد صعوبة الى حدّ ما في استخدام اّليّاتها و معدّاتها و خاصّة بعد الشحّ في الوقود و التكلفة العالية لإصلاح الأعطال التي قد تصيبها , مما أدّى الى تأجيل محاكمة مايقارب الألفي موقوف لدى القوى الأمنيّة.
و شدّد زهران أنّ كلّ هذه المعطيات تستدعي ثورة و أن لا يفهم كلامه ترهيبا , بل أنّ مجريات الأمور في البلد تستدعي الخوف.
اقرأ ايضا
وزير الصحة اللبناني حمد حسن أوعز بالتحقيق في تزامن ثلاث وفيات في مستشفى سيدة زغرتا
جبران باسيل يتلو الورقة السياسية الصادرة عن المؤتمر الوطني للتيار
قم بكتابة اول تعليق