في القرن الواحد و العشرين، و في خضمّ المناداة بحقوق الإنسان و الحرية و المساواة ، تقبع أكثر الدول تقدماً و حضارةً في أوروبا تحت هاجس حجاب المرأة و التي يعتبر من أبسط الحقوق الانسانية التي يجب مراعاتها كونه لا يمثل أي تهديد أو خطر على سلامة المجتمع و الأفراد.
و في سابقة متخلّفة سمحت محكمة العدل الأوروبية لأصحاب العمل بمنع العاملات عندهم من ارتداء الحجاب في أماكن العمل، و ذلك ردّاً على شكوى تقدمت بها مسلمتان تعيشان في ألمانيا إحداهما موظفة في صيدلية والثانية ممرضة في دار حضانة.
و المحكمة التي تقع في لوكسمبورج قد زعمت بأن “منع ارتداء الحجاب الإسلامي في أماكن العمل ليس تمييزيا”.
وأكدت المحكمة في بيان لها، يوم الجمعة، أنه “على العكس يمكن أن يساعد منع ارتداء الحجاب الإسلامي في منع النزاعات الاجتماعية”.
وقالت إن “حظر ارتداء أي تعبير مرئي عن المعتقدات السياسية أو الفلسفية أو الدينية يمكن تبريره برغبة رب العمل في أن يعكس صورة حياد تجاه العملاء أو يتجنب النزاعات الاجتماعية”.
و لفتت المحكمة الأوروبية إلى أنه سيبقى على رب العمل الفصل في إثبات “الحاجة الحقيقية” للشركة أو المؤسسة في حظره، حيث يجب على صاحب العمل أن يثبت أنها “حاجة حقيقية” على الرغم من قرارها، و أنه بدون هذا الحظر سيكون حياد الشركة موضع تساؤل.
وقالت المحكمة : “من المهم أن يثبت صاحب العمل أنه في حال عدم وجود سياسة الحياد هذه، فإن حريته في اتخاذ قراراته ستتعطل لأنه سيعاني من عواقب سلبية بسبب طبيعة أنشطته أو البيئة التي يمارس نشاطه فيها”.
و في السياق عينه فقد أشعلت قضية ارتداء الحجاب في بلجيكا سجالا سياسيا حادا أجبر رئيس الوزراء على إعطاء توضيحات الإثنين، أمام النواب بشأن أسباب استقالة بلجيكية-مغربية محجّبة و هي إحسان حواش البالغة 36 عاما، من منصب مفوّضة الحكومة لدى هيئة عامة في “معهد المساواة بين النساء والرجال” وهي كانت مكلّفة بالحرص على احترام القانون والمصلحة العامة.
و خلال توضيحها لقرار استقالتها قالت حواش الناشطة في مكافحة التمييز الجنساني (على أساس الجنس) خصوصا في مراكز العمل، إنها أرادت “حماية نفسها من التنمّر عبر الإنترنت” معلنةً أنها تتعرّض لـ”هجمات شخصية” منذ أن أعلن عن اختيارها لتولي هذا المنصب قبل عشرة أسابيع.
و قد انقسم الائتلاف الحكومي، الذي يرأسه ألكسندر دي كرو، حول ما إذا يمكن لمحجّبة ممارسة وظيفة عامة ذات سلطات وتمثيل الدولة التي يتعيّن عليها التزام الحياد في تقاريرها المتعلّقة بالشؤون الدينية.
و دافع رئيس الوزراء بادئ الأمر عن “سيرة ذاتية بغاية المتانة” لحواش ، إلا أن دي كرو شدد على أن الحكومة الاتحادية تحظر على كل الموظفين الذين هم “على تماس مع العامة” ارتداء أي رمز ديني ظاهر، وهو ما لا ينطبق على تولي حواش منصب مفوّضة الحكومة في معهد المساواة بين النساء والرجال.
قم بكتابة اول تعليق